Culture Magazine Thursday  05/04/2012 G Issue 368
فضاءات
الخميس 13 ,جمادى الاولى 1433   العدد  368
 
معجم موازين اللغة
اللغة.. والكتابة.. والخلل النفسي
صالح بن سعد اللحيدان

 

أغلب الذين سلفوا من العلماء الأساطين كانوا ذوي أريحية وسعة بطانة وشدة حذر أن يماروا أو يسفهوا. كان هدفهم ذا سبيل بيِّن نحو معارج الفضل في هذه الحياة.

وذلك السبيل دفعهم صعداً إلى أن يدعوا غيرهم يشتم ويقذع في ذلك الإقذاع كله. وواثق الخطوة وبيِّن الهدف وواضح الرؤية لا يقف للمز أو الهمز، ولا هو كذلك يتوقف لينافح عن نفسه وينافح ويكافح؛ ذلك أن جرح الذات وتهويل الشتم إنما يكون من خمسة:

أ- عامي متعالم.

ب - حاسد.. ومعجب في آن.

ج - موجَّه.. أو يريد البروز.

د - محتقر.. وغافل عن العواقب.

هـ - مجتهد عجول.. أرعن.

وأنت فيما تعلم ما جرى لسيبويه وابن جني والبخاري في بخارى.. ومرو.. وبغداد..

وما جرى لإسماعيل بن إبراهيم المعروف بابن (علية)، وما حصل للماوردي، وابن سيد الناس، ومحمد بن نوح، والسيوطي، والنحاوي.

فيما تعلم ما جرى لهم من تقذيع وأذى وتجهيل والإشاعة عنهم بما ليس فيهم.

تدرك حينئذ أن طريق العلم ليس بذي رش من ورد وطيب وزعفران وياسمين..

ثم إنك ناظر كيف حال من نالهم؟ أو وشى بهم؟

وناظر كذلك حال من ازدراهم؟ سواء ابتداء، أو أنه موجَّه!!!

تدبَّر رسم المغررات العالية فيما أورده مصنفو هذه الأسفار ستجد عجباً.

كتاب: (تاريخ دمشق) لابن عساكر.

كتاب: (البداية والنهاية) لابن كثير.

كتاب: (الطبقات) لابن سعد.

نعم، هناك ألم.. وقلق.. من هول بعض ما يكون كما حصل للبخاري والعز بن عبد السلام وابن تيمية وسواهم، لكن ذلك كله يذهب هدراً مدراً لعلمهم بأن أولئك سقطوا في الأتون.

لكن هناك شيئاً آخر يقع إذ يقع حسب التحليل النفسي الدقيق، ألا وهو: ألم الذات ومن فعل الذات، فبينما يقوم الإنسان بعلم هو ليس من أهله أو أنه يقوم به بسبب جاه أو هو معجب به ثم هو يروح يتقمصه فهذا بينه وبين نفسه يعاني ألماً نفسياً ولو لم يفصح به أو يظهر عليه.

ذلك أن هذا المرء يعلم يقيناً أنه ليس لهذا العلم أو ذاك؛ فهو بين تأنيب ضمير شديد وخوف أن يعرف عنه ذلك كحال الذين يسطون بلباقة وذكاء ودهاء خاصة من كتب لا يُعرف لها حال.

ولهذا الألم حالات عجيبة، حالات نفسية مريرة، من ذلك أن هذا المتلبس:

أولاً: يحاول الظهور بالتواضع.

ثانياً: إذا انتقد أقذع جداً.

ثالثاً: يميل لنقد ذات الشخص دون مادته.

رابعاً: يجهل من ينتقده.

خامساً: يديم الكتابة ولا يمل.

سادساً: يحاول إبداء التجديد.

سابعاً: لديه شعور غامض.

ثامناً: يظهر بمظهر الهادئ الواثق.

ولعل ابن الجوزي في كتابه (تلبيس إبليس) بيَّن حالات من ذلك التلبيس ووسوسته للإنسان، حتى لعله مع مرور الوقت يصدق المرءُ نفسه أنه فعلاً باحث أو عالم أو محقِّق أو مجتهد أو ناقل.

ومن هنا قد لا ينفع معه علاج من ذاته لذاته، وقد يعادي من يلمزه بذلك أو يرى أنه يجب أن يعالج.

ولقد قرأت مثل هذه العبارات العجيبة الدالة على مرض صاحبها دون إدراك منه لذلك. خذ هذا:

(يكتب في غير فنه. متى يدع الكتابة).

(يغر القراء وقد يتابعونه).

وخذ هذا: (متى يريحنا (....) من هذا، ويترك العلم لأهله).

وهناك تجاسر كبير عند البعض الآخر، وذلك إذا اشتد المرض الذي لا أدري عندهم كبعث النوايا والحكم الشخصي والذهاب إلى الوصايا والتنظير.

ولهذا تجد كثيراً منهم فيما بين 40 سنة و80 سنة يميلون للانزواء المرضي.

ولا شك أن هذا ألم لا علاج له إلا بفضل من الله تعالى والرجوع إلى الصدق مع النفس والحياة على السجية على وجه سالم ممتاز.

بريد الخميس

- م.ل - العتيبي - جامعة الملك سعود الرياض

محمد. ع - العبد الله - جامعة الملك سعود الرياض.

ع.أ.ع - ص - جامعة الملك سعود الرياض.

1- حديث: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).

صحيح.

2- أما (آل النبي صلى الله عليه وسلم فهم أمته المسلمة)، وهناك فرق بين (آل البيت وآل النبي صلى الله عليه وسلم). أما قبيلة عتيبة فهي (حجازية)، سكنت قديماً شرق شمال الطائف وجنوبه كذلك.

- خالد بن علي الودناني - الحفر

ليس الحكيم الترمذي، فالترمذي صاحب السنن.

- سعود بن سبيت العبادي - سلطنة عمان

الشاعر أحمد شوقي أصله تركي

- محمد. ع. م.. البكيرية - القصيم

تصلك إجابة خاصة مفصَّلة.

الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة