إن عمر الثقافة الإبداعية التي عادة ما يثار حولها الجدل قصير في مجتمعنا، الذي كانت ملامح ثقافته دينية واجتماعية تقوم على العادات والتقاليد في أغلبها، التي بدورها لم تتقبل ولادة تلك الحالة الإبداعية عند أي أحد؛ فطبيعة المنتج الأدبي أو الفني بشتى أشكاله لم يتسنَّ له الحضور الرسمي إلا من خلال الأجيال الثلاثة الأخيرة، الجيل الأقدم والجيل الأحدث وبينهما جيل يتوسطهما. حدثت الكثير من الجدلية الفكرية المؤثرة لدى الجيل الأسبق؛ لأنهم قادوا مرحلة التغيير الأساسية؛ لذلك كانت وما زالت الأعين تتوجه صوبهم، وهم لديهم القدرة على التنظير والنقد والجدل؛ لذا الكثير منهم حالياً يملك حكمة من واقع تجربة. أما الجيل الأحدث، الذي قد لا يملك بعضاً مما يملكه الجيل الأقدم من قواعد علمية ونظريات فكرية، فإنه سلم الحديث عنه لأعماله ومنجزاته؛ فهي تتحدث نيابة عنه. وعلى سبيل المثال مجموعة الشباب والفتيات الذين يقفون خلف صناعة الإعلام الجديد مثل البرامج الاجتماعية “لا يكثر”، “إيش اللي”، “على الطاير”، “مسامير” وغيرها، لم نكن نعرفهم، ولم نسمع عنهم، لكن ما قدموه كان كافياً لكي لا ننساهم أبداً. يمتلكون مواهب أدبية في صناعة نصوص مؤثرة ومواهب فنية لابتكار قوالب صوتية ومرئية جيدة، مع الأخذ في الاعتبار أنه لا يوجد لدينا توجهات أكاديمية لتدريس تلك الفروع من الفنون. لقد صنعوا ثقافة جديدة وجدت حيزها في المجتمع المحلي، وعلاقتهم ببعضهم رغم المنافسة جميلة وراقية، يضرب بها المثل، التي قد نشهد ضدها في بعض من الجيل الأسبق. أما الجيل الأوسط بينهما فهو تارة يقترب من هؤلاء وأحياناً من هؤلاء، إنه جيل ولد بين ثورة جيلين. في مد وجزر بين قيم وعادات اجتماعية ورغبات في الانعتاق منها، فأين أنت من هذه الأجيال الثلاثة؟
Hanan.hazza@yahoo.com