لا أعلم ما الذي خطر ببال شركة Odeo الأميركية حين قررت إطلاق موقع تويتر على الشبكة العنكبوتية، هل كانت تتوقع أن يصبح هذا الموقع العملاق بهذه الشهرة وبهذا الحجم؟ لا أعلم.
الغريب أن حصة المغرد 140 حرفا فقط وهو عدد لا يذكر مقارنة مع الفيس بوك، لكن ومع الوقت تجد نفسك تكتب مقالات بهذه الحروف القليلة وترى تفوقه الواضح على الفيس بوك.
في البدء كنت منزعجة من صغر مساحة الكتابة، ومع الوقت وجدته ممتعا ورائعا، وهو أن تعبر بأقل قدر ممكن من الكلمات مما يجعلك تضطر إلى التفكير أكثر من مرة قبل أن تغرد لذلك، تجد أن معظم التغريدات تحمل (حكمة) الكل في تويتر يفكر الكل، يبدع الكل، يقاتل من أجل كتابة تغريدة مميزة يتناقلها بقية المغردين ولكل بلد طعمه الخاص به.. الإمارات تختلف عن السعودية وتختلف عنهما البحرين وليبيا والجزائر وتونس وعمان واليمن.. في تويتر كل يغني على ليلاه.. أنا استوقفتني (مصر) هناك عالم مختلف تماما عن العوالم الأخرى التي تعيشها كل البلدان.. عندما تقرأهم تشعر أن مصر كلها تغرد وتشعر أنهم لا ينامون.. هذه حقيقة.. تغريداتهم لا تتوقف ليل نهار، بل تشعر أن الشمس في مصر تشرق ولا تغيب أبدا!
تُميزهم عن باقي الدول بخفة دمهم وهم كذلك في كل الأحوال وفي كل الظروف.. تجدهم يسخرون من حالهم وحال بلدهم وبطريقة تحمل نقدا لاذعا للساسة والمسئولين.
ما يحدث في الشارع المصري تجده في تويتر قبل أن يصل إلى وسائل الإعلام تقرأ أفكار جميع الكتاب والأدباء والإعلاميين لحظة بلحظة.. يتفاعلون مع الأحداث بطريقة سريعة تجعلك لا تتوقف عن متابعتهم.. النشطاء السياسيين تجدهم يتبادلون الكلمات واللكمات خلافاتهم مكشوفة يشاركهم فيها الشارع. أي خطأ يرتكبه مسئول وقبل أن يتحرك من مكانه تجده مجردا من حصانته الدبلوماسية ويحاكم في محاكم تويتر.
لا يوجد جبناء في (تويتر مصر) كلهم شجعان وهذه حقيقة يلمسها من يتابعهم.. لا أحد هناك يخشى طرح رأيه مهما كان هذا الرأي مخالفا، يقاتلون من أجل الحفاظ على مكتسبات ثورتهم الأولى وثورتهم الثانية.. الكل يتفاعل مع الكل.. في الفرح يستندون على بعض وفي الحزن يساندون بعض رغم كل الاختلافات والخلافات.. روحهم وكما يقال دائما (حلوة) صليبهم يعانق هلالهم رغم كيد الكائدين.
ورغم مرارة العيش وسوء الأوضاع الاقتصادية والأمنية وتخبط القيادات السياسية ترى ابتسامة المغردين وتلمسها خلف الصورة المرسومة تقرأ طرائفهم فتشعر أنهم أسعد شعب خلق على وجه الأرض.
- دبي