تساقَطَتْ في فَلاةِ العُمْرِ عَبْراتي
واسْتَرْسَلتْ في دُروبِ البَوْحِ آهاتي.
سَريْتُ والجَدْيُ خَلْفَ السُّحْبِ مُحْتَجِبٌ،
ولا دليلَ إلى شَطٍّ ومَرْساةِ.
ما بيْنَ عاصِفِ ريحٍ كُلُّهُ غَضَبٌ،
كريشَةٍ فوْقَ يَمٍّ مَوْجُهُ عاتِ.
وبيْنَ صَحْراءَ في أقْطارِها رَهَجٌ (1)،
ولا عناوينَ لِلغادي ولِلآتي.
أدْلَجْتُ في لَيْلِها أمْشي على وَجَلٍ،
وليْسَ ثَمَّةَ مِنْ هادٍ لِغاياتي.
وخُضْتُ أخْبِطُ في العَشْواءِ مُرْتَجِياً،
لَعَلَّ في صُبْحِها ألْقَى هناءاتي .
حتّى رأيْتُكِ يا مَيْثاءُ في أُفُقي ،
ونُورُ وجْهِكِ قِنْديلي ومِشْكاتي.
يَمَّمْتُ نَحْوكِ في شَوْقٍ وفي وَلَهٍ،
ورُحْتُ أنْهَلُ مِنْ عَذْبِ المُباحاتِ.
فاسْتَرْسَلَتْ لِرَسُولِ الفَجْرِ عاطِفَتي،
وأرْسَلَتْ لِجَبينِ الصُّبْحِ قُبْلاتي.
تُهَدْهِدُ الليلَ لا يمْضي كعادتِهِ،
وتسْألُ الصُّبْحَ أنْ يَرْعَى شَفاعاتي.
راحَتْ إلى وَمْضَةِ الإسْفارِ تسْألُها،
أنْ تَسْكُبَ الكُحْلَ في عَيْنِ الصّباحاتِ.
يا ليْلُ خَيِّمْ على الأحْبابِ في دِعَةٍ،
وارْخِ الرِّداءَ على عَذْبِ المُناجاةِ.
(1) رَهَجٌ : الرَّهَجُ بالتحريكِ الغُبار ، لسان العرب مادة رهج .