أتحفني الأستاذ الدكتور عبدالرحمن الأنصاري بمجموعة من مؤلفاته التي تجسد وتصور مقدار اهتمامه وعنايته بتاريخ وآثار بلادنا وأهم المواقع والمعالم الأثرية والتاريخية وما تزخر به من كنوز تراثية نفيسة مع خرائط ورسوم ولقد قيل:

وإذا لم تدر ما قوم مضوا

فاسأل الآثار واستنب الديارا

لقد برز الدكتور عبدالرحمن في عالم الآثار والبحوث الأثرية، ويأتي اليوم على قائمة الرواد في مضمار التاريخ وبحوث الآثار - ولقد أصبحت اليوم بفضل جهوده وزملائه مادة في الدراسات الجامعية، كما قام بتدريب عدد من الشباب السعودي استطاعوا أن يساهموا في النهضة بهذا الجانب الحيوي على أسس علمية وقواعد منهجية تتفق مع طبيعة الآثار في بلادنا - ويأتي في مقدمة أعماله مشروع مدينة (الفاو) وما كشفه فيها من آثار أبرزت ماكانت عليه من حضارة، وقد اعترف بنتائج ذلك لدى منظمات الآثار في العالم.

إن تبحره في علم الآثار الذي حمل رايته منذ ثلاثين عاماً ونيفاً كان فيه موفقاً حقاً. إن الآثار ليست مجرد أطلال ودمن يحلو للشعراء البكاء عليها، بل هي رموز تحكي قصة حضارات لأمم وما كانت عليه، ففي ذلك عبر وعظة كما قال تعالى: {أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُوْلِي النُّهَى} (128 سورة طه) ولقد قرأنا عن الكثير من المستشرقين يبذلون الجهد في الحر اللافح ويدونون ملاحظاتهم في ظروف مناخية قاسية في بلادنا وغيرها واليوم يتبوأ هذا العلم علماء من بلادنا مدركين جسامة الدور الملقى على عاتقهم.

إن علم الآثار من أهم روافد علم الاجتماع ومصدر للمؤرخ والجغرافي فتحية للدكتور الأنصاري على إنجازه الغزير بما قدمه من مقالات علمية وكتب في التاريخ والآثار والحضارة امتازت بالوضوح والعمق. وكم نحن في حاجة إلى تكوين قاعدة قوية من الآثاريين المتمكنين ليتابعوا المسيرة العلمية فبلادنا زاخرة بالآثار في عدة مواضع في المملكة وبالكتابات والنقوش في هذه البلاد التي جعلها الله مركز الإسلام وبها متبوأ إبراهيم ومنشأ إسماعيل ومولد محمد صلى الله عليه وسلم، وبها آثار قديمة وآثار إسلامية حقق الله الآمال.. عضو جمعية التاريخ والآثار بجامعات دول مجلس التعاون.