كانت فكرة رواية "مومو" لميخائيل إنده عميد أدب الطفل الألماني، تقع بين طبقتين من حقيقة أهملها البشر، أو تعاملوا معها باستخفاف، الأولى هي أثر الزمن في حياة الإنسان بكل ما فيه من تناقضات ، وكيف يمكن الاستفادة منه لكسب ودّ السعادة، والثانية هي فن الاستماع الذي أجادته طفلة إنده "مومو" في الرواية ، مكّنت هذه المهارة تلك الطفلة الاستثنائية من أن تزيل العبث الذي يحدث بين الأشخاص المتخاصمين تحت لواء الاختلاف ، وبالمقابل كان الفنان الساخر النمساوي كارل كراوس يتبع مبدأ الصمت البليغ قد يكون انحرافاً مزلزلاً في أرض الطبيعة الإنسانية العاشقة للثرثرة ، إلا أنه علاج فعّال لكثير من الجروح البشرية، إن ما يميز"مومو"هو أنها طفلة لا تشبه الأطفال فهي من الأشخاص المميزين الذين لا يشبهون الأكثرية، أصبحت كما الريح المواتية التي توجه الشراع، لقد غمست نفسها في الحقائق ووافقت مقولة "بارانوف"(أغمس رأسك في الحقيقة تقلع عن الكذب). لم تلبس ثوب القداسة ، أي لم تسخط على نفسها لتصبح أفضل مما هي عليه، بل كانت صادقة كقطرة ندى، لعبت المواقف في حياة مومو دور الأم تعلمت من كل ما يمر بها ، كانت تعيش سعادة لا أحد يسيطر عليها، وكأنها وضعت حدا لتناقضات المحيطين بها ، إن فن الاستماع يهدئ أرواحا علاها ذعر الاختلاف فيزيل تعقيدات الجفاء بإيقاع لا ينقطع ، واضعا حدا لنوبات متغلغلة داخلنا حد الضجر، ويبدد أحلام مزعجة تأتينا عن الآخر ذلك الأخطبوط صاحب الأذرع الثمانية الذي يخدش وجوه أرواحنا بانسيابية أصابع عازف بيانو ، إذن ما بداخلنا يمكن تبديده وتغييره متى ما اتقنا الاستماع إلى أنفسنا والى الآخر بحيادية غنية بالوقت.
تقول زينب: لنتقن فن الاستماع للآخر لعلنا نتصالح مع العالم.
zienab_76@hotmail.com
الياض