ثريا العريض: حققت خصوصية الزمن الذي جئت فيه
|
جدة - منى الشريف:
ولدت الدكتورة ثريا العريض في المنامة بالبحرين، وحصلت على شهادة الماجستير في إدارة المؤسسات التربوية العليا من الجامعة الأمريكية في بيروت، ثم على شهادة الدكتوراه من الولايات المتحدة في التخطيط التربوي والإدارة من جامعة (نورث كارولين) في شابل هيل.
نالت الكثير من جوائز التفوق الدراسي خلال مراحل الدراسة المختلفة.
تعمل حاليا مستشارة بشركة أرامكو السعودية، وتواصل اهتماماتها الشخصية مهنيا بمجال التربية والتعليم، وعربيا بدور المثقف في تطورات المنطقة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا، ومحليا بدور المرأة في التنمية والتغيير الاجتماعي، وموقعها من الخطط والسياسات التنموية العليا.
ولها مشاركات في كثير من المؤتمرات العربية والإقليمية فيما يتعلق بذلك. وتحلم بدور إيجابي رائد محليا وكونيا للمرأة العربية.
تشارك بصورة جادة في الصحافة العربية والإعلام العربي في الخارج، ولها زوايا صحفية عدة مستمرة منذ سنوات عدة أشهرها (بيننا كلمة) اليومية في صحف السعودية، و(مدى) الأسبوعية في صحيفة الحياة تتناول فيها قضايا الساعة في الساحة العربية والعالمية.
شاركت في كثير من الملتقيات العالمية والمؤتمرات المتخصصة في شؤون منطقة الخليج، كما قدمت في الوطن العربي وخارجه محاضرات متعمقة عن تفاعلات الساحة الثقافية والاجتماعية في الخليج.
وهي عضو في اللجنة الاستشارية لمؤسسة الفكر العربي، وجمعية العلاقات العامة العالمية، والجمعية العربية لتنمية الموارد البشرية، وجمعية الثقافة والفنون العربية السعودية، والجمعية العربية السعودية لعلوم الاتصال، واللجنة السعودية لتطوير التجارة الدولية.
لها ثلاثة دواوين شعرية وترجمت قصائدها إلى عدد من اللغات الأجنبية منها الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية، واختيرت نماذج من شعرها في مختارات عدة من الشعر العربي الحديث، وتناول النقاد شعرها في دراسات متعمقة ومستفيضة.
أقيمت لها أمسيات شعرية في كثير من الحواضر العربية والأجنبية منها لندن وكيب تاون بجنوب إفريقيا وسيدني باستراليا وزيورخ بسويسرا، واستضيفت عربيا في المهرجانات الثقافية، منها معرض الكتاب في القاهرة، ومهرجان القرين في الكويت، وملتقى الشاعرات العربيات بتونس، والموسم الثقافي بالنادي الثقافي بمسقط عمان وملتقى المبدعات الخليجيات بالشارقة، ومهرجان الشعر الخليجي الثالث بالبحرين، ومهرجان الجنادرية في الرياض ومهرجان أبها الثقافي ومهرجان جدة. قدمتها الفضائيات والإذاعات العربية والعالمية في لقاءات مطولة تناولت فيها سيرتها الأدبية والفكرية.
* الدكتورة ثريا العريض.. ماذا عن حياتك الأسرية وممّ تتكون وكيف ينظر إليك أفراد أسرتك؟
- حياتي تفيض بالنشاط، وأجمل جانب فيها أنها ليست تقليدية العلاقات. تزوجت زميلي في الدراسة الجامعية ببيروت وواصلنا الدراسات العليا في الولايات المتحدة سويا حتى شهادة الدكتوراه، هو في الجيولوجيا وأنا في التخطيط التربوي. بعد عودتنا بدأ مشروع الاستقرار الأسري والأطفال والوظيفة. كلانا ناجح ومعروف في عمله ومجال تخصصه، ويربطنا ببعض الود والاحترام والدعم الصادق. لا أستطيع أن أجزم كيف ينظر إليّ أفراد أسرتي سوى تأكدي أن حبي لهم لا بد أن يجد انعكاسه في حبهم لي، وأتصور أن التقدير والرضا متبادل بيننا.. منذ البدء دائما مصلحة الأطفال أهم ما نتفق عليه من حيث كونهم أهم أولوية في حياتنا. أسرتي الحميمة تضمني وزوجي الدكتور عبد الله الدباغ وولدي هاشم وبناتي الثلاث مي ونور وليلى، كلهم يتابعون الدراسة في جامعات عريقة.
* الدكتورة ثريا هل لنا أن نعرف نشأتها الأسرية؟
- ولدت في البحرين ونشأت فيها وتلقيت دراستي الأولية ولي فيها جذور راسخة أعتز بها.
أنا الابنة السادسة للأديب الشاعر إبراهيم العريض رحمه الله، وأمي هي ابنة عمه ولي ست شقيقات وشقيق واحد، والكثير من أبناء وبنات العمومة والخؤولة كونوا نواة صداقاتي الحميمة في طفولتي. عائلة العريض أصولها من العارض في شمال المدينة المنورة، ولها فروع في شتى مناطق الخليج، وقد برز أفراد منها في مجالات الدين والعلم والأدب والفن والتجارة. والدي معروف عربيا وعالميا كشاعر الخليج، وقد ترأس المجلس التأسيسي الذي وضع صيغة الدستور الأول في البحرين. ربانا والدي على احترام الآخرين وتقبلهم باختلافاتهم وتقدير قدرات الفرد بغض النظر عن التفاصيل الأخرى، وقد رعى مواهبنا وشجعنا على المشاركة والمسؤولية.
* كيف كان مشوار البداية وهل كان صعبا؟
- لم أجد صعوبات غير عادية أثناء مرحلة الدراسة والتخصص، بل على العكس كنت متفوقة جدا ونلت الكثير من جوائز التفوق والتكريم في كل مراحل الدراسة، وقد حصلت على بعثة لإتمام الدراسة الجامعية في بيروت ونلت شهادة البكالوريوس من كلية بيروت للبنات والماجستير من الجامعة الأمريكية، ثم تابعت حتى تخرجت بشهادة الدكتوراه في الإدارة والتخطيط التربوي من الولايات المتحدة الأمريكية. بعد التخرج والعودة إلى الظهران في المملكة العربية السعودية انضممت إلى شركة أرامكو كمستشارة في إدارة التخطيط العام. وجدت العمل متوائما مع ميولي الذاتية ومهارات تخصصي المهني.
* عمل سيدة (سعودية) كمستشارة للإدارة بشركة معروفة كأرامكو من الوظائف النادرة.. فكيف وصلت إلى هذا المركز وماذا تخلل هذا المشوار من صعوبات؟
- في الحقيقة عينت أولا في جامعة الملك فيصل، وبعد إتمام إجراءات تعييني قررت أن أخرج عن المعتاد من حملة الدكتوراه وأن أعمل في القطاع الخاص. كان تخصصي في التخطيط مناسبا لمتطلبات الوظيفة في هذا المجال وكذلك اتقاني للغتين العربية والإنجليزية والمهارات الإحصائية والتحليلية المطلوبة في التقديرات المستقبلية والدراسات. لم يكن هناك مصاعب من حيث العمل سوى تلك المتعلقة بتحويل الطاقات العاملة إلى أغلبية سعودية خاصة في الوظائف المهنية التخصصية. وأعتقد أن وجودي كأول سعودية في الإدارة كان يعكس مبكرا التوجهات القادمة للوطن كله من حيث السعودة وتفعيل طاقات المرأة المؤهلة. أرامكو كانت وما زالت رائدة في مجال التدريب والتأهيل والتوظيف للسعوديين. ربما كانت الصعوبة التي واجهتها هي موازنة الدوام اليومي الطويل في الشركة مع متطلبات العائلة، حيث كانت بدايتي في الوظيفة هي فترة تأسيس الأسرة وولادة صغاري وإصراري أن أشرف على تربيتهم بنفسي مطبقة كل ما تعلمته في تخصصي التربوي. ما زلت أعمل في أرامكو وأعتز بتجربتي فيها. أحيانا أشعر أنها العائلة الكبرى التي عوضت فيها بعدي عن عائلتي الأساسية.
* وكيف تصفين شعورك وأنت من النساء القلائل في هذا المجال؟
- أعتقد أنني حققت كل ما أستطيع تحقيقه في خصوصية الزمن الذي جئت فيه.
لو جئت في زمن لاحق مثل الفترة الراهنة لربما كانت مسيرتي المهنية أسهل مما عشته فعلا وأكثر مكافأة لجهودي. مرحلة الثمانينات كانت مبكرة في تاريخ عمل المرأة في المملكة ككل. ومرحلة التسعينات كانت مرحلة عودة إلى التقليدية والتوجس من مشاركة المرأة؛ لهذا أجزم بأنني ربما لو كنت رجلا لوصلت إلى مناصب أعلى في الشركة. ولكن المحيط الذي كان يفرض ضغوطه، وما زال، لم يكن يشجع أن تصل المرأة إلى ما يقدم للرجل من فرص في مجالات العمل. رغم هذا فأنا فخورة بتخصصي وعملي المهني وما حققته في الوظيفة وخارجها.
* ما أبرز القضايا التي تشغلك كمفكرة وما أبرز القضايا التي تسلطين الضوء عليها ككاتبة؟
- القضايا التي شغلت بالي كانت دائما من وحي شؤون وشجون الساعة. أهم القضايا التي شغلتني في البداية كانت توعية المجتمع لأهمية تنشئة الطفل ودور المرأة في التنمية الشاملة. في الثمانينات مع حرب الخليج أصبحت التداخلات السياسية في المنطقة وتأثيرها على مستقبلنا اقتصاديا واجتماعيا تثير تخوفي وتشدني إلى المتابعة والدراسة لظواهرها. اهتمامي بالتنمية المستدامة وإيجابية التوجه للمستقبل يأتي دائما في المقدمة.
* من خلال نشاطك في محاربة العنف والجريمة هل تعتقدين بأن البطالة لها دور في انتشار الجريمة بين الفئة الشباب؟
- أجل.. تنامي نسبة الفئة الشبابية غير القادرة على إعالة نفسها لأكثر من نصف السكان المواطنين يضاعف ضغوط الفقر والعوز على الأسر. كذلك هناك دور كبير يلعبه الفراغ الثقافي والترفيهي واحتياج المجتمع إلى وسائل الترفيه المناسبة لكل الأعمار. الشعور بالفراغ والإحباط يولد الغضب ضد النفس وضد الآخرين.. كل هذا يصعد معدلات الجريمة.
بالإضافة إلى أن هناك تأثيرا غير مباشر في تصاعدها وهو التيارات المتشددة التي تجعل العنف طريقة مقبولة للتعامل وتحلل مبدأ (الغاية تبرر الوسيلة).
* هل ساحة الأعمال أصبحت ميسرة وسهلة أمام سيدات الأعمال اليوم؟
- التوجهات القائمة تحاول أن تجعل الساحة ميسرة أمام الجميع. بالنسبة إلى سيدات الأعمال ما زال هناك الكثير مما يتوجب التوجه إليه لتسهيل مجال المشاركة أمامهن، والمؤشرات واعدة بالأحسن، ولكن الكثيرات يشتكين من البطء في تفعيل القرارات الجديدة.
* ما اسم أول ديوان قمت بإصداره؟ وهل أنت بصدد إصدار ديوان رابع؟
- أول ديوان طبعته هو (عبور القفار فرادى)، ويتناول غربة المرء وسط زحمة الملايين، وكأننا نسير منفردين في صحراء قاتلة. لدي غير الدواوين الثلاثة التي نشرتها ديوانان مجازان للطباعة والنشر، ولكني أحتاج إلى الوقت لكي أتفرغ لإتمام ذلك.
* هل كانت لك قدوة في مسيرتك أو مثل أعلى؟ مَنْ هو أو مَنْ هي؟
- كثيرون وكثيرات أعجبت بشيء ما في المسيرة التي اتبعوها والمنجزات التي حققوها.
* ما مقومات سيدة الأعمال الناجحة من وجهة نظرك؟
- هي التي تملك الثقة بقدراتها بواقعية ونضج، ولديها المهارات المتخصصة التي تمكنها من تفهم مجال عملها، والوعي بأن العمل هو بهدف أن تكون حياتها أفضل؛ فنحن نعمل لنعيش ولا نعيش لكي نعمل فقط.
* متى نستطيع أن نلقب المرأة بسيدة أعمال؟
- ليس المهم ماذا نسميها. المهم هو ماذا يمكنها أن تحقق لنفسها ولغيرها. فالتركيز لا يجب أن يكون على المسميات والألقاب والأفراد، بل على المسيرة ككل.
* هل هناك نية تبادل خبرات الأعمال مع سيدات الأعمال الخليجيات؟
- هذا قد بدأ فعلا على مستويات رسمية ومهنية وفردية وفي تخصصات متعددة. تجمعات نساء الأعمال موجودة في كل منطقة، والعمل قائم على توضيح علاقتها بغرف الصناعة والتجارة المحلية والإقليمية بما في ذلك هيئات نساء الأعمال في الدول المجاورة والصديقة.
أنا على تواصل مع سيدات أعمال خليجيات وعربيات ومن الدول الأخرى.
* هل مجتمع المرأة السعودية يخطو بشكل سريع نحو التطور؟
- المجالات أمام مشاركة المرأة تنفتح بتسارع ملحوظ وعليها هي أن تثبت قدرتها على العمل والمشاركة والعطاء.
* ما رؤيتك المستقبلية للمرأة السعودية في مجال المال والأعمال؟
- رؤيتي لها متفائلة في أي مجال تطرقه إذا تسهلت السبل واستجدت الإجراءات التي تزيح العراقيل المجتمعية من طريقها. المرأة السعودية لا تقل قدرة في استعدادها الطبيعي للإنتاج والنجاح عن غيرها من النساء والرجال. ويبقى أن يتقبل المجتمع رغبتها في المشاركة وقدرتها على التجربة والنجاح.
* كيف تصفين نظرة رجل الأعمال لسيدة الأعمال اليوم؟
- لا أحب التعميم، حيث لا يمكن أن تنطبق صفة أو تصنيف على الكل. بالتأكيد هناك مواقف مختلفة باختلاف الأفراد في مواقعهم وخلفياتهم الثقافية والشخصية والمجتمعية. هناك من يتحمسون لدخول المرأة في مجال الأعمال على قدم المساواة والتنافس، وهناك من يرفضون، وهناك من يتوجسون مع إمكانية أن يغيروا رأيهم ويتقبلوا التطور مع تغير الأوضاع السائدة. وهناك من سيظل لا يراها إلا جسدا يجب تغطيته مهما جمعت من خبرة ونجاح في مجال تخصصها أو عملها. عموما أتفاءل بأن التوجه العام وعلى النطاق الرسمي إيجابي ومشجع.
* ما أبرز القضايا التي تشغل الدكتورة ثريا العريض.. (اقتصادية، إنسانية، عملية)؟
- قضايا كثيرة تشغل بالي أهمها أوضاعنا الاقتصادية في منطقة الخليج ككل وموقعنا مستقبليا مقارنة بتطورات الاقتصاد العالمي. هل ما نراه من النمو المحلي الراهن فقاعة مؤقتة أم هو بناء دائم موعود بالاستقرار والنمو؟. واجتماعيا أراقب تطور الأوضاع فيما يختص بتفعيل دور المرأة وتوفير متطلبات نجاحها في المشاركة مثل تعديل الإجراءات الرسمية وتوفير برامج التدريب والتأهيل والتخصص، بالإضافة إلى توعية المجتمع لتسهيل استيعاب طاقات المرأة في المعادلة الاقتصادية والتنموية. إنسانيا تخيفني ظاهرة العنف والجريمة التي كانت نادرة في مجتمعنا الخاص حتى وقت قريب فأصبحت تواجهنا كل يوم، منا تجاه الغير ومنا تجاه أنفسنا، ومن الغير تجاهنا. أما القضايا العملية فهي الإشراف على بناء منزل العمر في وقت محدود مقتطع بين دوام الوظيفة ومشاركتي في أنشطة البناء الاجتماعي والوطني داخل وخارج الحدود.
* لو وجهت رسالة إلى مسؤول لمن ستوجهينها وماذا ستقولين له من خلال الرسالة؟
- الرسالة أوجهها ليس لشخص فرد، بل لكل أعضاء مجلس الوزراء ومجلس الشورى، أذكرهم فيها بأن كل خطوة تقدم وتطور وإصلاح جذري تم في تاريخ المملكة تمت بقرار جريء وقاطع للجدل يتيح لوجهة التطور أن تتحدد وتعلن بصورة مباشرة وواضحة لكل من يرغب بحيث لا يقيد خيار الأغلبية من باب سد الذرائع أو وجهة السرب، وفي ذات الوقت يترك للأفراد الحرية الفردية في تصرفاتهم وخياراتهم الشخصية فقط. لقد تم نشر التعليم العام وتعليم المرأة، من هذا المنطلق وبنفس التوجه السليم يمكن أن تعالج أمور مستجدة، الآن لا بد أن يبت فيها بما يتوافق مع طبيعة ومتطلبات المرحلة مثل عمل المرأة وقيادتها السيارة.
* لو طلبت منك أن توجهي سؤالا إلى الدكتورة ثريا العريض فماذا ستسألينها وما الجواب؟
- أسألها: حتى متى يظل الوطن سيد الأحلام والقلب أغنية له في السر والعلن؟
* هل ندمت على شيء ما؟ ما هو؟
- ندمت على أنني أعطيت ثقتي لمن لا يستحقها وكررت هذا الخطأ مئات المرات.
* ما أكثر شيء يشعرك بالفخر؟
- كوني ابنة أبوي ورفيقة درب زوجي وأم أبنائي وكلمة حق تدافع عن مصداقية انتمائي.
* ماذا تقولين في الصحافة السعودية النسائية؟
- إنجازات فردية تستحق التقدير في ظل الأوضاع والظروف والضغوط التي تتحكم فيها. ويستحق التقدير أيضا من يدعمها ويضيء المتميز بينها. وفقنا الله جميعا وحقق من أحلامنا ما لا يضر بغيرنا.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|