شاع في لغة المحدثين استعمال الوصف (خاطئ) لما هو خلاف الصواب، من ذلك ما جاء في معجم التصحيح «يشيع هذا التعبير الخاطئ في لغة الإعلام فيقال لم يفعل كذا، بَلْهَ فَعَل كذا. والصواب استعمال بَلْ»1.
ومثله «لا صلة بين معنى الطائلة في اللغة، وبين المراد من هذه الكلمة في الاستعمال الخاطئ الشائع «2.
ومثله «توهموا أن مصيبة فعيلة وإنما هي مُفعلة.
فقولهم (مصائب)، إذًا على توهم زيادة الياء في (مصيبة).
وهو ما أسموه حديثًا (القياس الخاطئ)»3.
وفي النحو الوافي «والتي قد يقع في الوهم الخاطئ والاعتبار الفاسد واشتمالها على (قد) تقديرًا مع أنها مفقودة»4.
والصواب في ذلك كله (الخطأ)، فيقال: التعبير الخطأ، الاستعمال الخطأ، القياس الخطأ، الوهم الخطأ مع أنّ الوهم لا يقتضى الوصف فليس منه الصواب حتى يوصف بالخطأ إلا على سبيل التأكيد.
وإنما قلت: إن الصواب في ذلك لفظ (الخطأ) لأنه المفعول الذي يمكن أن يكون صوابًا أو خطأ، وليس من شأنه أن يرتكب الخطأ أو يتعمد الخطأ، ومن أجل ذلك فالخاطئ هو المعبر لا التعبير، وهو المستعمل لا الاستعمال، وهو القائس لا القياس، وهو المتوهم لا الوهم.
فالخاطئ يوصف به من يصح منه فعل الخطأ وهو في الغالب الإنسان، إذ يندر أن يأتي من غيره كالنوء، جاء في (لسان العرب): «وأَخْطَأَ نَوْؤُه إِذا طَلَبَ حاجتَه فلم يَنْجَحْ ولم يُصِبْ شيئًا».
ومن الاستعمال الصحيح ما جاء في (معجم لغة الفقهاء): «القتل الخطأ: أن يقصد الضرب ولا يقصد المضروب، كأن يرمي صيدًا فإذا هو إنسان».
ومثله قول السرخسي «منها أنا لا نجوز القول بوجوب الكفارة في القتل العمد بالقياس على القتل الخطأ»5.
ومثله قول السبكي: «ويقع القتل الخطأ عند الطراد»6.
*، وأما قوله تعالى: {وَجَاء فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ} *الحاقة-9* فهي في الراجح عندي مصدر فقد فسرها بذلك أكثر المفسرين، فسرها الطبري بالخطيئة، أو الخطايا، وقال الفراء «الذين ائتفكوا بخطئهم» 7، وقال السمين «قوله: {بِالْخَاطِئَةِ} إمَّا أَنْ يكونَ صفةً، أي: بالفَعْلَةِ أو الفَعَلات الخاطئة، وإمَّا أن يكون مصدرًا كالخَطَأ فيكون كالعافية والكاذبة»8.
وقال الألوسي: «بِالْخاطِئَةِ أي بالخطأ على أنه مصدر على زنة فاعلة أو بالفعلة أو الأفعال ذات الخطأ العظيم على أن الإسناد مجازي وهو حقيقة لأصحابها واعتبار العظم؛ لأنه لا يجعل الفعل خاطئًا إلا إذا كان صاحبه بليغ الخطأ»9.
*، قال الطبري «وَوَصَفَ النَّاصِيَةَ بِالْكَذِبِ وَالْخَطِيئَةِ، وَالْمَعْنَى لِصَاحِبِهَا»10، وقال أبوحيان: «وصفها بالكذب والخطأ مجازًا، والحقيقة صاحبها، وذلك أحرى من أن يضاف فيقال: ناصية كاذب خاطئ، لأنها هي المحدث عنها»11.
(1) عبدالهادي بوطالب، معجم تصحيح لغة الإعلام العربي، 1: 57.
(2) مكي الحسَني، نحو إتقان الكتابة باللغة العربية، 1: 203.
(3) صلاح الدين الزعبلاوي، دراسات في النحو، 1: 443.
(4) عباس حسن، النحو الوافي، 4: 467.
(5) أبوبكر محمد بن أحمد السرخسي، أصول السرخسي، 2: 164.
(6) علي بن عبدالكافي السبكي، الإبهاج في شرح المنهاج، 5: 164.
(7) الفراء، معاني القرآن، 1: 180.
(8) السمين الحلبي، الدر المصون في علم الكتاب المكنون، 1: 5374.
(9) شهاب الدين محمود الألوسي، روح المعاني، 15: 48.
(10) ابن جرير الطبري، تفسير الطبري، 24: 526.
(11) أبوحيان، البحر المحيط، 8: 371.
الرياض