كنت قد ذكرت في مقال سابق، وبناء على ورقة قدمها د. سهيل الحربي مشاركة مع د. عبدالله فتيني من جامعة أم القرى، حول التربية الفنية، كيف أن بعض معلمي التربية الفنية يسيئون لهذه المادة في عدم تطبيق أهم أهدافها، وهو أن الفن أسلوب للتربية، بمعنى التربية عن طريق الفن؛ فممارسة الفنون وسيلة وليست غاية، الهدف منها تحقيق أهداف أخرى؛ حيث أصبح معرض نهاية العام الدراسي هو الهدف الأهم!
وفي تجربة قد يربطها البعض بما سبق، ولكنها على العكس رائدة في فكرتها وطرحها.. قرأت عنها في صفحة الفيس بوك للأستاذ فهد خليف، وهو فنان تشكيلي من جيل الشباب المتميز، أحسب أن عددًا منكم يعرف ذلك، ولكن ربما يغيب عن البعض الآخر الجانب الوظيفي للأستاذ فهد؛ حيث يعمل رئيساً لقسم التربية الفنية بمكتب التربية والتعليم في وزارة التربية والتعليم بشمال جدة؛ لذا فهو في موقعه من الذين نُحمِّلهم مسؤولية تغيير أساليب تدريس التربية الفنية..
أعود إلى التجربة التي هي من بنات أفكار وإشراف الأستاذ خليف شخصياً، وهو من وضع ضوابطها وآليتها، وهي جدارية تُدعى (جدة) بوصفها مشروعا قائما من منتصف الفصل الثاني من العام الدراسي الماضي1429-1430هـ، تم تطبيقها في عدد من مدارس المرحلتين الابتدائية والمتوسطة في إدارته. ما عرفته منها أنه تم طلب تنفيذ أعمال بخامة ألوان الأكريلك على لوحات من القماش المشدود (كانفس) بمقاس 30×30سم، ومن ضمن آليات التنفيذ أن تكون أساليب الأطفال فنياً مبنية على التسطيح باستخدام اللون والمساحة، مع إهمال المنظور تماما في الرسم، على أن يترك للطالب حرية التعبير في اختيار الموضوع والعناصر المرسومة، والهدف النهائي هو تجميع أكثر من 7000 لوحة في هيئة لوحة واحد كبيرة بمساحة 180سم × 500 متر، أي نصف كيلومتر، علَّها تدخل موسوعة جينس للأرقام القياسية العام القادم.
تجربة فهد خليف مع طلاب جدة تجربة غنية وثرية من نواحٍ عدة، وهي ليست مثل تجارب المعارض المدرسية الاعتيادية، بل تعدت الأهداف الموضوعة في المنهج لتحقيق أهداف أكبر وأسمى، منها بطبيعة الحال ربط المنهج بالمجتمع والتطوُّر وإثراء التجارب وغيرهما من الأهداف، وأهمها بالنسبة إليّ هنا هو تنمية الحس الوطني لدى هؤلاء الأطفال من خلال إبداعاتهم التي سيكون لها أيضا دور في تنمية الذائقة الفنية للمجتمع.
msenan@yahoo.com
الرياض