Culture Magazine Thursday  15/12/2011 G Issue 356
الثالثة
الخميس 20 ,محرم 1433   العدد  356
 
خطوٌ.. ومحو
سيرة كرسي ثقافي 8
إبراهيم بن عبدالرحمن التركي العمرو

* * لم تكن المنتدياتُ المنزليةُ ذائعةً كما هي الآن؛ حيث أصبحت منافسةً للنشاط المنبري الرسمي، ولبعضها قيمة ثقافيةٌ وحضورٌ معرفي. وقد فاجأت المحررَ الصغيرَ دعوةٌ لارتياد أمسية خاصةٍ، في شهودها رموزٌ كبيرة، منهم الشيخ عبد الله بن خميس -رحمه الله-.

* * لم يكن للمنتدى برنامجٌ محدَّد، ولم يُعرف هدفه، غير أنه شاهد جمعًا طيبًا ورجلاً كريمًا، ولعله كان أصغر الموجودين؛ فالتزم الصمت إلا من تداخلٍ عابر دار حول قصيدة اليتيمة التي ادعاها أربعون شاعرًا - كما يروى - وتُرجَّح نسبتها للشاعر «دوقلة المنبجي».

* * كان الحوارُ ثقافيًّا حرًّا، أو لنقل: مبعثرًا؛ فلا رابط ولا ضابط، وانتهى اللقاء بوجبة عشاءٍ دسمة ثم وداعٍ استوقفه فيه صاحبُ المنتدى؛ ليؤكد عليه الالتزام بالحضور المنتظم، في إشارة تقدير لطيفة للوجه الجديد.

* * يلوم نفسه حين لم تصادف العودةُ للمنتدى هوى يجتذبه للاستجابة؛ فكانت المشاركةُ الأولى هي الأخيرةَ؛ ما لم يفهم لها سببًا مقنعًا سوى النزعة الاستقلاليةِ المتطرفة كيلا يُحسبَ يومًا في عداد فريقٍ أو جماعة أو وسط.

* * لم يكن الحضور ليضيرَه ولو بين آنٍ وآن، وكثيرٌ مما نفعله في زمن نحاسبه بمقياس زمنه، ولعله أصاب حينها بمقياس الأمس وأخطأ بمقياس اليوم، وإن ظلَّ في داخله حتى تأريخه غيرَ ميالٍ للمشاركة الصاخبة أو حتى الصامتة في الفعاليات المشابهة، و»لكل امرئٍ من دهره ما تعود».

* * وعى ذهنه علاقةً بين تلك الندوة ومن يطلبون منه حمل «بشته» ومرافقتهم للمناسبات الرسمية؛ كي يكون معروفًا على نطاقٍ أوسع؛ كي يحقق لمصلحته شيئًا من التميز أو المميزات، وبقي واقفاً حيث هدته اقتناعاته؛ فلم يصادق «البشت» ولم يغشَ الندوات، وخطر في باله موقفٌ مشابهٌ حين ضمته جلسة مغلقة ساءه فيها أن يُرى العييُّ بليغًا، وآمن بأن الوجوه تتشابه وإن اختلفت الأمكنة.

* * بدا له اعتزال المجتمع الثقافي والمتمسحين به أجدى مع استمرار عطائه فيما يحسنه، وسمع عن جلساتٍ ثقافية شعبية تنتهي باللجاج والمخاصمة وربما مدّ الأيدي؛ فاقتنع بعلاقاته خارج هذا المحيط، ووجد - وما يزال يجد - فيها دفئه وسكينته.

* * شغل نفسه بالتعرف الوئيد على الرموز الثقافية الموسومة حينها، وابتدأ مشروعًا طويلاً لزيارتهم في منازلهم، ونسق بنفسه معظمها، ونُسِّق له بعضٌ منها، وكان هدفه تقديم صفحته التي أوكل إليه إعدادها، وهي صفحة «قراءة في مكتبة»، وكانت المكتبةُ الواجهةَ التي تبدو فيها الصفحة، وفي عمقها حوار ثقافيٌّ ممتد نحو قضايا الثقافة الشائكة بلغةٍ تتواءم مع الوضع السائد، وتتجاوزُ حساسية الرقيب.

* * مال لصياغة العناوين القوية، وأخذت الصفحةُ بعض اهتمام، وقاده أحد العناوين لعتبٍ وتكذيب، وهو ما ستحكي عنه سيرة الخميس القادم إذا أراد الله.

Ibrturkia@gmail.com twitter:@abohtoon

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة