لم يكتف سعادة المدير العام برفض التقنية جملة وتفصيلا بل إنه ذهب إلى أبعد من ذلك..
فأصبح يتحسس من كل إجراء جديد يرتبط بالتقنية، فمعلومات العمل حساسة إلى درجة أنه لا يستأمن عليها الأجهزة التي لا تسمع ولا تتحدث.
وخطابات سعادته عبارة عن شفرات لا يمكن التعبير عنها إلا من خلال قلمه السحري، وأخطائه الإملائية في كل خطاب تمثل إشارات لا يفهمها إلا الأذكياء.
وإجراءات عمله عبارة عن مهام سرية ومعقدة لا يمكن أن تُجسد في نظام تقني.
ويُعتبر عند من رشحه لهذا المكان حادي ركب التطور!!!
إننا في هذا الوقت عندما نتحدث عن التقنية بمفهومها الصحيح فنحن نتحدث عن شريك رئيس في كافة الأعمال الإدارية، فالتقنية في مكتب الرئيس والتقنية في مكتب المدير والموظف وفي مركبة السائق وفي سلاح الخفير وحتى عامل النظافة أصبح لا يستغني عنها، الجميع أسير لهذا القائد الجديد الذي لا يكاد يُقر قرار إلا وتجده شريكا في دعم عملية اتخاذه، ولن يكون رفض الوصاية التي تقوم بها إدارات التقنية على كافة الإدارات في المنشآت العصرية إلا عبارة عن مواقف شخصية مؤقتة تنتهي بانتهاء صاحب هذا الموقف لأي سبب كان، ويعلم التقنيون ذلك جيداً (فمقاومة التغير) أمر مجبول عليه الإنسان منذ خُلق، ولكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح، وأولئك الأشخاص يعلمون في داخلهم أن الانصياع لأمر هذا القائد الجديد أمر لا مناص منه ولا يتطلب فتوى فقهية لكي يتم الاعتماد عليه حتى في أدق القرارات والعمليات في كافة أجهزتنا العامة والخاصة.