سلمان عباس شلهوب الدليمي علم من أعلام الفن التشكيلي العربي عامة والعراقي على وجه الخصوص، كان لي وللكثير من زملائي التشكيليين حظ أن يكون معلمنا في معهد التربية الفنية على مدى ثلاثة أعوام انتهت عام 1972م - 92هـ غادرنا بعدها إلى العراق. نهلت أنا وزملائي الذين يشكلون أبرز رواد الساحة التشكيلية في المملكة العربية السعودية من نهر إبداعه وخلقه حيث كنا في ذلك الوقت (زغب الحواصل) في حاجة لتنمية مواهبنا الغضة وإلى الثقافة الفنية التي تتكئ على الثقة بالنفس مدعمة بخبرات من أراد مثل هذا الإنسان الرائع الذي لا يمكن أن يمر اسمه بين طلابه وتلامذته في ذلك الوقت ممن أصبحوا اليوم من الأسماء المعروفة بحضورها التشكيلي إلا ويثنى عليه وعلى ما قدمه لهم.
لن أنسى كيفية توجيهه لنا التي يجمع فيه بين صرامة المعلم ولطف تعامل الأخ الأكبر، كان يقسو وقت وجود الخطأ ويشيد ويعتز في حالات تميز طلابه، أصر على أن يكمل السنوات الثلاث مع تلامذته في وقت كان يطلب منه أن ينتقل إلى صفوف أخرى، لقناعته أن الاستمرار معنا سيحقق نتيجة أفضل من أن يتغير أسلوب التوجيه مع معلم آخر قد يختلف عنه في كيفية التعامل مع الأداء الفني عبر اللوحة رسما بالأقلام (سكتشات) أو تلوينا بالألوان المائية أو تصويرا زيتيا، ومع أن للفنان سلمان عباس أسلوبا معترفا به على مستوى رفيع في مسيرة الحركة التشكيلية العراقية والعربية إلا أنه لم يفرضه على طلابه أو يحاول تسويقه ونشره مع أن الفرصة متاحة له بأن يحمل أكثر من مائة طالب هذا التوجه الذي يحمل هويته.
ما زال الفنان سلمان عباس يساهم بإبداعاته وحضوره ونشاطه في مختلف المحافل والقاعات ذات القيمة الفنية والشهرة، وما زال يطور وينتقل بأسلوبه من مرحلة إلى أخرى دون التخلي عن روحها وقيمها الفنية والفكرية.
سلمان عباس وثقافة
المعارض الشخصية
يعد الفنان سلمان عباس من الفنانين العرب الذين أثروا الساحة المحلية وساهموا في انبثاق ثقافة المعارض الفردية خلال وجوده في الرياض مع عدد كبير من الفنانين العرب المقيمين، الذين لهم شهرة تسبق وجودهم في المملكة، مما أضفى على معارضهم نوعا من الجاذبية والحضور وكان طلبة معهد التربية الفنية من أبرز المستفيدين من تلك المعارض، وكيفية إعدادها وإمكانية قيامهم بمثلها بعد التخرج، فكان لهم الكثير منها حيث انطلقت المعارض الفردية والجماعية متكئة على نخبة من أولئك الطلبة ما زال عطاءهم يملأ الساحة وما زالوا يحملون مهمة البداية في هذه الثقافة الجديدة على المجتمع المعتاد على المعارض المدرسية أو معارض معاهد المعلمين، هؤلاء الطلبة ممتلكي الموهبة والمتميزين في مجال الفن التشكيلي تجاوزوا به تحصيلهم العلمي إلى مرحلة أكثر تأكيدا على نشر مثل هذه الثقافة، ولهذا لا يمكن أن نغفل أو نتجاهل هذا الدور من هؤلاء المعلمين من المقيمين، المبدعين لنذكر بمن كان لهم جهود ومساهمات في المعارض الشخصية المعروفين عربيا إضافة إلى ضيف صفحتنا لهذا الأسبوع، فعلى سبيل المثال لا الحصر كل من الفنانين من العراقيين سعدي الكعبي، خالد الجادر، شفق النواب، عامر العبيدي، ومن السودان أحمد بلال ومحمد شحته من مصر.
سلمان عباس الأسلوب والريادة
تتميز إبداعات الفنان سلمان عباس بالتفرد والتقنية الخاصة التي قل أن يمارسها غيره في وقت إطلاقها بجانبيها الموضوعي ورموزه التي تنتمي لحضارة العراق أرضا وتاريخا وتقاليد وعادات يجمعهم موروثا فكريا وبصريا، جمع الفنان سلمان في أعماله ما اختزله في ذاكرته ممزوجا بقدراته وثقافته المعاصرة في وقت مبكر، حروفا كانت أو مساحات لونية ارتقى بتشكيلها باللوحة إلى مراحل متقدمة من استباق الحالة التي كان عليها معظم الفنانين العراقيين في ذلك الوقت اختصر ما يمكن أن يشير إليه الباحث والمحلل لأعماله بعبارات تحولت إلى مفاتيح لكل ما يمكن التحدث به حيث يقول في أحد اللقاءات الصحفية (كانت تجربتي الأولى في الابتدائية نلت بها جائزة على مدارس بغداد، كانت اللوحة الأولى التي رسمتها وأنا في الثامنة في عام 1945، ولم يكن يتوقع أن يتبنى ما تلك اللوحة أساتذة من معهد الفنون وأن تتوالى بعدها التجارب والدراسات التي انصبت جميعها في الأسلوب الذي كانت عليه اللوحة ما دفعه للتمسك به وطرحه ضمن إنجاز حقيقي، وتبعا لما يجب أن يكون عليه كل فنان بتحديد اتجاه خاص في فنه ومنحى ينحاه الفنان ليخط له في مسيرته الفنية خطوطا تحفظ له خصوصيته وتميزه.
الشيخلي وإبداع سلمان عباس
وكما يقال العين لا تعلى على الحاجب إذ لا يمكن مهما شعرت بامتلاكي شيء من القدرة على الحديث عن معلمي وقدوتي التشكيلي، أن أتحدث عنه في وقت تحدث عنه كبار التشكيليين في وطننا العربي كما تحدث عنه الفنان الراحل شاكر حسن آل سعيد بما يكفي أن نستشهد به أو أن نضيفه تقديرا لكلاهما، فلكل منهما قمة يقف عليها، حيث يقول عنه الراحل شاكر آل سعيد: (لا نستطيع منذ الوهلة الأولى أن نقف على بنية عالم سلمان عباس الإشارية والعلاماتية معا، مستعينين ب(رموز) أو (دوال) يرمز بها نظامه (التكويني المعماري). وسنجد أنه يفاجئنا في معظم الأحيان بتلاعب الألوان وتدرجاتها المتنوعة ما بين الرماديات والزيتونيات والحمراوات البنية. ومهما أمعنا في التطلع والتحديق في لوحاته ذوات المساحات المتوسطة لكي نوغل في أعماقها فسنكتشف إلى أي حد يستطيع هذا الفنان أن يوسع من آفاق انتشاره من خلال عالمين متجاورين (متناقضين ومتكاملين) معا هما العالم البيئوي - الفضائي والعالم الواقعي المرئي”.
ويضيف آل سعيد: “وهكذا يظل عالم سلمان عباس غنيا بذكريات طفولة وادعة لا تمل أبدا من أن تتجسد في يوميات رجل مكتمل، محاط بهمومه غير المعلنة. إنها تلخص بالكاد مستوى حياة يومية مضنية: لكي تترنم بجماليات السطح التصويري، ذي البعدين معلنة عن متنوعات لا نهاية لها من الإبداع والبحث والاكتشاف”.
فلسفته الفنية ونهجه الفكري
حينما يتحدث الفنان سلمان عباس فإنه يقدم الكثير من المعاني الهامة حول تجربته وفلسفته الفنية والفكر الذي يعتمد عليه في تشكيل أعماله الفنية نقتنص بعض ما جاء في حوارات صحفية أجريت معه في كثير من الصحف جاء فيها أنه لا يميل للطبيعة كما يراها الآخرون وليس لها الحضور المباشر في لوحاته، وإنما يجد في الفضاء ورحابته ملهما له ويؤكد للشكل مفهوم أكاديمي عندي وله سطوته على لوحاته من الناحية المعمارية المستقرة والخط يعطي الشكل توازنا جميلا ويمنحه القدرة على الاستقرار، ومن ناحية المضمون يمنح اللوحة بعدا ومعنى إضافيا يغني ويثري العناصر التي تتكون منها، ما يجعلها لوحة حديثة متكاملة.
كما أشار في أحاديث أخرى عن التقليد لأعمال من سبق من الفنانين بأنه حالة ضرورية مصاحبة لمسيرة الفنان ابتداء من نشأته كمبتدئ في الفن وهذه التأثيرات هي حالة طبيعية, أما التقليد الذي يتجاوز حالة التأثير ليتحول إلى نسخة طبق الأصل فهذا النوع من الفن سرعان ما يعزل متبعه ويبعده عن مسيرة الخط العام. مضيفا أن الفن بحاجة إلى التطور والاطلاع سواء على مستوى المعارض العالمية أو المطبوعات الحديثة فإن مواكبة تطور الحالة الفنية بشكل عام إضافة إلى التحصيل الأكاديمي لها دور في التطور الفني حتى العلاقات لها دور أيضا في انتشار الفنان. رغم أني فنان بعيد عن الشللية وعن الانتماءات السياسية وربما هذا كان وراء خطواتي البطيئة على الساحة الفنية.
وعن أسلوبه يقول إنه اكتسبه نتيجة تجارب ودراسات عديدة على مر السنوات فلكي أنتج لوحة لا بد لي من المرور بحالات من الصراع ولا بد أن يكون للفنان مسيرة واضحة في دربه الفني وتطور منطقي لهذا الفن فهناك فرق بين التطوير والتغير ولا بد من التجريب لكن ضمن أسلوب الفنان فإن طورت فني بحدود البحث والتحليل سيكون إنتاجي هو ابني الشرعي الذي جاء بعد دراسة وتعب وسنين من الجهد والبحث.
ويضيف شلهوب متحدثاً عن واقع الفن التشكيلي على الساحة العربية: قراءتي اليوم للمستقبل لا أجدها تدعو للتفاؤل كثيرا فالكثير من التجارب بعيدة عن الجدية.
سلمان عباس شلهوب
- درس الفن من عام 1964 إلى عام 1968 في معهد الفنون وأكاديمية الفنون في بغداد.
- عضو الرابطة الدولية للفنون التشكيلية التابعة لليونسكو (JAAP) في باريس.
- عضو اتحاد الفنانين التشكيليين العرب.
- عضو نقابة وجمعية الفنانين التشكيليين العراقيين وعضو رابطة الفنانين الأردنيين والقطريين واللبنانيين.
- رئيس فرع الرسم في معهد الفنون الجميلة في بغداد من 1976 - 1988.
- عمل في حقل تدريس الرسم في المملكة العربية السعودية من عام 1968 وحتى عام 1974 (معهد التربية الفنية) الرياض.
- حاضر في أكاديمية الفنون الجميلة - قسم إعداد المدرسين - جامعة بغداد.
المعارض الشخصية
- 1965، 1966، 1992 بغداد.
- 1970، 1971، 1972، 1973 الرياض - المملكة العربية السعودية.
- 1994، 1999 عمان.
- 1997 المنامة - البحرين.
- 2000 القاهرة - مصر.
- 2000 الدوحة - قطر.
- 2001 الرياض.
- له أعمال كبيرة في مطار صدام الدولي ومطار البصرة وساحة الاحتفالات الكبرى في بغداد وأماكن متفرقة منها.
- له جناح في المتحف الوطني للفن الحديث في بغداد.
- له عمل في واشنطن - الولايات المتحدة الأمريكية.
- له عمل في متحف قطر.
- له عمل في المتحف الوطني الأردني.
- له عمل في متحف جوزيف بروزتيتو في يوغسلافيا.
مجموعات خاصة
- له أعمال في مجموعة جلالة الملك عبد الله الثاني ملك الأردن.
- له أعمال في مجموعة الملكة رانيا العبد الله.
- له عمل في مجموعة السيد زين العابدين بن علي - رئيس جمهورية تونس.
- له عمل في مجموعة السيد رئيس جمهورية الدومنيكان Hipolit- Mejia والرئيس السابق Leonel Fernandez.
- له عمل في مجموعة سمو الأميرة زين بنت الحسين.
- له عمل في مجموعة السيد خافير بيريز ديكويلار - السكرتير السابق للأمم المتحدة.
- مجموعات خاصة داخل وخارج العراق.
- انتخب من قبل اليونسكو (الرابطة الدولية) ليمثل العراق في المعرض التشكيلي الذي أقيم في عام 1986 بمناسبة مرور أربعين عاما على تأسيس اليونسكو.
مشاركات في معارض خارجية
1976 الاتحاد السوفيتي - سابقاً.
1979 كان سورمير - فرنسا.
1984 برلين.
1985 أوربا المتحول.
1998 معرض مشترك في فندق حياة ريجنسي في ديترويت - الولايات المتحدة.
1998 معرض عراقي مشترك في صالة دمشق.
1998 معرض مشترك في مركز الجالية العراقية في لندن.
1999 المعرض العربي المشترك في قاعة حمورابي - عمان.
مشاركات في معارض عالمية أهمها:
1979 كان سورمير - فرنسا.
1980 الخليج العربي - الدوحة قطر.
1983 بينال العربي في الكويت (جائزة الشراع الذهبي).
1986 اليونسكو المتحول (بريطانيا- روسيا- اليابان- أمريكا).
1986 مهرجان بغداد العالمي الأول للفن التشكيلي.
1988 مهرجان بغداد العالمي الثاني للفن التشكيلي.
1990 بينال أنقرة الآسيوي الأوربي.
1996 بينال الشارقة الدولي للفن التشكيلي.
معارض مشتركة ثنائية
1993 معرض مشترك مع الفنان الأردني محمود طه - قاعة أبعاد - عمان.
1995 معرض مشترك مع الفنانة الأردنية الراحلة علياء عموره - قاعة الأورفلي - عمان.
2001 معرض مشترك مع الفنانين سعدي الكعبي ورفيق اللحام وعبد الرؤوف شمعون وفاروق لميز.
monif@hotmail.com