كيف هي مسؤولية المثقف؟!
محمد بن أحمد الشدي
|
لا شك أن تأثير الأحداث الراهنة على اتجاهات المثقف السعودي ستكون واضحة وفاعلة.. إن الواقع العربي والإسلامي يمر منذ فترة طويلة بمحنة كبيرة تمثلت في احتلال الكثير من بلدانه من قبل المستعمر، ثم تتابعت المؤامرات التي تحاك ضده من الغرب والشرق على حد سواء، وارتفعت حدة هذه المؤامرات بتواطؤ القوى العظمى ضد قضاياهم المصيرية، وخاصة قضيتي فلسطين والعراق.
- وقد صاحب هذا الواقع تطور علمي وتقني لدى الكثير من دول الغرب والشرق، وخاصة في مجال الاتصالات ونقل المعلومات والشيوع الإعلامي والفكري مما أبهر بعض المتعلمين والمفكرين العرب خاصة الذين أتيحت لهم فرصة الدراسة في الجامعات الأوروبية والأمريكية!
- وقد كان لهذا الانبهار أثره الفكري السلبي حتى وصل الأمر لدى البعض بالتشكيك في ثوابت الأمة، وتأتي هذه التبعية بسبب قلة المعلومات الصادقة المتوفرة لدى المفكر العربي بوجه عام تجاه قضايا أمته، مما جعل هؤلاء الجمهرة المثقفة لا يقفون موقفا موحدا من قضايا عصرهم الكبرى.
- كما ظهرت في الوطن العربي في فترة مضت - فئات وإن كانت قليلة جدا تمجد المجتمعات الشيوعية والاشتراكية، وهو المعسكر المضاد للمعسكر الغربي ويرون في نهجه سبيلا أمثل لرفاهية الشعوب وحياتها، ولم يسلم مجتمعنا العربي من التأثر بها أيضا.
- ولم يسلم المثقف السعودي من هذا التأثر، وإن كان على درجة قد تكون أقل بسبب التماسك العام للمجتمع السعودي ورفضه لكل الطروحات التي تنال من عقيدته ومثله وأخلاقياته.
- ومع ذلك كله وجد في المجتمع السعودي من ينافح عن مواقف الغرب وعاداتهم وتقاليدهم، ويصفها بأنها هي السبب الرئيس لما يحظون به من تقدم تقني وحضاري، وظل يدافع عن هذه الرؤية، ويعتبر نظام الغرب ومظاهره هي الطريق الموصل للخلاص مما يعانيه المجتمع العربي من تخلف وعدم انضباط.
- ورويدا رويدا بدأت تتحطم في نفوس البعض الهياكل والأهرامات المقامة للحضارة الغربية والشرقية على حد سواء.
- وكان المثقف السعودي من أكثر المثقفين العرب تأثرا بالأحداث التي مرت على أمته العربية وهو يعيش واقعها المؤلم ليل نهار، ويعبر ويصرخ بشتى الوسائل الممكنة شعرا ونثرا قصة ومقالا مستنكرا الظلم والأذى الذي لحق ويلحق بأمته، وينال من عقيدتها ومثلها وأمنها وبنيتها ومصادر دخلها ووسائل عيشها وجوانب حياتها المختلفة.
- والمثقف السعودي كغيره محبط مما رآه ويراه من تكالب الأعداء على أمته وتخاذل أمته نفسها في الدفاع عن حقوقها والقيام بواجباتها، ولكنه غير مستسلم لواقعه، يكافح، يدافع يبذل كل ما أوتي من جهد لتبصير أمته بأسباب ضعفها، ومكامن قوتها ووسائل الخروج من هذه النكبات التي تحل بها أحيانا من أعدائها وأخرى من بني جلدتها.
- وقد حصل تلاحم كبير وواضح في المواقف وانقشعت عن البعض تلك الضبابيات والأوهام التي كان يحملها عن مصداقية بعض الدول ونظرتها للشعوب الأخرى، وكيفية تفسيرها لحقوق الإنسان حسب هواها.
- المثقف السعودي عربي - مرهف الحس ذو مصداقية ووضوح في كل ما يتناوله من أعمال، وقد اكتسب ذلك من تعاليم الإسلام الذين يدين به، ويتعامل به مع من حوله من البشر.
ولكنه في نفس الوقت يتعاطف مع آلام أهله ومصائب قومه، وقضايا أمته وما تتعرض له من هجمة صليبية صهيونية ظالمة، تنم عن حقد مخططيها ومنفذيها وعدائهم السافر لهذه الأمة.
- المثقف السعودي يحظى من المسؤولين في بلادنا بالاحترام والتقدير، وهو يبادلهم ذلك، والجميع يعملون صفا واحدا في ظل ثوابت وطنية راسخة.
- ومهما كانت رؤية المثقف والمفكر في قضايا الأمة وما يحدث لها من الأمور فإنه يحدد موقفه، ويصوغ نتاجه الفكري على ضوء هذه المعطيات.. ومهما كان الخطب عظيما والمصائب كبيرة والآلام موجعة، فإن ذلك لم ولن يؤثر على مواقفهم الثابتة أو يزعزعهم عن الدفاع المشروع عن قضايا أمتهم بأمانة وصدق.
- وهم يستخدمون حرية الرأي في التعبير وفق ما يتفق مع ما يخدم الصالح العام.. فدائما يكون الطرح والنقاش موزونا بمثل هذه المعايير، وهم ملتزمون أمام الله قبل كل شيء بقول كل ما يؤمنون بأن فيه المصلحة العامة.
المثقف السعودي ذو ضمير حي يتفاعل مع الأحداث، ويدمع قلمه بعد أن جفت عيونه ليعبر عن آلام وآمال بني جلدته.
ورغم ما يعانيه هذا المثقف من هموم، ويقاسيه من آلام قد تكون فرضتها عليه أحداث العصر، فإن ذلك لن يمنعه من صياغة هذه الأحداث وتسجيلها في أعمال فنية خالدة تحكي واقع هذه الأمة في هذا الزمن الغريب الذي انقلبت فيه الكثير من المفاهيم، وأخذنا نسمع علنا من ينادي إلى الفرقة والابتعاد عن بني جلدتنا، والاتجاه إلى أعداء هذه الأمة، دعك من أولئك الصغار الذين يمجدون حصاره الغير، والذين قال أحدهم يوما (إن قلبي يفز إذا ذكرت قاعدة الغرب)، وهذا توجه مرفوض من القريب والبعيد، ومن الصغير والكبير!!
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
