استعرضنا في الجزء الأول من هذا الملف عدداً من ألعاب الفيديو التي تحوي حبكات ومشاهد متجاوزة للأعراف الأخلاقية والدينية التي قامت بحظرها الكثير من الدول العالمية المتقدمة منذ سنوات ، لكنها ما زالت تباع هنا في أرض المملكة وتوجد بشكل مشروع وطبيعي بلا قيود إثر الغموض الذي يطوّق معايير الفسح المتبعة من قبل وزارة التجارة ووزارة الثقافة والإعلام.
تناولنا في العدد الماضي 4 ألعاب وهي Grand theft auto وBMX XXX وDavinci Code وThe SiMs2، وأوضحنا بإسهاب نسبي مواطن الخلل فيها وردود الأفعال التي قوبلت بها عطفاً على الجرائم الواقعية التي حدثت على إثرها, بالإضافة إلى إدراج معلومات ميدانية ترتبط بآلية التسويق ومدى الإقبال الشعبي على مثل هذه الألعاب أطلَعَنا عليها مجموعة من العاملين في محلات الألعاب الإلكترونية والحاسب الآلي.
في هذا الجزء نستأنف استعراض المزيد من الألعاب المتداولة محلياً التي لا يعلم الكثير من الوالدين عنها شيئاً.
إجرام ومخدرات ونوادٍ للعري
تعتبر سلسلة ألعاب The Getaway نسخاً بريطانية من ألعاب Grand Theft Auto إذ إن اللاعب يقضي أوقاته في شوارع مدينة لندن الإنجليزية عبر رجلين وامرأة لكل منهم مهامه الخاصة التي يود إنجازها بالشكل المطلوب. وعلى عكس العديد من الألعاب فالشخصيات المذكورة لا تحمل أي نوع من النوايا الإيجابية فالكل منهم يحمل سوابق تتضمن القتل والسرقة. أحد الرجلين يمارس السطو على البنوك بأسلحة ثقيلة والمرأة ليست سوى محتالة تسلك طريقها نحو أهدافها الإجرامية بلا أسلحة.
تم تصنيف هذه اللعبة ضمن فئة الألعاب الإباحية في عدد من الدول وذلك لاحتوائها على صور لنساء في أوضاع مخلة ووجود العديد من نوادي العري المبتذلة في جوانب المدينة التي يمكن للاعب دخولها مباشرة ومشاهدة ما تحويه. كما أنها تستخدم لهجة عامية عنيفة بألفاظ تتضمن إيحاءات جنسية ومصطلحات يتداولها متعاطو ومروجو المخدرات.
الشذوذ والأفكار المسخية
يلاحظ مقتني ألعاب الفيديو أن مراحل تطويرها قد تعدت حدود بناء أدوات التسلية العادية، إذ أصبحت صناعة تنافس صناعة الأفلام السينمائية وتستهدف ذات الجمهور العالمي. وما يؤكد ذلك هو تحويل العديد من ألعاب البلاي ستيشن إلى أفلام تعرض في صالات السينما يلعب أدوار البطولة فيها ممثلون محترفون كما فعلت الممثلة (أنجلينا جولي) حين جسدت شخصية (لارا كروفت) البطلة الخارقة التي تتمتع بالدهاء والقوة والأنوثة في (توم رايدر).
إحدى الألعاب التي يشعر اللاعب فيها وكأنه يتعايش مع عالم مثير يحمل في طياته الكثير من مشاهد الرعب والإثارة غير المتوقعة تحمل اسم Fear Effect.
لقد صُنفت هذه اللعبة التي يستطيع أي شخص الحصول عليها من المتاجر السعودية على أنها تتساوى في محتواها مع الأفلام السينمائية الإباحية الخاصة (بالكبار فقط) ويمكن معرفة السبب عند قراءة المزيد عنها. عندما أتيحت لنا فرصة الإطلاع على مضامين اللعبة التي قامت بتطويرها شركة Kronos وجدنا أنها تحمل حبكة قوية ذات أصول صينية تغري اللاعب بمتابعة الانتقال عبر مراحلها دون الشعور بالملل أو السأم. فجودة المؤثرات الصوتية والجرافيكس عالية نسبياً وطريقة تحاور الشخصيات ترغم اللاعب باستشعار المواقف ومعايشتها على الرغم من كل شيء.
(هانا) هي بطلة الجزء الأول من لعبة (فير إيفيكت) قصة هذه الفتاة هي محور اللعبة إذ تشردت عقب مقتل والديها وأصبحت تتاجر بشرفها تحت إشراف امرأة تدعى (تشين) إلى حين انعتاقها من تلك الوظيفة التي حولتها إلى قاتلة بلا رحمة لا تتطلع إلا إلى إنقاذ بقية الفتيات من هذه المتاجرة السيئة وما يخلفها من آثار وحشية.
خلال رحلة (هانا) في الجزء الأول والثاني يتضح أنها تحولت إلى امرأة لا يمكنها استيعاب ذاكرتها فهي تصاب بحالات من الهذيان العقلي والنفسي ترتبط بمشاهد وأصوات مفاجئة تثير الرعب في نفوس الكبار قبل الصغار, كما أن مهمتها تقتضي مرور اللاعب بمقاطع مطولة ودقيقة للعنف الدموي تفنن المطورون لإظهارها بأبشع الصور التي تصاحب تحول بني البشر إلى مخلوقات مهجنة تسلخ الأجساد وتضرم الحرائق العظيمة وتذيب الناس وتخرق أجسادهم بشكل متكرر للخلاص منهم.
عطفاً على ذلك فإن ماضي (هانا) يوقع ظلاله بشكل متكرر وواضح على مجريات اللعبة عبر إبراز طريقة تفكيرها وتصرفاتها الصارخة في مشاهد جنسية صريحة تظهر خلال مراحل اللعبة (أحدها اتضح بجلاء حين قامت بعمل حركة غير لائقة لبطل آخر لأجل كسب ثقته) هذا عدا علاقتها بزميلتها (راين) في الجزء الثاني إذ تعدت الصداقة لتتبع منعطفاً منحرفاً وتصبح علاقة عاطفية بين امرأتين. بالإضافة إلى كل هذا فإن لهجة الحوار والأغاني المصاحبة لا تقف عند أي حد وتستخدم جميع المصطلحات .
معايشة حياة القتلة المأجورين
تصنف مجموعة ألعاب Hitman ضمن أعنف الألعاب الدموية إذ بُنيت حبكتها على قصة قاتل مأجور يبرم عقوداً إجرامية بهدف التخلص من بعض الأفراد مقابل مبلغ من المال يتفق عليه الطرفان.
أحد المشاهد - كما وصفه متابع أمريكي- يُظهر جثة مشوهة لفتاة مراهقة ملفوفة بكيس بلاستيكي ومعلقة بشكل مقلوب في سقف مسلخ يوجد على جداره صورة لتلك الفتاة مكتوب عليها بدمها شتيمة قوية. يمكن للاعب مشاهدة يدها المقطوعة أسفل جثتها الملطخة بالدماء كما يمكنه ملاحظة تحركات قاتلها المهووس الذي يثرثر على إيقاع نغمات أغنية (حقيقية).
يوجد في نفس تلك المرحلة مناظر فاسدة ومرضية يقوم بها مجموعة من الأشخاص الذين يرتدون أقنعة جلدية ويلتفون حول جثث الحيوانات الدامية وهياكلها.
هنا تتضح أهداف هذا القاتل المأجور إذ يجب عليه قتل هذا المهووس بالاتفاق مع والد الفتاة وتجميع أشلائها لإعادتها إلى والدها. وفي مراحل أخرى يتحتم عليه قتل المزيد من الأشخاص مثل السفراء أو الممثلين أو قواد العصابات في جو لا يخلو من المناظر غير اللائقة وتعاطي الكحول والمخدرات واستخدام الألفاظ الفاضحة.
وقد كانت آخر القضايا المتعلقة بهذه اللعبة التي أثارت ردود فعل متباينة هي تلك المتعلقة بتصميم الملصق الإعلاني للنسخة الأخيرة من اللعبة الذي رفع شعار (أعدم بشكل جميل). فقد كان الملصق الذي وزع في شهر إبريل من العام الماضي 2006 يظهر صورة حقيقية لامرأة مقتولة برصاصة في الرأس وهي في كامل زينتها ونصف لباسها راقدة على فراش حريري. اعتبرها البعض آنذاك دعوة إلى شراء لعبة تحرض على القتل بعد الاغتصاب، بينما أكد آخرون على أنها صورة تثير الاشمئزاز ولم يخف البقية رأيهم بأن تلك الصورة متجاوزة لجميع أعراف التسلية على الرغم من اقتناعهم بحرفية التصميم.
السوداوية والانحلال
تفاصيل اللعبة
في لعبة Rule of Rose يجد اللاعب نفسه مجسداً لشخصية شابة يوقعها حظها السيئ في براثن عالم غريب تحكمه الفتيات الصغار فقط, وذلك بعد زمن وجيز من وفاة والديها.
خلال مراحل اللعبة تحاول هذه الشابة الخروج من ذلك المكان عبر حل الألغاز وتقديم الأشياء المطلوبة منها للأميرات الصغيرات والعفاريت والأطفال الذين يحاولون إخافتها وإيذاءها بكل الطرق, ولا يمكنها الدفاع عن نفسها وكلبها الذي يتبعها بعد إنقاذها له عند مواجهة الأعداء إلا بالأسلحة البيضاء والأدوات المتناثرة.
تتضمن لعبة الفيديو هذه على بعض المشاهد غير المقبولة في العرف العالمي عموماً. أحدها يكمن في العلاقة التي تربط شخصيتين وهما (السيد هوفمان) مدير مدرسة الأيتام في حديقة الورود والطفلة(كلارا), إذ يبدو هوفمان كرجل مستهتر عنيف يعامل كلارا بشكل وحشي عبر اغتصابها وإجبارها على ما لا تريد. ففي احدى المراحل تحديداً، تظهر كلارا المذعورة وهي معلقة في السقف بعد ربط ساقيها بشكل أشبه بزعنفة حورية الماء. عطفاً على ذلك، تلك الإيحاءات العاطفية بين الفتيات والمشاهد التي توحي بقرب تبادل القبلات غير البريئة بين فتاتين. هذا عدا الأخطار التي تحيط ببطلة اللعبة (جينيفر) عند محاولة البعض إهانتها عبر التحرش بها وجلدها في جو يكتنفه الغموض الشبحي والظلام الدامس. بالإضافة إلى تقييدها وحبسها في إحدى الغرف القذرة وتعذيبها حد وأدها حية تحت الأرض.
ردود الأفعال
لم تسلم لعبة (رول أوف روز) من الانتقادات العالمية اللاذعة فقد تجاوز الرفض المواطنين ووصل إلى الاحتجاجات الدبلوماسية. ففي إيطاليا - على سبيل المثال - خرج محافظ العاصمة الإيطالية روما (والتر فينتروني) بتصريح يرفض من خلاله دخول هذه اللعبة إلى المنازل الإيطالية مهما كانت الظروف، وقد دعمته في ذلك شركة سوني الأوروبية بشكل صريح مضيفة بأن اللعبة (لا تتناسب مع الشعب الإيطالي والأوروبي بسبب محتواها). ولم يكن موقف وزارة التعليم البولندية ووزير العدل في الاتحاد الأوروبية مختلفاً، إذ وصف فرانكو فراتيني مضمونها بال (فاحش) موجها خطابات بشأن ذلك إلى الحكومات الأوروبية مطالباً إياها في طيّه بالتشديد على الألعاب الممجدة للعنف المبالغ فيه بحسب رواية البي بي سي.
ونتيجة لتلك الاحتجاجات قامت الشركة اليابانية الناشرة بإلغاء خطة توزيعها التي كانت تستهدف المملكة المتحدة وبعض الدول الأخرى. كما كان لاستراليا الكلمة الفاصلة بشأن توزيعها في أرضيها وذلك عند الإعلان الرسمي لحظرها من الدخول عام 2006.
الماسوشية بنسختها الإلكترونية
لو كانت هناك جائزة تمنح لأكثر الشركات جرأة في تطوير ألعاب العنف الدموي وانتهاك الشرف لمنحت باقتدار لشركة (روكستار نورث) الأسكتلندية المركز. فقد أثارت الجلبة مرتين - على الأقل - في أنحاء العالم إثر تطويرها للعبتي Grand Theft Auto، التي سبق وأن ألقينا نظرة عامة على محتواها في العدد الماضي، ولعبة Manhunt التي سنسلط قليلاً من الضوء على محتواها.
لم يكن الجدل المثار حول هذه اللعبة مبالغاً فيه فالمطلع على مضامينها يعلم بأن المآخذ عليها لا تعتمد على حبكتها بقدر الأسلوب المتبع للوصول إلى مراحلها الأخيرة.
فعلى اللاعب قتل كل عنصر بشري يواجهه بشكل وحشي وهدر دمه بلا رحمة. وكل ما كانت طريقة القتل أعنف وأقسى كلما زادت نقاط اللاعب التي يحتاج إليها لإتمام المراحل وهذه الطرق تتفاوت ما بين قطع الرأس وسحقه بعتله وغيرها. كما أن الأسلحة تتباين من الزجاج المكسور والأسلاك الخانقة إلى المسدسات والرشاشات بأنواعها المختلفة. ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فالصورة تقترب لتوضح كل تفاصيل الضحية لحظة منازعة الموت، فمثلاً يمكنك مشاهدة فمه وهو يحاول باستماتة التنفس عبر الكيس البلاستيكي الذي قام اللاعب بلفه حول رأسه، إضافة إلى مشاهدة لترات الدماء وهي تتدفق من أعضائه المبتورة.
تم حظر هذه اللعبة في كل من استراليا ونيوزيلندا وألمانيا لثقة المسؤولين هناك بأنها ليست إلا أداة إلكترونية أخرى تسهم في رفع نسبة الجريمة بأبشع صورها.
نسبة وجود هذه الألعاب
في السوق السعودية
يمكن للجميع الحصول على كل هذه الألعاب من أي متجر محلي لبيع الإلكترونيات مهما اختلفت الأعمار أو درجة الإدراك. ولن يبذل الشخص العادي أي جهد في اقتناء أي منها إلا في حال دخوله متجراً لبيع ألعاب التسلية الإلكترونية باستثناء ال PC أو العكس ما عدا لعبة Left Behind التي لم يتم تصديرها إلى المملكة لحداثة نزولها في السوق الإلكتروني الأمريكي. يقول الأستاذ محمود - مدير أحد أكبر المعارض في شمال الرياض - إن معرضه بدأ باستبدال البضائع القديمة بنظيرتها الجديدة التي تعمل على أجهزة بلاي ستيشن 3 ونينتيندو وي الحديثة. وبناءً على ما قاله فإن أغلبية الألعاب التي قمنا باستعراضها ستودع المخازن بعد أكثر من خمسة أعوام من الاتجار بها وذلك يعني أن معظم المنازل لابد وأن تحوي لعبة واحدة على الأقل من الألعاب المخالفة !