أثناء الحديث مع الأديب الدكتور صالح المحمود في برنامجه (المنتدى الثقافي) بإذاعة الرياض تطرق النقاش إلى مدى تضرر الثقافة والأدب من مواقع التواصل الاجتماعي بسبب الضعف الفني ورداءة الأسلوب لما يطرح من مشاركات. لم أكن أخش على القاص والشاعر من سلبيات وسائل التواصل الاجتماعي الحديث، بل من خشيت عليه هو المتلقي وبالأخص المتلقي الكسول. إن الانغماس التام في وسائل التواصل الاجتماعي كتابة وقراءة سيجعل جل مصدر ثقافة المتلقي تغريدات في تويتر أو كتابات على حائط الفيسبوك. هذه السطحية الثقافية قد تخلق جيلا يجيد الجدل والصراخ، وهي صفتا قليل المعرفة. ولن ينشأ عنها -متى ما استمرت- جيل عميق الثقافة والتفكير ينهل علمه من أمهات الكتب في الأدب والفكر والفلسفة والاجتماع.
لو تأمل المكتفي بالتثقف من وسائل التواصل الاجتماعي لوجد أن ما قد يعجبه من تغريدات شعرية أو فكرية إنما هي عصارة قراءات وتجارب لكاتبها، فالكلمات لا تطوّع وتصبح مغرية للقراءة إلا بعد عناء صاحبها وقضائه الساعات متنقلا بين الكتب والمؤلفات، ومجرباً أساليب الكتابة حتى اختزلها وكثفها في كلمات معدودة أعجبت قرائها ومتناقليها.
متى ما وجد مستخدم وسائل التواصل الاجتماعي أن الساعات التي يقضيها في هذه المواقع أكثر من الساعات التي يقضيها في القراءة، فإن عليه مراجعة حساباته، وتغيير عاداته، وليقتد بالشيخ علي الطنطاوي رحمه الله الذي كان يقضي سبع ساعات يوميا في قراءة الكتاب حتى أصبح موسوعة متنقلة في جميع المعارف.
فائق منيف