ما الذي يجعل الأحلام تتحقق بعد أوانها؟
ماالذي يجعل الأشياء تحدث حين لا نريد لها أن تحدث؟
وتلك التي نستميت لأجلها تتهرب منا وتستعصي على الامتلاك؟
أجد الإجابة - حتى كتابة هذا المقال على الأقل- في «التخلي».. أننا لم نعد بحاجتها وأنها لم تعد مطلبنا.
ثمة معادلتان متناقضتان ولكل واحدة منهما نصيبها من الصحة: «الأمور التي تتخلى عنها تفقدها إلى الأبد» و»الأمور التي تتخلى عنها تتشبث بك».
على مستوى تجربتي الخاصة كان للمعادلتين وقعهما وأثرهما على مجريات الأحداث في حياتي، متعارضتان لكنهما يعملان في الوقت ذاته، إذ أن التخلي لا يشبه نفسه في الحالتين، هو في الأولى يأس/ أن تفقد إيمانك في أمر ما وأنت في منتصف الطريق إليه، وفي الأخرى تهيؤ/ أن تتهيأ للنتائج ثم تتشاغل عنها بقدر سيعك لها، في كلتيّ الحالتين ثمة استسلام، إما استسلامٌ لليأس، وقطع الرجاء، أو استسلامٌ بمعنى القبول وترك الأشياء تحدث بمواقيتها التي لا يمكننا التدخل فيها وإن حاولنا.
ليس للتخلي شكلٌ ثابتٌ إذا!ً، هو فعلٌ مفرغ يستمد معناه من الحالة التي نتج عنها، والتخلي بأثر اليأس لا يشبه التخلي بأثر الإيمان، حين نؤمن بمطالبنا لن يعترينا القلق والتشبث والإنتظار، وحين نيأس لن نكف عن رشق رغباتنا باللعنات دون أن نفعل شيئاً!.
هنا أعود للحديث عن لعبة (الأحلام المتأخرة) و(الأشياء التي تأتي بعد أوانها)؛ تجلي الأحلام لا يخضع إلى مقياسنا الزمني، هو ينتظر منا الإيمان بها، ذلك الإيمان الذي حين يتملكنا، نكف عن اللهاث خلفها،
ففي اللحظة ما بين انتظار الشيء والإيمان به يتجلى، في اللحظة ما بين استحثاث الحلم وعدم الحاجة إليه يتحقق، في اللحظة التي تغدو كل الخيارات التي كنا نرفضها مقبولةً وواردة يحدث ما أردناه، لذا فالتخلي لا يعني الهجر، إنما الاتزان، ذلك الفعل الذي يجمع بين أن نتعهد أحلامنا دون أن نسمح لانتظارها بسلب لحظاتنا الآنية، فالأحلام تتشكل خارج الزمن وإن تأخرت فقد طُلبت قبل أوانها!.
sanaanaser@gmail.com
الرياض