النهار والليل في يومنا الذي نعيشه يشبهان إلى حد ما الحلم والواقع.. ففي النهار: نمارس حياتنا العملية، ونعيش فصولها الواقعية، حلوها ومرها.. وفي الليل نغط في سبات عميق قد تحلق بنا رومانسيته في فضاءات أحلام جميلة وقد تقض مضاجعنا كوابيسه وأحلامه المرعبة.
فكأن النهار يقابله الواقع.. والليل يقابله الحلم أو الأحلام.
وقد لا يكون هذا الشيء هو وحده وجه الشبه بينها.. فالليل في الشتاء يأخذ من ساعات النهار.
يبدو لحكمة إلهية لكي نأوي إلى بيوتنا مبكرين لننعم بالدفء، في أيام الصيف تمتد ساعات النهار إلى وقت أطول حيث دفء الشواطئ وليالي السمر والسهرات الجميلة.
كذلك الحلم قد يأخذ من الواقع، كما يأخذ الليل من ساعات النهار. وأيضا الواقع قد يأخذ من الأحلام كما يأخذ النهار من ساعات الليل. والمسألة ببساطة حتى لا نلج في متاهات فلسفية هي كالآتي: - بعض الأحلام يمكن أن تتحول إلى واقع.. نعيشه ونحياه.. فما كان يعد أضغاث أحلام في الماضي أو حلم ضبعة كما يقول البعض منا أصبح واقعاً معاشاً هذه الأيام، أشياء لا حصر لها. بدءاً من وسائل الاتصالات الحديثة وانتهاء بتقنية المعلومات.. حتى ذهب البعض إلى تشبيه ما يشهده عصرنا ب: تسونامي معلوماتية أو تقنية في مجال تسارع الأحداث بشكل ربما يفوق التوقعات.
إذا قد يلتهم الواقع مساحات شاسعة من مساحة الأحلام ليحيلها إلى واقع ملموس.. تماماً كاستصلاح الأرض البور أو تخضير الفيافي والقفار.
لكن قد يسأل سائل: وكيف ستأخذ الأحلام من الواقع؟ هنا المسألة ببساطة أشبه بسيارة تسير في الاتجاه المعاكس لاتجاه حركة سير المركبات، حتى لكأن المسألة تبدو حلماً لمجافاتها الواقع مثل آخر، الواقع يقول إن الكلب (أجاركم الله) هو الذي يعض الإنسان، وشيء طبيعي وغير مستغرب فهذا واقع، لكن قد يتحول الواقع إلى أحلام حين يبادر إنسان ويعض كلباً!! عندها يكون الأمر أشبه بالحلم.. أفلام ومسلسلات كثيرة كنا نتابعها وننقدها بشدة لأنها تبدو من وجهة نظرنا غير واقعية لكنها عند آخرين قد تبدو أقل من واقعهم المر الذي يعيشونه. نعم عندما يكون عندنا ليل يعتقد الأطفال أن الشمس قد غربت عن كل أطفال العالم وأنهم يستمعون إلى قصص جداتهم مثلهم ولا أحد منهم يصدق أنه في مكان آخر من العالم هنالك أطفال استيقظوا للتو من نومهم ويتأهبون للذهاب إلى المدرسة.!!!
في هذه الزاوية وفي الأعداد القادمة إن شاء الله سنتناول مقتطفات لأحلام.. قد يسترعي طرحها انتباه موهوب يجسدها واقعاً.
وإذا حلمنا ذات يوم في شيء وتبين أنه واقع وليس حلماً.. فليعذرنا أصحاب الاختصاص، فنحن وأمثالنا وكثيرون في هذا العالم من أدعياء العلم والمعرفة من عنانا الشاعر بقوله:
فقل لمن يدعي في العلم فلسفة
حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء
* عضو الاتحاد العام للصحفيين العرب