Culture Magazine Thursday  29/04/2010 G Issue 308
فضاءات
الخميس 15 ,جمادى الاولى 1431   العدد  308
 
مداخلات لغوية
تحرير علامات الإعراب
أبو أوس إبراهيم الشمسان

ظلّ الخلاف بين النحويين قدماء ومحدثين في أمر علاقة علامات الإعراب بمسبباتها، كان ذلك منذ نشأ النحو حتى يومنا هذا. والفكرة المركزية التي سيطرت على الفكر النحوي أنّ الرفع والنصب والجر والجزم إنما حدث بسبب تأثير عامل لفظي أو معنوي نجده في التركيب، أو نفترض وجوده في تراكيب لا يتحقق فيها تحققًا لفظيًّا، ولم يُسلّم هذا للنحويين انطلاقًا من موقف غير لغويّ مفاده أنّ اللفظ فعل بشري أو هو إلهي أقدر عليه البشر، فالرافع والناصب والجار والجازم المتكلم نفسه لا الألفاظ أنفسها، وهذه الفكرة التي لم يفت ابن جنّي أن يشير إليها في الخصائص (1: 109-110)، واستغلها ابن مضاء من غير سياقها (الرد على النحاة، ص77)، هي فكرة غير غائبة عن وعي النحويين؛ ولكنهم كما بين ابن جنّي إنما يتلمسون علاقات الكلمات المتركبة من حيث المعنى والمبنى، وتأثير هذا التجاور والتضام في التنوع اللفظي الذي رأوه مرتبطًا بالوظائف النحوية المترجمة للدلالات التي هي تعبير عن مقاصد المتكلمين. والسؤال الآن: أمن حاجة حقيقة لربط علامات الإعراب بعوامل أحدثتها؟ أجاب تمام حسّان (اللغة العربية معناها ومبناها، ص186) من موقف وصفيّ بأنه لا حاجة إلى ذلك، وأن الوظائف النحوية لها قرائنها التي تحددها، وما العلامة سوى واحدة من تلك القرائن، وهذا القول مع وجاهته بحاجة إلى ما يقويه من جهتين، أما الجهة الأولى فهي فكّ الارتباط بين الوظائف النحوية والعلامات الإعرابية، بمعنى أن الفاعل يظل فاعلاً رفع أو نصب أو جرّ، والأمر الآخر تحرير أمر العلامات بما يسهل أمر تفسيرها دون حاجة إلى كثير من التأويل والافتراض والتعسف. ويبقى أن من العلامات ما هو أثر لعامل لفظي أثر في الكلمة تأثيرًا لفظيًّا لا يغير من وظيفة اللفظ، وهذا مثل نصب (إنّ) للمبتدأ أو الفاعل المقدم، وكذلك جر الفاعل بحرف الجر الزائد. بقي أن نقول إن الأصل في المرفوعات أن تكون علامتها الضمة وأن المجرور بحرف الجر ظاهرًا أو مضمنًا كما في حالة الإضافة فعلامته الكسرة، وما سوى ذلك علامته الفتحة فالمفعولات والمقطوع عن الإضافة والمنزوع جاره وما جاء بعد أحرف نصب يكون منصوبًا. ومذهب إبراهيم مصطفى (إحياء النحو، ص53، 72، 79) أن الضم علم الإسناد والكسرة علم الإضافة والفتحة ليست علامة إعراب، إذ هي لما سوى ذلك، وهو مذهب يمكن قبوله مع التعديل الملائم لما أشرت إليه؛ إذ المسند يكون مرفوعًا ما لم يعرض لذلك ما يغيره، أي أن الفاعل يرفع إن لم يدخل عليه الحرف (إنّ) أو الحرف (ربّ) أو (من) الزائدة. أما الفتحة فهي علامة للمنصوب الذي قد يكون مفعولا أو فاعلا أو مبتدأً.

الرياض
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة