Culture Magazine Thursday  13/09/2012 G Issue 379
فضاءات
الخميس 26 ,شوال 1433   العدد  379
 
مداخلات لغوية
قراءة في كتاب اللغة العربية في عصر العولمة (7) - لقاء مع مجلة المعرفة
أبو أوس إبراهيم الشمسان

 

وهذا سادس مطالب هذا الكتاب وهو ما أجاب عنه من أسئلة مجلة المعرفة؛ إذ سئل أستاذنا بمجموعة من الأسئلة كان أولها عن رأيه في قول من يدعو إلى تأجيل الاهتمام بالعربية والانصراف إلى إتقان العلوم وإن كانت تُعلَّم بغيرها؛ لأنه متى قوي أهل اللغة قويت لغتهم وأثرت في الحضارة. وكان من جوابه أن لا تلازم بين قوة اللغة وتأثيرها؛ فقد كانت لغة الجاهلية قوية غير مؤثرة، وأما اللغة المؤثرة فهي لغة المسيطر عسكريًا أو ثقافيًا، واللغة القوية في المجتمع هي التي تنقله إلى التقدم، وأما اللغة الأجنبية فتؤدي إلى تخلف المجتمع، ولا جدال في أهمية التقنية وأن لغته أجنبية وأن تعلم الأجنبية مهم ولكن علينا أن نحذر من طغيانها على لغتنا وفرضها على المجتمع دراسة وحديثًا وكتابة، فاتخاذ الإنجليزية في كل مجالات الحياة انتحار حضاري، وليس صحيحًا أن كل الأمم الناهضة اعتمدت على اللغة الأجنبية بل ثقفها من يحتاجها. وكان السؤال الثاني عن المسؤول عن ضعف اللغة العربية، فكان من جوابه أنّ علتها من أبنائها أولاً وإن كان المستعمر علة أثناء الاستعمار، ولكن الضعف استمر بعد زواله حين خلفَ خلْفٌ هم أشد من المستعمر عداوة للعربية، وكان السؤال الثالث عن فشل طرائق التدريس، فكان من جوابه أن اعتراف التربويين بالفشل علامة صحة، وتعليم العربية أُتي من الإخفاق في تحديد فلسفة تعليم اللغة، فليس لدينا دراسات كاشفة عن قدر ما نحتاج إلى تعلمه من الركام المعرفي التراثي، وخلطنا بين حاجة المتخصص وغيره، واللغة السليمة لا تكتسب بكثرة القواعد بل بالممارسة لمهاراتها من سماع وتحدث واسيعاب وقراءة وكتابة، وعلمناهم المهارات مفرقة كغيرها من العلوم مع قلة الوقت المتاح لها، كان الأسلاف يبعثون أبناءهم للبوادي لا ليتعلموا القواعد، بل ليسمعوا اللغة الصحيحة وليتحدثوا بها، ونحن الآن بما لدينا من وسائل قادرون على فعل ذلك. ولكن المشكلة أن البيئة عامية، فلعلنا نجعل المدرسة بيئة فصيحة. وكان السؤال الرابع عن تدريس الصغار اللغة الإنجليزية، وأستاذنا لا يرى أن يعلموا لأن مرحلة التأسيس وتشكيل الشخصية يجب أن يكون عربيًا، ومن المستهجن أن نربط أبناءنا منذ الصغر بها فنربكهم لغويًا وعاطفيًّا، وليس مجتمعنا ثنائي اللغة، ومن المعلوم أن تعليم اللغة مرتبط بالثقافة والانتماء، وهذا التوجه ضد تشجيع التعريب. وقد فشلت قبلنا دول في تعليم اللغات الأجنبية مع كثرة تكاليفه التي لا توازي النتائج. وكان السؤال الخامس عن تعريب التعليم الجامعي، وكان من جوابه أن تعريب التعليم يزيد استيعاب الطلاب وكل الأمم الناهضة إنما امتلكت التقنية بالتعليم بلغاتها القومية، والعرب الذين سلخوا ثمانين عامًا من التعليم بالأجنبية فشلوا في امتلاك العلم والتقنية، وتعريب التعليم لا يقتضي الانقطاع عن تعلم اللغات الأجنبية لتكون نافذة إلى الجديد في العلوم، ثم بيّن الأستاذ مواقف المسؤولين عن هذا التعليم فقسمهم ثلاثة أقسام مرّ ذكرها في مطلب سابق، وهم فئة متحمسون للعربية شاكون في قدرتها على متابعة الجديد، وفئة يجهلونها فيفضلون عليها ما يعرفون، وفئة مستغربون مفتونون بالأجنبية،وبيّن الأستاذ كما مرّ سابقًا فشل هذه السياسة، وسئل عن أثر الإدارة الثقافية في الجامعة العربية واتحاد الجامعات العربية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم فهل من جهة قادرة على الإلزام بالتعريب، فكان من جوابه أن تحدث عن المؤتمرات والندوات التي عقدت لتناول تعريب التعليم وما تضمنته مواثيق المنظمات ووثائق السياسات الثقافية والخطة الشاملة للثقافة وكلها تؤكد اعتماد التعليم بالعربية ولكن تلك القرارات لم تنفذ، وسئل عن قرار تعريب التعليم أتعليمي هو أم سياسي، فبين أستاذنا أنه قرار سياسي حاسم مشمول بالتفيذ يعيد للغة سيادتها ويُقْدر الأمة على المشاركة في صنع الحضارة، والسؤال السادس عن اللغة العربية وسوق العمل المفتوح المقتضي لاستعمال الإنجليزية، فكان من جوابه أن أهل هذه البلاد عرب مسلمون والعربية لغتهم الرسمية؛ ولذا يجب أن تسود العربية، وأما وجود أجانب في السوق فليس حجة لتشكيل حياتنا، والأجانب في البلاد الأخرى يتكلمون لغة البلد الذي فيه يعملون، ولتكن العربية ميزة لمن يريد منهم العمل في بلادنا، وإن اشتراط اللغة الإنجليزية للعمل في بلادنا حرم أبناءنا من العمل، وهي إن كانت مطلوبة في بعض الأعمال فليست كذلك في غيرها. وفي سؤال عن ضرورة عقاب من يخالف قرارات المحافظة على العربية فأجاب إن متابعة تنفيذ القرار تقتضي سن العقوبات، وسئل عن وجاهة اشتراط اللغة الإنجليزية في العمل، فأجاب إن الإنجليزية تدرس في الجامعات بما يكفي، وهو ليس ضد تعلمها ولكنه ضد سيادتها، والسؤال السابع عن اللغة العربية والعامية عن التوجس من خطر العامية ومستواه، وكان من جوابه إن العامية معايشة للفصيحة منذ القدم ولكنها لم ترق لتكون لغة الأدب والثقافة والدواوين، وتظهر خطورتها في تجاوز مكانها من الخطاب اليومي إلى ميادين التعليم والإعلام، وسئل أيما أشد على الفصيحة العاميةُ أم الأجنبيةُ، فقال إن العامية لا تقل خطرًا عن الأجنبية ما أزاحت الفصيحة عن موقعها، وسئل عن اختلاف وسائل مقاومة العامية عن الأجنبية، فقال إنه يدعو لجعل كل في مكانه الصحيح، وسئل عن مستقبل العربية وهو ما تناوله في مطلب سابق ولكنه قال هنا إن العربية ستواجه تحديات كبيرة في ظل العولمة ما لم ينتبه أولو الأمر والشأن إلى تدارك الأمر بما يدفع الهزيمة النفسية وينشر الوعي بالأهمية القومية للغة والعمل على تفعيل دورها في صياغة المستقبل.

الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة