Culture Magazine Thursday  22/04/2010 G Issue 307
فضاءات
الخميس 8 ,جمادى الاولى 1431   العدد  307
 
أنا هنا.. حتى إشعار آخر..
فوزية ناصر النعيم

جربت أن أهيم في أودية الثلة من الأقربين.. وتمددت أوردتي في موانئهم.. ورست جراحي في الشواطئ المعتمة.. تلك.. التي لا ضوء قمر فيها.. ولا نجمة تلمع في ليل بهيم.. جربت أن أمضي لا ألوي على شيء.. ولا أترك لبؤرة المخيخ أن تنغص عليّ حينما يسري خافقي مع أولئك الذين يتراقصون مع الطيور ألماً.. ولكن.. ويمين الله.. عجزت أن أكون شخصاً صبوراً.

أم كلثوم.. سيرة الحب والذكريات وبعيد عنك.. تثير شهيتي لفلول الألم التي تتربص بي تحت جفن الليل حتى اللوذ منها (بهجرتك يمكن أنسى هواك وأودع قلبك القاسي) والحقيقة أننا غير قادرين على الهجر وعجزنا أن نغير القلوب القاسية إذا.. لا شيء تحت جفن الليل إلا أنا وقلبها القاسي!!! وتعويذات تعلمتها في سنوات هروبها أتلوها كما فجّ الألم جرحي حتى يستكين.. ثم ماذا؟ لا شيء سوى أنني أصبحت رماد حطبها الذي توقد به ناري فهي تعشق الدفء حتى في زمهرير أغسطس القارص!! ثم ماذا؟ سنوات أخرى من سنين رحيلها أرتبها في رزنامة عمري متتالية حتى لا أخطئ التوقيت ويشفع لها عندي ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.. فيا نار كوني برداً وسلاماً حتى إذا فار التنور حملتها في سفينتي وحدها ثم بسم الله مجريها ومرساها.. هناك في الضفاف بعيداً عن ذلك الجبل الذي يعصمني منها سأكتب آخر أبجدياتي لها.. علهّا تجد في متاهاتي ما يستحق البقاء ويمحو قسوة القلوب وتعلم أنني: آويت إليها رغم أنها لا مأوى ولا سكناً!!! وأولئك الذين مروا على راحلتي وسخروا مني إن يسخروا منا فإنا نسخر منهم كما يسخرون.. فأنا مناضلة حتى الموت ولا شيء يجعلني مقاتلة إلا أن الشهادة فوق مساحة الوفاء والبقاء حمامة بيضاء ترفرف فوق صدري ثم تحلّق في سمائي حتى ترتد قتيلة وينفجر قلبها الذي ضخمه الحنين دون أن تجد جذع شجرة تركن إليه.. ماذا تبقى من هذه الرزنامة حتى تستعجلين قطفها وتركها في حاوية مملوءة بمخالفاتك التي تركتِها لي ولم تتركي معها علامة العودة حتى إذا اشتد بك الحنين واستوت على الجودي وغيض الماء وضعتِ أقدامك في إنائي ليغسل عنها التعب.. ثم تعاودين الركض من جديد عكس تيار سفينتي ويبقى جسدي كالصنم تحروله الكرامة.. ويجري قلبي خلفك كالطفل الذي ابتلع أمواس فراق أمه.. وأدرك تماماً: أنه الغياب الذي يرسم ملامحه على ضفاف قلبي.. إذا أنا هنا.. أنتظر.. حتى إشعار آخر.. قتل أصحاب الأخدود.. نعم سيدتي النار ذات الوقود!!

عنيزة
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة