مغربُ الأوقاتِ شوطٌ
من شهيقٍ
مثلُ عصرٍ
في انعطافٍ
مثلُ جفنٍ
يقفلُ الأقواسَ فينا
يحتوينا
يجعلُ الشكَّ الذي كنا نكذِّبهُ
يقيناً
يغمضُ العينين
يُسقطُ عنهما حقَّ الشموسِ
كأنما كلّ المسافات.. افتراضاً
تستحيلُ إلى بياضْ
كأنّ درباً للمسافر، دون قلبٍ
واسعٌ فضفاضْ
وكأنما الأحزانُ.......
- تعرفها؟
- أجلْ!
هي كالخفيفاتِ
الفراشاتِ
البراءاتِ
العطورِ
تدورُ في الأجواء
تبحثُ عن ثقوبٍ في الظلامِ
وعن حياةٍ
عن حروفٍ من معانٍ
دونَ أشراطِ الكلامِ
عن انتظام الساعةِ
الخفقاتِ
والحركاتِ
عن رسمٍ يساوي سحنةً أولى
(حزانى كلّنا)
والحزنُ فرحتنا الأكيدةُ
كالترابْ
هل نسيتَ الحزنَ يا كذّابْ؟
الحزنُ أنتَ
أنا
وميعادٌ قديمٌ بيننا
والناسُ، كلُّ الناسِ
قد حفظوا الحكايةَ من كتابْ
هل كنتَ تسألُ،
كي أقولَ لك الجوابْ؟
هل أنتَ صمتٌ؟!
- أعرفُ الصمتَ الطويلَ
- لأيّ حدٍّ؟؟
- لن أقولْ!
أنتَ لا معقولْ..
أنتَ حزني؟ لا..
هو أنتَ حزنٌ..
مغربُ الأوقاتِ أنتَ
وأنتَ حزنٌ.. قد يطولْ
فالفوانيسُ المعلقةُ
النجيماتُ
السواحلُ
والصخور الناشفاتُ على جبال البحر
تنحتها الملوحةُ
والهواءُ الرطبُ.. أنتَ
وأنتَ مثلُ الماءْ
هل عرفتَ الماءَ يا ظمآن؟
- الماءُ كالإنسانِ
- لا..
الماءُ أعمقُ
ثم أعلى
ثم أرخصُ
ثم أغلى
ثم أقربُ منكَ فيكَ
وثم أبعدُ منك عنكَ
وأنتَ إنسانٌ وحيدٌ
- لستُ وحدي..
- كلنا (وحدكْ)!
- هل سنعتادُ المراوغةََ العقيمةَ؟
- لا..
قل: هو الميعادُ
(ميعادٌ قديمٌ بيننا)
واصمتْ!
f-a-akram@maktoob.com
بيروت