Culture Magazine Thursday  06/01/2011 G Issue 328
الملف
الخميس 02 ,صفر 1432   العدد  328
 
مركز جمعة الماجد
أ. د. فاتن سعيد بامفلح*

في قلب دبي بالإمارات العربية المتحدة يضيء مركزًا للإشعاع الثقافي والعلمي يحمل اسم مؤسسه رجل الأعمال المعروف الذي تنتشر مجموعته التجارية في مختلف أرجاء الإمارة.

إنه «مركز جمعة الماجد للتراث والثقافة»، ذلك المركز الذي سخَّر له مؤسسه الجهود كافة، بل استثمر العديد من نشاطاته التجارية لخدمته وتطويره ليبقى صرحًا ثقافيًا متميزًا لحفظ التراث الثقافي والإسلامي، وليقف علامة مضيئة في عالمنا العربي. وقد أتيحت لي الفرصة مؤخرًا لزيارة مركز جمعة الماجد. والواقع أنني سعدت بهذه الزيارة لذلك المركز الذي يستحق أن يتوجه لزيارته كل مثقف يزور مدينة دبي، فهو دون شك معلم حضاري يزخر بالعديد من النشاطات الثقافية التي تعكس اهتمامًا كبيرًا بقطاع المعلومات.

إن نشاطات مركز جمعة الماجد لا تقتصر على اقتناء وإتاحة مصادر المعلومات المختلفة للمستفيدين، بل تتجاوزها إلى نشاطات أخرى لا تقل أهمية عنها، وفيما يلي نتناول أبرز نشاطات المركز:

أولاً: اقتناء المخطوطات وتنظيمها:

يسعى المركز للحصول على المخطوطات الأصلية والمصورة بشتّى الطرق ومن مختلف أنحاء العالم، وقد بلغ عدد المخطوطات الأصلية التي يقتنيها 80 ألف مجلد تضم أكثر من 15 ألف عنوان.

ويبذل المركز الجهود اللازمة كافة للحصول على المخطوطات واقتنائها، ومن ذلك على سبيل المثال إرسال وفود من عشرات الموظفين بالمركز لتصوير الوثائق المخطوطة الموجودة في دول أخرى كالمغرب وروسيا وتركيا وغيرها وضمها إلى مجموعات المركز الذي يتولى بدوره تنظيم تلك المخطوطات وإنشاء فهارس لها.

ويقتني المركز 80 في المئة من فهارس المخطوطات المتوافرة حول العالم لحصر المخطوطات الموجودة في 52 دولة حول العالم.

ثانيًا: صيانة المخطوطات وترميمها:

يضم المركز قسمًا خاصًا بصيانة المخطوطات. ويعتمد العاملون في هذا القسم على الأساليب اليدوية أو الآلية في ترميم وصيانة وتجليد المخطوطات.

ويتولى مصنع الورق التابع لمجموعة جمعة الماجد مهمة تصنيع الأنواع المختلفة من الأوراق التي يستخدمها المركز في عمليات ترميم وتجليد المخطوطات. وقد قام الباحثون في المركز بابتكار وتصنيع جهاز لصيانة وترميم المخطوطات، وتم إهداء وحدات من ذلك الجهاز إلى جهات عديدة داخل الإمارات العربية المتحدة وخارجها بغرض دعم محافظة تلك الجهات على مخطوطاتها وصيانتها.

ثالثًا: تجميع التراث الوطني:

يخصص المركز قسمًا مستقلاً خاصًا بتجميع مصادر المعلومات الصادرة حول دولة الإمارات العربية المتحدة، مع التركيز على إمارة دبي.

ولا يقتصر الأمر على هذا الحد، بل يتجاوزه إلى تجميع مصادر المعلومات التي تتناول منطقة الخليج العربي. ويحتفظ القسم ببعض الوثائق التاريخية الروسية والبريطانية والأمريكية، فضلاً عن بعض الخرائط المهمة للمنطقة العربية.

رابعًا: المكتبات الخاصة:

يضم المركز عددًا كبيرًا من مجموعات المكتبات الخاصة لبعض الشخصيات العربية من علماء ومفكرين وأدباء، تصل إلى 60 مكتبة. ومن بينها مكتبة الشيخ عبد الخالق عبد الغني، وشكري فيصل، وسيد صقر، وعبد الله عبد الدايم، وبسيم الحصني، وشاكر الفحام.

وقد حصل المركز على بعض تلك المكتبات عن طريق الإهداء من أصحابها، وبعضها الآخر تم شراؤه بمبالغ ضخمة لضمه إلى مجموعات المركز.

ويحتفظ المركز بتلك المكتبات مجتمعة في قاعة كبيرة، إلا أن كل مكتبة منها تظل مستقلة كما هي، وفي بعض الأحيان تبقى في خزائنها نفسها التي حفظها فيها أصحابها، تخليدًا لأسمائهم.

خامسًا: النشر العلمي:

يسهم المركز في إثراء حركة النشر بإصداره العديد من المطبوعات الثقافية والعلمية التي تهم الباحث العربي والإسلامي، وتثري بدورها الحركة الثقافية والفكرية للمجتمع العربي.

سادسًا: عقد محاضرات ولقاءات ثقافية:

يخصص المركز قاعة للمحاضرات واللقاءات الثقافية التي ينظمها، التي يستضيف فيها مثقفون وأكاديميون من دول مختلفة. ويتم تسجيل تلك الفعاليات وغيرها على أشرطة فيديو وتصويرها فوتوغرافيًا.

ويحتفظ المركز بتسجيلات لتلك اللقاءات في مكتبة الوسائط المتعددة داخل المركز.

سابعًا: المكتبة الرقمية:

تتيح المكتبة الرقمية النص الكامل لمجموعات عربية متخصصة تغطي التراث العربي والإسلامي بمجالاته المختلفة؛ بما في ذلك الأدب والتاريخ والدين...الخ. ويقسم المركز محتويات المكتبة إلى فئتين من المجموعات إحداهما مخصصة للمخطوطات، والأخرى للكتب العربية، وكلاهما يتيح المحتوى في ملفات بصيغة PDF من خلال موقع المركز المتاح على الشبكة العنكبوتية

http://www.almajidcenter.org .

ثامنًا: إتاحة المجموعات في المركز:

يزيد إجمالي مجموعات المكتبة الرئيسة للمركز عن 500.000 مادة تغطي أكثر من 220.000 عنوان معظمها باللغة العربية، إلى جانب بعض المواد باللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والفارسية، من بين تلك المواد الكتب والمخطوطات الدوريات، والرسائل الجامعية.

ويضم المركز قسمًا للوسائط المتعددة من مواد سمعية وبصرية ومصغرات فيلمية وأقراص مدمجة.

ويتيح المركز في قاعة المراجع بعض المجموعات المرجعية العامة على رفوف مفتوحة، أما باقي المجموعات التي من بينها المكتبات الخاصة فيتم تخزينها داخليًا.

ويُتاح تعرف المستفيدين عليها من خلال الفهرس الآلي المتاح في قاعة المراجع، ويتم طلب المواد آليًا من قبل اختصاصيي المكتبات الموجودين في قاعة المراجع، لترسل مباشرة من قبل مسئول المخازن الداخلية إلى قاعة المراجع العامة ليتم اطلاع المستفيدين عليها داخليًا، حيث لا يسمح المركز بالإعارة الخارجية لمقتنياته من مصادر المعلومات.

أما عن النظام الآلي المستخدم فقد تم إعداده وتطويره محليًا داخل المركز كنظام متكامل يستخدم في الفهرسة، والبحث في الفهارس، والتزويد، والإعارة الداخلية، وضبط الدوريات، والجرد...

ويتضح مما سبق أن نشاطات مركز جمعة الماجد للتراث والثقافة تمتد إلى خارج حدود المستفيد العادي من مصادر المعلومات، لتشمل أهدافًا سامية أخرى تتمثل في حفظ التراث العربي والإسلامي، ودعم هذا الهدف خارج حدود المركز، بل وخارج حدود الدولة، ولعل ما ورد في هذه المقالة يعكس بعضًا من تلك النشاطات التي تسهم في بلوغ ذلك الهدف المنشود.

وقبل أن اختتم هذه المقالة اسمحوا لي أن أبدي عظيم التقدير لمؤسس ذلك المركز الذي لم تشغله مجموعة مؤسساته التجارية عن اهتمامه بالعلم وطلابه.

ولعل إعجابي بهذه الشخصية وانبهاري بإنجازاتها دفعني للتجول عبر بعض مواقع الإنترنت بحثًا عن معلومات حولها، وإن كانت زيارتي للمركز قد أثارت تعجبي حول ذلك القدر من الاهتمام الذي أولاه رجل الأعمال والتجارة بمجالات العلم والثقافة، إلا أن قراءتي لسيرته الذاتية قد أزالت بعض ذلك التعجب، فهو رجل شغوف بالعلم وخدمة الإسلام، الأمر الذي دفعه إلى إنشاء المدارس الأهلية الخيرية، وإنشاء كلية للدراسات الإسلامية والعربية تفتح أبوابها مجانًا لأبناء مجلس التعاون الخليجي، بل وتقدم المعونات للمحتاجين منهم.

وقد كان الشيخ جمعة الماجد أحد مؤسسي جمعية بيت الخير لرعاية العائلات الفقيرة. ولعل هذه الجهود وغيرها جعلت ذلك الرجل يستحق أن ينال العديد من الجوائز تقديرًا لجهوده في خدمة الإسلام والثقافة، ومن بينها جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام عام 1998م، وجائزة شخصية العام الثقافية لدولة الإمارات العربية المتحدة عام 1992م، وجائزة المساهمين في محو الأمية وتعليم الكبار من وزارة التربية والتعليم عام 1995م، وغيرها من الجوائز.

فتحية إجلال وتقدير لتلك الشخصية الرائدة على تلك الرعاية العظيمة التي توليها لحفظ التراث وتلك الجهود التي تبذلها لدعم العلم والثقافة في عالمنا العربي والإسلامي.

* جامعة الملك عبد العزيز – جدة

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة