Culture Magazine Thursday  06/01/2011 G Issue 328
تشكيل
الخميس 02 ,صفر 1432   العدد  328
 
محطات تشكيلية
عشقوا الواقع بكل تفاصيله فرسموه
مستشرقون وثّقوا حياة الشرق في لوحاتهم فحفظت في المتاحف العالمية
إعداد: محمد المنيف

في محطتنا لهذا الأسبوع عودة إلى الماضي إلى فترة هامة من دور الفن في تسجيل الواقع في وقت لم يكن للكاميرا حضور فأبدع الفنانون في إبراز قدراتهم التصويرية في تسجيله، وكان المستشرقون الأكثر شهرة وحضوراً وأهمية عبر لوحاتهم التي رسموها من الشرق العربي أصبحت بمثابة وثائق تعكس حقيقة الحياة بكل تفاصيلها، لقد أصبح لهذه اللوحات مكانة عند علماء التاريخ والباحثين ومكان رحب في أشهر المتاحف تقديراً لإبداع أصحابها ولما تتضمنه من صور ومشاهد لم يعد لها أثر سوى الأطلال أو ما يتردد في كتب التاريخ من وصف يخالطه الخيال.

تبقى لوحات الفنانين المستشرقين وثائق بصرية أقرب إلى الفوتوغرافية حملت رسوم بما تتضمنه من واقع لفترة زمنية من حياة الشرق في القرن السادس عشر وما تبعه في القرنين الثامن والتاسع عشر وهي فترة وجود البعثات والاهتمام الكبير من قبل الغرب بالشرق، مع ما قام به نابليون بإحضار الفنانين في حملته، شملت كل ما له صلة بالواقع العربي خصوصا منطقة المغرب العربي ومصر والشام فبرزت في تلك الأعمال الكثير من التفاصيل العامة والخاصة منها الأزياء والعلاقات الإنسانية وأنماط العمارة، هذا الاهتمام من الفنانين المستشرقين لم يأتِ من فراغ بل نتيجة أثار إعجابهم من جمال، حرك فيهم سبل التعبير فأنتجوا لوحات غاية في الدقة وتسجيل المشهد، إن كان للطبيعة وتأثير الضوء عليها، أو الأفراد وحركة الأسواق وصولا إلى بيوت العبادة ومنها المساجد حيث أظهر هؤلاء الفنانين العديد من علاقة العربي بالمسجد واعتباره ملتقى ومكان لتبادل الآراء والحوارات وتلقي علوم الدين كما نرى في لوحة (تحفيظ القرآن) للفنان الإيطالي (برتوليني. ف)، أو لوحة المسجد للفنان الفرنسي (جيروم، جان - ليون) (ولوحة الوضوء )، أما جانب الأزياء وإبراز بعض ملامح الغنى والرفاهية فهي في لوحة (السيدة النائمة) للفنان الإيطالي (ديني. س) ولوحة (تأمل) للفنان الإيطالي (كنشدريل.ف) مع ما نشاهده أيضا من تفاصيل للسوق وحركة البيع والشراء في لوحة (شارع في دمشق) للفنان الألماني (بورنفيند، غوسناف) ولم يترك هؤلاء الفنانين أيضا نقل الواقع الأسري وما بداخل البيوت وأنماط بنائها كما في لوحة (عربي في صحن البيت) للفنان الألماني (ميلخ، الفونصو ليوبيل).

لقد كان لمرور هؤلاء الفنانين وزياراتهم دول الشرق اكتشاف تأثير ضوء الشمس الساطع على المشهد العام صحراء ومدن وأشخاص له انعكاسه ووهجه الذي لا يجدونه في بلدانهم الغربية، وقد حظيت متاحف مصر بعدد لا بأس به من هذه اللوحات طلبت من بعض المتاحف الأوروبية بما يقارب الثلاثون مليار جنيه قوبل ذلك بالرفض باعتبار أنها ثروة قومية.

وقد جمعت الكثير من تلك اللوحات باستخدام فن الجرافيك «الليثوجراف»، في كتاب بعنوان «وصف مصر» اعتبر موسوعة فنية توثيق لواقع ثقافة وتاريخ مصر في ذلك الوقت.

لم يكن الشرق مصدر الهام لهؤلاء فقط بل امتد إلى المبدعين في القرن العشرون أمثال ما تيس وبيكاسو وديلاكروا وغيرهم الذين وجدوا في هذا الواقع الذي يجمع صفاء البحر ونقاء شمس الصحراء ما يمنحهم اكتشاف تأثير الضوء على كل جزء من الحياة.

monif@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة