Culture Magazine Thursday  03/01/2013 G Issue 392
فضاءات
الخميس 21 ,صفر 1434   العدد  392
 
وتم العناق..
ومُزقت لوحة هند.. ومسخٌ للقداسة الإبداعية ونظرةٌ (بِدْوِيَة)!
حسن علي البطران

 

لم أكن مجبوراً حينها، ولكن هو الجنون الإبداعي، الذي جعل مني أن أكون فعلاً مجنوناً نظامياً ورسمياً، بتصنيف يبتعد كثيراً عن مصطلحات المصحات النفسية والعلاجية، هويت القراءة، وتولدت لدي شهوة الكتابة، وأصبحتا توأمةً لا أستطيع الهروب من إحداهما، بل إحداهما تساعد وتظفر للأخرى، لا أرى نفسي إنني صاحب قلم حصيف، بل حقاً هنالك من يفوقني عمقاً كتابياً وقراءةً متعمقةً، ولكن ربما خدمتني فرصة الظهور، ولم تخدم آخرين غيري، لذا أستطيع البوح وكلي جرأة إنني قارئ وكاتب مازلت أحبو وفي بداياتي، رغم جنوني وهوسي، ليس هذا تواضعاً، أو كما يقول آخرون من أجل إعطاء نفسه نوعاً من الزخم الإعلامي والدعايةِ غير المباشرة.. لستُ أنا من هؤلاء الأشخاص أو من تلك المجموعة، إنما أنا ضمن مجموعة تقرأ وتكتب، لأن الفرصة قد أُتيحت لها هنا أو هناك، ولعل المثابرة والسعي والمشاركة والإقدام كلها عوامل ساعدت.. قد نختلف عن الآخرين بأننا غير متقوقعين في بيوتنا وخلف جدرانها، بل مثابرين ولدينا الجرأة في طرح وإظهار ما لدينا من أفكار ورؤى وإن أستصغرها آخرون.. كوننا نجد الثقة والتقدير من أنفسنا لما نطرحه كتابةً، فهذا ربما يحسب لنا أو علينا، وفي كلتا الحالتين نتحمل ما يترتب من وراء ذلك، وحسبي إننا كسبنا كثيراً من المعطيات أياً كان لونها وصبغتها، وهذا يعطي حافزاً كبيراً للمواصلة، رغم أن طريقها وعر لا يخلو من عقبات وشوائك واهتزازات وإنفجارات بركانية تواجهنا أحياناً، ومن أقرب الناس إلينا، وربما يكون ذلك على حساب معطيات أخرى كثيرة، ولكن الإيمان المطلق بهذا الهدف وطريقه هو في النهاية يحسم أمره بذاته، عطفاً على أن يكون حول الإطار شيء آخر، وإن كان مغلفاً بمعدن نفيس كالذهب، ليس ما تم طرقه حتماً يشكل تجربة شخصية، وليس بالضرورة أيضاً لا يمثلها، ولكن هذه حقيقة سواء كانت على مستوٍ ذاتي أو خلافه، وهنا تبدأ المفاعلة التي بها تنمو الشجرة فوق الصخور وبعيدةً عن ماء المطر ويحول بينها وبين النهر سلسلة جبال شامخة.

الإبداع والثقافة نسخة واحدة بوجهي عملة، وإن تجاوزنا بعض خصائصها وتوالت معطياتنا فلن تصبح حكراً على فرد دون فرد، ولكن هي المغامرة التي لا تعني بحرفيتها الحقيقية الظاهرة أو الباطنة، ولكنها مفردة يتغنى بها الراقصون عل حواف الزجاج وإن أدمت أقدامهم..! إن حتمية الثقافة والإطلاع لا تشكل حلقة فارغة بقدر ما تكون هذه الحلقة قد تكونت من منظور ديني، وربما شاركها منظور علماني، وإن لم يتحقق ذلك بالآلية والنظرة والبعد الفلسفي المعلن والمغلف بعدة ألوان، ربما تتماثل ومناكيير الأظافر ومكاييج وجوه الفتيات، وأنها طفرة لا يدرك غزارتها إلا من سلح نفسه بدواء رغم وجود الداء، وشكل مناعة لا يرتقي إليها إلا من يرتدي لباساً يتلاءم وحرارة الصيف وبرد الشتاء.. هنا حقاً يكون لتلك النظرة السوداوية من ظاهرها والنقية الصفاء من عمقها، وأنها تنمو للأسف أخطبوطياً ينتشر ويغلف الأبدان ويسيطر على العقول، وما أكثر تلك المعطيات التي تساعد عليها.. وإن وُسمت بأنها مقدسة، فليس أمامنا من قداسة لشيء سوى ما أنزله الله تعالى وعممه رسوله الكريم ومن ارتضاهم (صلى الله عليه وسلم)، وخلاف ذلك يعتبر هراء ليس خلفه وأمامه إلا هراء، وإن أختلف معي عباقرة الحرف والكلمة، فهم ليسوا عباقرة، كون عقولهم ناقصة حتى الفراغ، وهم بعيدون عن القداسة الإبداعية، وليس لهم نصيب منها ولا يطولهم إلا الوصف الخاوي إن وصفوا بها، وحتماً صبغت بهم وتطاير عمقها ووزنها وتطايرت المناكيير منها كما هي مناكيير الأظافر للفتيات الطائشة، وظهرت جوفاء كأعواد بعض الحشائش والأعشاب.. إن الفنون الإبداعية عوالم مختلفة قد تسحرك وقد تقودك إلى الجنون ؛ منها ما يظهر سطحياً، ومنها ما يُبطن ويتمحور في رمز وخيال، وهنالك من لا تسعفه قدرته على استيعاب هذه الفنون وغزارة عمقها وبُعد فلسفتها رغم أتساع قدرته العلمية والأكاديمية، ويراها مسخاً وخروجاً ملطخاً بالسوأة والإساءة، وأن الفن منها بريء ، وليس أرمي أنا هنا هذا جزافاً بل حقيقة وشواهد كثيرة تؤكد مدعاي وما تمزيق لوحات الفنانة هند الغامدي من قبل عميد كلية آداب بلجرشي إلا أصدق شاهدٍ.. ألا يستحق مثل هؤلاء شيئاً من المسخ الذي يتناسب وحرق فرحة الفنانة في يوم عرس معرضها..؟! أليس من الأجدر وبذكاء من سعادته أن يلفت أحد حواشيه بطريقة وبأخرى أن يستبعد هذه اللوحة إن كانت حقاً تستحق الاستبعاد..؟! إنني أتألم كثيراً لذلك التصرف الأرعن الذقام به (سعادة العميد) المحترم.. المسخ الإبداعي والفني يتواكب فينا كما هو الجمال يتغلغل في دواخلنا، ولكننا نمتلك عمقاً من الجمال يفوقه ولكن ليس جميعنا يدرك ذلك.. أنو اع وأصناف من الألوان تغطينا وتحوم حولنا فلا فكاك منها، أليس القداسة الإبداعية صورة من عوالمنا الداخلية..؟ أليس غريزتنا الفنية والجمالية قادرة على تحمل هذه الفلسفة اللونية الداكنة السواد ؟ حقاً إننا نرتمي في حالة الجنون وما أحمله من جنون أعمق في قداسته من صنوف هذه اللونية الزائفة الجمال والمصطبغة بأصباغ هي أشبه بأحمر الشفاة.. حقاً إننا نعيش في ازدواجية في الرؤى والميول ونطوق الفلسفة كما نهوى وننظر إليها نظرة (بِدْوِيَة) بمعنى نظرة سطحية بعيدة عن التعمق أياً كان نوعه ومجاله.!!

Albatran151@gmail.com - الأحساء

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة