Culture Magazine Thursday  03/01/2013 G Issue 392
الثقافة الرقمية
الخميس 21 ,صفر 1434   العدد  392
 
تطوير فنون الكتابة السردية لتتأقلم مع تقنيات العصر الحديث
مهرجان تويتر للقصة

 

الكتابة الإبداعية دائمة التجدُّد في فنونها وأساليبها ووسائل توصيلها، ووسائل التواصل الاجتماعي فرضت على المستخدمين طرقاً جديدة للتخاطب والحكي. الأدباء ليسوا معزولين عن عصرهم؛ لذلك كان عليهم التأقلم مع هذه التطورات التقنية والاجتماعية، وأصبحوا ينثرون إبداعاتهم، سواء كانت شعراً أو نثراً، عبر هذه الروابط التقنية بين الملقي والمتلقي. أحد أهم مواقع التواصل الاجتماعي العالمية هو موقع تويتر، وينفرد عن غيره بأنه يفرض على مستخدميه حصر كلماتهم في حدود 140 حرفاً. علماً بأن هذه المساحة العددية تشمل أيضاً علامات الترقيم والتشكيل. ورغم ضيق المساحة إلا أن الإبداع الأدبي يستطيع التكيُّف مع جميع أشكال نواقله إلى المتلقي. ظهرت في هذا الموقع تجارب شعرية وسردية تتواءم مع المساحة المحددة؛ فحقق الموقع حلم نزار قباني حين قال: «كنت دائماً أحلم بشعر عربي تكون فيه مساحة الكلمة بمساحة الانفعال، وحجم الصوت الشعري بحجم فم الشاعر، وبحجم هواجسه»، وأصبح هناك رواجٌ لما أسماه خليفة التليسي قصيدة البيت الواحد. وفي مجال السرد أعاد الموقع الوهج للقصص القصيرة جدًّا وقصص الومضة والكبسولة التي قال عنها د. أحمد جاسم الحسين في كتابه القصة القصيرة جدًّا - مقابلة تحليلية: «نص القصة القصيرة جدًّا نص ثريّ غني، خصب؛ ما يجعل لتلقيه سمات خاصة تتعلق بالمتلقي؛ حيث تفرض عليه كثيراً من الاجتهاد ونبذ الكسل المعرفي».

مؤخراً انتصر موقع تويتر للمحتوى الأدبي فيه بإقامته أول مهرجان افتراضي فريد من نوعه للقصة. وسعياً منه لتقديم نماذج وتجارب قصصية ناضجة لمستخدميه وللعالم أعلن قبل أشهر استقباله للقاصين الراغبين في طرح نصوصهم وابتكاراتهم السردية، التي تتخذ من تويتر وسيلة توصيل لها. ولعالمية الموقع حرص على عالمية المهرجان باستقبال النصوص بجميع اللغات، ومن كل مكان في العالم، على أن تكون ملخصاتها باللغة الإنجليزية؛ ليتم فرزها والمفاضلة واختيار الأفضل من قِبل لجنة تقييم من مؤلفين وناشرين أمريكيين. وبعد فرز هذه التجارب القصصية تم اختيار 29 نصاً لتمثيل القصة في المهرجان، تتحدث خمس لغات، هي (العربية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية والإيطالية)، ومن أكثر من 20 دولة.

استمر المهرجان لمدة خمسة أيام، وتنوَّعت أغراض القصص المشاركة بين الرعب والسخرية والخيال العلمي والقصص البوليسية ومختلف أغراض القصة، فمنها على سبيل المثال قصة «حول العالم في ثمانين ساعة» للأسترالي هاربر كولنز، وتجربة لوسي كوتز في من بريطانيا في سرد مائة أسطورة إغريقية في مائة تغريدة، وإيمي ليبون وآنا بانكز اللتان تسردان قصة حب بين فتاة وغوريلا. وكانت المشاركة العربية فيه عبر قصة «الكناري الباكي» على حساب @cryingcanary في تويتر، التي عرضت في آخر يوم في الصفحة الرئيسية للمهرجان.

اهتمت الصحف العالمية مثل نيو إس توداي ونيو يورك تايمز ولوس إنجلوس تايمز والقارديان بهذا الحدث، كما نشرت خبره وكالتا الأنباء الفرنسية والسعودية، وعدد من الصحف العالمية في مختلف دول العالم. ووقف النقاد بين معارضين ومؤيدين لهذه الخطوة؛ حيث انتقد البروفيسور في جامعة فلوريدا براندون كيرشنر بشدة المهرجان بقوله إنه ساذج؛ لأن المائة والأربعين حرفاً لا تترك مساحة للأفكار لكي تنمو وتتطور، واعتبرها طريقة سخيفة لكتابة القصة. فيما خالفه الرأي الدكتور ديفيد كارلسون المدير التنفيذي لقسم أبحاث الابتكار الإعلامي بالجامعة نفسها بقوله إن المساحة المحددة التي يفرضها تويتر قد تساهم في تطوير الكتابة بتشجيع الاختصار. وأضاف بأن أي وسيلة تشجع الناس على الكتابة ستخدم في النهاية مجال الكتابة.

وكانت الروائية الأمريكية الحائزة جائزة البوليتزر جنيفر إيجان قد اقتحمت غمار هذه التجربة التويترية بكتابتها قصة الصندوق الأسود على شكل تغريدات متتابعة، بمعدل ساعة يومياً، لمدة عشرة أيام متواصلة، نشرها قسم الرواية في مجلة نيويوركر على حسابه في تويتر. واعترفت جنيفر بأنها كتبت التغريدات في البداية على دفتر ياباني، تحتوي كل صفحة منه على ثمانية مربعات فارغة، كما ذكرت أن القصة كانت ضِعْف ما هي عليه الآن، واستغرق منها الأمر سنة لحذف وإضافة التغريدات حتى تظهر بشكلها النهائي.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة