Culture Magazine Thursday  13/10/2011 G Issue 350
فضاءات
الخميس 15 ,ذو القعدة 1432   العدد  350
 
هل الذكاء شرط للنجاح؟
عبدالله بن محمد السعوي

كثيرون يعتقدون أن النجاح يعود في المقام الأول إلى الذكاء وبراعة القدرات الذهنية، ونتيجة لذلك الانطباع يتم النظر إلى الإخفاق بوصفه نتيجة طبيعية للغباء وتراجع مستوى الإمكانيات العقلية. والحقيقة أن هذا الاعتقاد يشوبه الكثير من الارتجال وعدم الدقة. إن الواقع يؤكد عدم دقة تلك المعادلة, والدراسات البحثية تؤكد أن كثيراً من حالات الإبداع وكثيراً من قصص النجاح لا تعزى إلى ارتفاع مستوى الكفاءة الذهنية فقط بقدر ما هي مدينة لعوامل أخرى كالعزيمة والهمة والإصرار, أو وجود البيئة المحفزة والداعمة التي تصنع أسرار النجاح. ولو ضربنا مثالاً لتقريب الصورة أكثر نقول: تأمل فيمن حولك من إخوان أو أبناء أو غيرهم على صعيد المستوى الدراسي مثلاً ستجد مَنْ يحرز تفوقاً لافتاً في مسيرته التعليمية ويحصد أعلى الدرجات ويحوز معدلات عالية مع أن بنيته الذهنية محدودة، ولا تتواكب مع ذلك الانطلاق الذي لا يفتأ يتصاعد باستمرار نتيجة للتفاني والتمحض والطموح والمذاكرة المتواصلة والتركيز الذي قد يكون على الحفظ والترديد أكثر من الفَهْم والاستيعاب,وفي المقابل ستجد في تلك الأسرة نفسها من يخفق في مشواره الدراسي، وقد لا يتجاوز المراحل الأولية، مع أنه ألمعي حاد الذكاء, لكنه يخفق لكسله وتدني إرادته وانخفاض سقف طموحاته ولرغبته الجارفة في التخلص من عناء المواصلة. تأمل في الواقع المحيط بك وستجد أن هناك أشخاصاً عاديين أو أقل من ذلك، ولا يملكون الحصيلة الذهنية النوعية، ومع ذلك أبدعوا في مجال من المجالات، وصار لهم بصمة معينة، وحازوا مستويات متقدمة في الإبداع؛ وذلك بفعل التصميم والمثابرة والجد المتصل والجهد المتواصل والعمل الدؤوب، إضافة إلى البيئة المساندة, وستجد في المقابل من فشل في حياته فتوارى في الظل وآثر الانتماء إلى المقاعد الخلفية مع أنه يملك ذكاء متجاوزاً ومواهب نوعية ويتوافر على استعدادات فطرية كامنة، لكنه - وهذه هي المشكلة - لا يملك الطموح أو أنه لم يوفَّق ببيئة تكتشف مواهبه فتحفزه وتحدوه نحو الإبداع. كثير من الأشخاص حكم على نفسه بالفشل مع أنك تجد الواحد منهم لديه مواهب غير عادية وقدرات متوهجة وذكاء لافت، لكنه يفتقر إلى الروح المتوثبة والنفس التواقة، أو أنه افتقر في بيئته المحيطة لذلك الشخص القيادي التربوي الحازم الذي يقدح زناد الوعي ويوظف الطاقات في مسارها الصحيح، وهذا - لا شك - يمثل خسارة للأمة؛ لأن نجاح الفرد هوفي النهاية يصب في مصلحة المجموع.

-


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة