اختار الزميل الناقد والفنان عمران القيسي مفردة الميراث بدلًا من التراث في الإشارة إلى الماضي، جاءت في عنوان كتابه الصادر قريبًا في بيروت عن اللجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو وعنوانه (الفن التشكيلي العربي المعاصر-الميراث والحداثة).
يسعى الكتاب -بقول المؤلف- إلى حل مزمن يتعلق بالتعامل العربي مع الميراث الإبداعي سواء أكان عربيًّا صافيًّا أو عربيًّا مكتسبًا. وجاء ضخمًا في أكثر من 350 صفحة بالغتين العربية والإنجليزية من القطع الكبيرة وزعه على ثلاثة أبواب وشمل بجانب المادة التحريرية صورًا لأعمال متنوعة أجنبية وعربية.
يطرح في مدخله عدة أسئلة عن أهم مميزات الإبداع الفني التشكيلي العربي وإلى أي مدى يمكننا قياس استقلاليته عن المتداول عالميًّا؟
هل تم تطوير الميراث الفني الإبداعي؟
هل نحن بموازاة الاختبارية الفنية الأوروبية والعالمية أم مجرد أصداء لآخر صرعاتها؟. وأسئلة أخرى الكتاب -كما قال القيسي- يجيب عليها.
مع سعة العالم العربي ووجود حركات فنية مختلفة التأثيرات والتوجهات والأفكار ومع وجود فنانين عربًا يقيمون في الخارج فإن الإلمام بكل ذلك قد ينتابه شيئًا من الصعوبة وهي صعوبة وقع فيها أكثر من مؤلف عن الفن التشكيلي في الوطن العربي ولأسباب كثيرة وبالتالي فالمادة قد تحرر بناء على: إما مراجع لا تخلو من نقصان أو تجاهل أو من خلال معرفة شخصية بالحركة التشكيلية كأن يكون منتميًّا لها أو قريبًا منها وهو ما ظهر في هذا الكتاب والمؤلف يتناول الحركة التشكيلية في المملكة العربية السعودية التي تربطه علاقة ببعض أسمائها، فهو أقام معرضًا فرديًّا في جدة وله علاقات مع بعض الفنانين السعوديين والأدباء، وقدّم وسط الثمانينيات كتابًا مصورًا لأعمال الفنان الراحل عبدالحليم رضوي أعقبه كتابات عن بعض الفنانين التشكيليين السعوديين، كما كتب المادة التحليلية لكتاب صدر منذ عامين تقريبًا عن الفنان طه صبان وهو لم يزل يحرر صفحة تشكيلية في صحيفة الاتحاد ومنذ أعوام، بالتالي فإن الكتابة هنا ستكون وفق رؤية عامة قد يستعير معها المؤلف أسماء بعينها وفق رؤيته بالأهمية التي تحقق عنوان الكتاب أو العرض العام لشمول الفقرة الخاصة فهو على سبيل المثال لم يتناول ضمن تخصيصاته تفصيلًا عن رضوي ومحمد السليم وعبدالجبار اليحيا وصفية بن زقر مع معرفته التامة بتجاربهم الفنية واكتفى باستعراض تجارب مثل (منيرة موصلي وطه صبان وعبدالله حماس وعبدالله الشيخ وعبدالرحمن السليمان وزمان محمد جاسم) بل وصف في بعض فقراته بأهمية بعضهم وفق الحالة التشكيلية الراهنة على مستوى التجربة التشكيلية في المملكة، واكتفى باستعراض أعمال بعض الفنانين مثل علي الرزيزاء وفهد الحجيلان بدل الحديث عنهم.
أعتقد إن كتابًا بهذه الصيغة واللغتين قد يصعّب على المؤلف الاسترسال في الكتابة عن الجميع أو بمزيد من التفصيل وبالتالي تم اختيار تلك النماذج إما بالكتابة أو بالإشارة وهو ما نجده أيضًا في الباب الذي يتناول فناني الخليج العربي فهو يعمد إلى مدخل يشيد بالمنجزات الفنية (متحف الفن الحديث في الشارقة وبينالي الشارقة) فعالم الاتصالات المتطور. يؤكد على أهمية النحات الكويتي سامي محمد وزملائه ثريا البقصمي وعيسى صقر وعبدالرسول سلمان. في الإمارات العربية المتحدة يشير إلى تأثير بعض الفنانين العرب المقيمين ومشيرًا إلى الإماراتيين حسين شريف ومحمد إبراهيم وعبدالقادر الريس وعبدالرحيم سالم ومن البحرين يؤكد أهمية الشيخ راشد آل خليفة وعبدالرحيم شريف وإبراهيم بوسعد وفي قطر يشير إلى أهمية يوسف أحمد وجاسم زيني وحسن الملا وفاطمة الشيباني ومن عمان يعدد أسماء معظمها من الخطاطين أو ممن يستلهمون الحرف العربي.
“للحديث صلة”..
solimanart@gmail.com