استكمل عرض كتاب الفنان والناقد عمران القيسي (الفن التشكيلي العربي المعاصر-الميراث والحداثة) بعد أن تناولت الأسبوع الماضي ما يتعلق بالمملكة ودول الخليج، ومشيراً إلى أن الفنان عمران القيسي ينشر كتاباته النقدية في صحيفة الخليج الإماراتية وليس الاتحاد كما ورد في الكتابة السابقة.
في الدول العربية الأخرى يفتتح الباب الثالث بعنوان: (الفن العربي المعاصر إثبات الوجود)، ومشيراً إلى أن إحداثاً ما، لها الدور في ظهور أعمال هامة مثل تمثال نهضة مصر لمحمود مختار ونصب الحرية لجواد سليم، ويرى أن الفن في هذا العصر العربي ليس ترفاً ديكورياً بل وعي صدامي يهدم كل ما تأسس من هيكلية جمالية سلبية، فالمدرسة التعبيرية -مدرسة بغداد- خلقت تقاليد شكلية وبعض مواضيعها التي سادت ناقشت هواجس فردية وأن السؤال ذاته يقول القيسي يتكرر عندما نتحدث عن الفن التشكيلي الفلسطيني المعاصر، ففنانوه نجحوا في الخروج من دائرة الحنين والوصف إلى مربع التصادم القاسي الشرس ثم ينتقل إلى مصر ومنفيستو بيناليها في دورته الثامنة 1001 والإشارة إلى رعيل الفنانين الشباب وأفكارهم الجريئة. يستفتح الكتابة عن الفن العراقي بإشارات تاريخية بدءاً بآثار الوركاء وأهميتها إلى الخلافة الإسلامية فيها وظهور الواسطي إلى الفنون الأحدث وظهور عبدالقادر الرسام والحاج سليم ثم جيل الريادة جواد سليم وفائق حسن وخالد الرحال وغيرهم ممن رسموا بداية متأثرين بالأسماء العالمية فتنبيه بعض الفنانين البولونيين لهم بجمالية مدينتهم وميراثها الإبداعي ثم يضع توزيعاً موجزاً لتيارات فنية صنف ضمنها بعض الفنانين، ثم يتجه إلى بعض البلدان العربية والأجنبية ويصنف الفنانين العراقيين المقيمين فيها بأسماء تلك الدول فيقول مثلاً: جماعة هولندا وتجمع فنانين مثل علي طالب وحسن عبود، ويعود إلى جواد سليم ويعتبره القطب الذي دارت حوله المعادلة التنظيمية الأولى للفن العراقي. ثم إلى جيله وتلامذته بالإشارة أو التلميح أو شيء من التفصيل ثم يفرد صفحات عن الواسطي.
الحداثة، المدينة، والوجود مدخل للفن الأردني يبدأ بدخول الفنانين العراقيين ونشاطهم في الأردن ثم تأسيس الجمعية الملكية للفنون الجميلة، فالمتحف الوطني الأردني ويشير إلى مقارنات ثنائية بين نماذج عربية ربما اختارها من مجموعة المتحف، عنوان جانبي هو ظاهرة المعارض المتقدمة ثم محطتان في الفن الأردني فأسماء أردنية يرى أنها تلعب دورها التأسيسي في الحركة التشكيلية الأردنية بينها هيلدا حياري ورولا شكري وسهى شومان وكريمة بن عثمان ومحمد الجالوس ومؤكداً على وجود الفلسطينية سامية زرو التي يعتبرها إضافة نوعية هامة، ولاحظت غياب أسماء أردنية هامة تاريخياً مثل أحمد نعواش ورفيق اللحام ومهنا الدرة ومنى السعودي وغيرهم.
اتخذ المؤلف لبنان مدخلاً للحداثة في الفنون العربية وتحت أكثر من عنوان كتب تاريخياً عن العلاقة بالكنيسة، مشيراً إلى فرنسيس الكفاعي وإبراهيم كرباج ويوحنا الأرمني، فأسماء تالية مثل كنعان ديب وعبده بطرس وإبراهيم سربيه ونجيب شكري، ويعتبر النقلة الأبرز مع المؤسسين الأكاديميين داود قرم وحبيب سرور وخليل الصليبي، ثم يتجه نحو الانطباعية اللبنانية كمدخل للحداثة ممثلاً ببعض الأسماء، فيشير إلى الجميل وفروخ والآنسي معتبراً أن الحداثة الفنية في لبنان أقرب إلى حالة الدوي المتواصل لأنها لم تزل تثير الأسئلة ولا تجيب إلا على القليل جداً منها، معتبراً أن الفن اللبناني استعراض للجديد وليس ابتكاراً للتجدد، ومؤكداً أهمية بعض الأسماء وأن من تحت فراشييهم تتقدم لوحة لبنانية نستطيع أن نتعامل معها كمسطرة (ايفيت أشقر وشفيق عبود وسلوى شقير وسعيد عقل وميشيل بصبوص ووجيه نحله) وآخرون.
في السياق تغيب تجارب عربية من السودان ومصر والمغرب وتونس والجزائر وسوريا وهي بلدان للفن التشكيلي فيها تاريخ وأهمية.
solimanart@gmail.com