الجوف- محمد هليل الرويلي
عبَّرت دموع الدكتور عبدالرحمن الشبيلي، التي انهمرت تأثراً أثناء حديثه عن سيرة صديقه الراحل الدكتور عارف بن مفضي المسعر، عن أسفه للاهتمام المتأخر بتكريم الأدباء والمثقفين، لكنه استدرك: إذا لم يحضر الأدباء والمثقفون والإعلاميون لتأبين الراحلين فمتى سيأتون؟ وقال الشبيلي في ندوة نظمها أدبي الجوف: إن الفكر الإسلامي تمكَّن من تفكير الراحل المسعر، وذلك من خلال أبحاث عدة تناولها خلال مسيرة حياته العلمية والعملية، أبرزها دراسة الدكتوراه التي قدمها تحت عنوان (المنقول والمعقول في التفسير الكبير لفخر الدين الرازي)، ومؤلفه (التوجيه الإسلامي للنشء في فلسفة الإمام الغزالي). وأشار الشبيلي إلى أن ذلك انعكاس لدراسته في المراحل الأولى من حياته على يد الشيخ فيصل المبارك، الذي يُعَدّ من أبرز العلماء الذين استقروا في منطقة الجوف. وعزا الشبيلي سبب عدم الاهتمام بتكريم المثقفين إلا بعد وفاتهم إلى أن السير والتراجم طارئة في المشهد الثقافي السعودي، ولم تحظ حتى الآن بالاستحقاق والاهتمام، على الرغم من وجود أسماء ثقافية قدمت الكثير لإثراء الجانب الثقافي.
وقال إن كتَّاب الصحف الذين يهتمون بالجانب الخدماتي أكثر متابعة من القراء، وهذا الأمر غير مستغرب بسبب ملامسة كتّاب الرأي العام المواضيع التي تمس الشأن المحلي؛ كون العلاقة بينهما تبادلية في التأثير بعد شيوع العولمة ودواعي التحول الناجمة عن الإعلام الجديد والحوارات الاجتماعية على صدر الصحافة الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي لنشر الوعي بالحقوق وصيانتها، وهذا ما استطاعت أن تكرسه أيضاً الصحافة العربية ممثلة في كتّابها في تكوين صورة ذهنية جسدت اهتمام الجماهير؛ حيث شهدت الصحافة تحولات كثيرة ومعطيات مختلفة، شكلت خطابها وحضورها في المرحلة الماضية حتى وقتنا الحاضر، وهي التي بدأت على يد الأفراد، وكانت مادة المقال الصحفي حينها تشكل المكون الرئيس لها، في الوقت الذي لم تعط جانباً كبيراً للرأي أو الخبر إلا ما كان من أخبار رسمية، غير أن المقالات تؤثر في الرأي العام بعكس الآن؛ حيث لا يوجد ذلك التأثير الكبير لوجود بدائل عديدة ومتنوعة في تناول الجميع، كـ»تويتر والفيس بوك» والمواقع الإلكترونية التي يُتاح فيها التعبير والرد بمساحات لا سقف لها لدى جميع الطبقات وليس النخب فقط. ورفض الشبيلي تقييم تجربة الكتّاب في الملاحق الصحفية الثقافية، واكتفى بالقول: أنا غير مؤهل حتى الآن لتقييم التجربة. لكنه شدد على وجود حراك ثقافي يُدار داخل أروقة وصالونات الأندية الأدبية ومعارض الكتاب وملتقيات الأدباء والمثقفين. معبراً عن أنها خير شاهد على هوية التجربة وبصمتها المتشكلة برؤية نوعية للشء. واختتم الشبيلي حديثه لـ»الثقافية» بالإشارة إلى تجربته الجديدة المتمثلة في إصدار كتاب جديد مكوَّن من مئة صفحة بعنوان «حديث الشرايين» الذي صدر بعد خوضه ظرفاً أسرياً خاصاً؛ ما دعاه لتوزيعه على العائلة فقط، في حين لا يعرف ما إذا كان الوقت سيسعفه لجعله متناولاً في أيدي الناس.