نظرة في المصطلح !
|
الثقافة كما في (لسان العرب) مصدر يدل على سرعة التعلّم والحذق فيه والفطنة والذكاء، ويدل على معانٍ أخرى لا تعنينا في هذا المقام.
فالثقافة إذن تعني - فيما تعنيه - الإحاطة بالشيء فهماً وعلماً.
والملاحظ في زمننا الحاضر أن هذا المصطلح اقتصر إطلاقة على فئة معينة من فئات المثقفين الذين يسعهم هذا المصطلح جميعاً في فنائه الواسع.
فأصبحنا لا نسمع ولا نرى هذا المصطلح يطلق إلا على فئة الأدباء والكتَّاب، والمتحدثين في الشؤون السياسية والاجتماعية.
ولا أدل على ذلك من أن تطالع الصفحات الثقافية في صحفنا ومجلاتنا ليظهر لك بجلاء أنه تم قصر الثقافة على من سبق ذكرهم دون غيرهم.
وهؤلاء وإن كنا لا نستطيع سلبهم هذا المصطلح، إلا أننا في الوقت نفسه نتساءل عن سر قصر هذا المصطلح عليهم دون سواهم من أصحاب العلم والمعرفة في شتى جوانبهما المتعددة.
إن الثقافة بمعناها المطلق يصح إطلاقها على الفقيه، والأصولي، والمفسّر، والمحدّث، واللغوي، والأديب، والكاتب، والعالم الذي حذق فنه واتسم بالفطنة والذكاء والمعرفة، والطبيب المتمكن، والمهندس المبدع، وغيرهم كثير في شتى جوانب المعرفة والإبداع.
وحيث كان الامر كذلك فقد يرد هذا التساؤل: ما بال الثقافة كمصطلح اصبحت لا تطلق إلا على محاضرات الأدباء والكتّاب، والمثقف هو الأديب والكاتب فحسب؟
لذا أرى أنه لا بدَّ من توضيح سمة هذا المصطلح وشموله لأرباب الفكر والعلم بشتى ضروبه وأنواعه، حتى تزول تلك الرؤية الضيقة عن هذا المصطلح المحبّب، والذي يُعدُّ بحقٍ حقاً لكل من رزقه الله معرفةً وفطنةً وعلماً وذكاءً. ولتكن هذه الإشاعة لسعة مصطلح (الثقافة للجميع) متاحةً لنشئنا وشبابنا، حتى تزول الفكرة السائدة منذ وقت ليس بالقصير.
فأنا أقولها بصدق: لقد نشأنا في السنوات الماضية على ترسيخ مفهوم الثقافة ليكون مختصاً بالأدباء والكتّاب ومن يعرف شيئاً ولو قليلاً عمّا يدور في العالم من أحداث سياسية واجتماعية.
وأخيراً فهذه مجرد خاطرة، لعلها تفتح باباً منسياً في تسليط الضوء على بعض المصطلحات التي أصبحت تطلق على غير أهلها، أو تلك التي عُرفت ببعض أفرادها دون البقية من أصحاب الحق فيها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الهليل
وكيل كلية أصول الدين
أمين الجمعية العلمية السعودية للسُّنّة وعلومها
dr33ah@maktoob.com
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|