Culture Magazine Thursday  05/04/2012 G Issue 368
فضاءات
الخميس 13 ,جمادى الاولى 1433   العدد  368
 
لماذا استقلت؟
حقائق من وحي التجربة!
شيمة الشمري

 

واقعنا الثقافي يحتاج كثيراً من الصبر وكثيراً من البصيرة، فهو واقع كلما تأملته ازددت قناعة بعدم الاقتناع! وبخاصة بعد مرحلة الانتخابات التي يوشك المثقفون على القول بأنها كانت غريبة إذا أحسنا الظن، ومريبة إذا أردنا أن نقول ما في صدورنا، ولعل هذا الفوز للمرأة بشكل لافت في الأندية الأدبية يدفعنا للسؤال عن حقيقة المجتمع الذكوري الذي نعيش فيه! فهل تحوّل هذا المجتمع خلال انتخاباتنا الأدبية إلى مجتمع منصف للمرأة، وهل ذلك يتسق وحالات التدرج التي يفترض أن يسير نحوها المجتمع بتسلسل متدرج! أقول هذا وأنا أقلب نظري في مجالس الأندية الأدبية، وأقوله وأنا أسمع من بعضهن أن بعض المسؤولين في الوكالة كان يتصل على بعض الزميلات ويقنعها بترشيح نفسها لعضوية المجلس، ثم تكون المفاجأة أن تفوز هذه المرشحة! أقوله وأنا أتابع حالات الوهن التي انتابت الوكالة وهي تتعامل مع الطاعنين بصمت وحذر، وكنت أتوقع منها أنها ستحمي الفائزين والفائزات بأدلة مقنعة على سلامة فوزهم في الانتخابات، لكنها صدمت الطاعنين، وأربكت الفائزين، مما ولّد نوعاً من الشك في نفسي وبارك هذا الشك ما حدث في أندية الأحساء وأبها والشرقية ومكة المكرمة.. فقد ثبت أن الانتخابات التقنية كانت وستظل محل شك وأسئلة لم تقو الوكالة وإدارة الأندية الأدبية على الإجابة عنها!

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى؛ فقد أثار عجبي صمت المسؤولين أمام المخالفات الواضحة التي كنت أحتج عليها في نادي حائل، وأخاطبهم باستمرار ولا أتلقى سوى الوعود التي لم تعد مجدية لي! وكنت أظن أن من سيحمي اللائحة على ما فيها هي الوزارة! وأن الوكالة حريصة على المال العام الذي نحن مسؤولون عنه أمام الله، ثم أمام ضمائرنا وجمعياتنا العمومية، فهل من المعقول أن أذهب بدعوة رسمية لمشاركة ثقافية من جهة رسمية تكفّلت بدعوتي وكل ما يخصني، وأُفاجأ بعد عودتي بصرف انتداب لي من النادي! وهل يعقل أن يعقد هذا المجلس اجتماعين تفصل بينهما ربع ساعة قبل نهاية الشهر التي اقتربت كثيراً! ثم هل من المعقول أن يحضر أحد الزملاء اجتماعنا من خلال التقنية وهو مستلق على أريكته في أمريكا يأتي صوته تارة ويغيب تارات من أجل أن يحصل على المكافأة. وهل يعقل أن تقدم بعض الزميلات استقالتهن من المجلس ثم يكون التراخي في إحضار البديل! ثم هل يعقل أن يحول بعض أعضاء المجلس النادي لدورات صورية من أجل حصد المال، وهل يعقل أن توزع شهادات هذه الدورات بمجانية عجيبة حتى على سائق النادي!

وقد كنت وللحق منذ بداية الاجتماعات الأولى أشعر ببون شاسع بين أهداف الأندية الأدبية وما نناقشه في اجتماعاتنا! وخير دليل على ذلك تلك الأنشطة التي تمت، وموت مجلة النادي الأدبي، واختفاء المطبوعات، والحرص المُبالغ فيه على تغيير شعار النادي.. ثم الاجتماعات التي يقرر موعدها الرئيس؛ فقد نجتمع اجتماعين في ليلة واحدة، وقد نجتمع اجتماعين متتاليين (الأحد والاثنين) نظراً لظروف سفره أو ارتباطه، ونحمد الله أننا نبلغ برسالة ظهر أو عصر يوم الاجتماع! هذه الاجتماعات التي نظل ننتظر أسابيع محاضرها للاطلاع والتوقيع ولا تتوفر إلا بعد إلحاح وطلب متكرر منا..!

وتتالى التخبطات التي تخالف اللائحة بشكل واضح كاستمرار ثلاثة أعضاء مجلس إدارة في عضويتهم، رغم غيابهم بالشهور! والقول بأن الاجتماع معهم يتم إلكترونياً مخالف لما ورد في اللائحة، التي تنص على سقوط العضوية فور انتقال العضو من مدينة إلى أخرى، وللعلم حتى الاجتماع الإلكتروني لم يحدث إلا مرة واحدة لأحد الزملاء! ولا بد من أن يتخلل اجتماعاتنا مطالبات مستمرة من البعض بزيادة المكافأة والانتدابات التي لا داعي لها. ومن العجيب اتخاذ القرارات وتنفيذها دون علم بعض أعضاء المجلس، مثل: زيارة أعضاء النادي الأدبي (الرجال فقط) لأمير المنطقة، تلتها زيارة لوكيل الإمارة، ومن تلك الأمور التي لا نعلم بها إلا عن طريق الصحف الإعلان عن مسابقة للقصة بتفاصيلها وشروطها وجوائزها، وتوظيف سكرتيرة في القسم النسائي، وسكرتير عند الزملاء، واعتماد طباعة بعض الكتب، واختيار ضيوف النشاط المنبري؛ فهناك أسماء تُطرح وأسماء تُفرض دون أن تمر على مجلس الإدارة، ولا حتى على أعضاء اللجنة المنبرية!

ولو دققنا في أعضاء اللجان نجدها قائمة على المجاملات والأقربون أولى.....

كل هذا وصل للمسؤولين في وقته دون إجابة شافية، بل ودون أمل في الإجابة وبخاصة أن هناك تهميشاً لدور الجمعيات العمومية، فلم أسمع إلى الآن أو ألحظ أي تحرك لهذه الجمعيات حتى في أشد الحالات حاجة لها، مما زاد قناعتي أن هناك اضطراباً وعدم فهم لمعنى الجمعية العمومية، وقد يتعجب البعض من استقالتي، وقد تلقيت كثيراً من اللوم خصوصاً وأنا من اللواتي طالبن بدخول المرأة عضوية مجلس الإدارة، وقد رفضت سابقاً انضمامي للجان النسائية لرفضي هذا المبدأ؛ فإما أن يكون وجود المرأة فاعلاً في مجلس الإدارة، وإلا فلا ضرورة للحضور الكمالي فقط! ولعلكم تذكرون ما حصل في البداية عندما صرح الدكتور ناصر الحجيلان بعدم دخول المرأة عضوية مجلس الإدارة وتأخير مشاركتها لدورة قادمة، حينها قررت بعض المثقفات مقاطعة هذه الأندية التي لا تحترم وجودها كمثقفة وعضو فاعل في المشهد الثقافي، لكننا فوجئنا ثاني يوم بتصريح معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة - حفظه الله - الذي يؤيد فيه دخول المرأة عضوية مجلس الإدارة! فاستبشرنا خيراً وخضنا التجربة وكلنا أمل وتفاؤل.. لكن التجربة أثبتت أن إدارة الفعل الثقافي في بلادنا بحاجة إلى وعي إداري كبير، ومراقبة للمناشط وضبط المسيرة للمجالس التي ينقصها الخبرة حتى لا تتوه في ظل مجاملات وصمت لا يليق! وبخاصة بعد أن تمت الانتخابات الإلكترونية التي أثبتت تفوقنا على أعتى الدول تقدُّماً، وما زالوا يُنتخبون ورقياً..! (عيني علينا باردة) ولا أدري لِمَ لم يُوافق هذه التقنية حرص ومتابعة وتطبيق للائحة... المؤسف أننا اكتشفنا أننا ما زلنا لجنة نسائية تابعة لا يحق لها رفع صوتها برأي أو رفض، وإن تغير المسمى فالنتيجة واحدة! اتضح هذا كله من خلال تجربتي ومن خلال كلام بعض الزميلات في (بعض) الأندية الأدبية؛ فالهيمنة الذكورية قائمة، وتهميش دور المرأة المثقفة وتناسي وجودها كعضو فاعل مشارك بالقرار حاصل للأسف..!

كل هذا أوحى لي أن العمل في مثل هذه الأجواء عمل غير صحي، فلا المسؤول متفاعل مع الكوارث الإدارية، ولا المجلس قادر على وعي مسؤوليته، ولا الجمعيات العمومية قادرة على القيام بمسؤوليتها بعد أن عُطّلت بطريقة غير مباشرة.. لذا قررت الاستقالة بعد أن أسقط في يدي، وأرجو ألا أقول في المستقبل، ما قاله دريد بن الصمة:

أمرتهم أمري بمنعرج اللوى

فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد

حائل

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة