فهد بن ردة الحارثي كائن جميل أشبه بتلك الأحلام اللذيذة التي تداهمنا فنعيش لحظات نتمنى أن تمتد وتستمر، تلتقيه على أرض الواقع فيأسرك لطفاً وبساطة تصادفه على (المسن) فيستوقفك بإدهاش ماتقرأه من عبارات معبرة تهيم في عوالم أخرى لها دلالاتها وإذا قدر لك أن تضيف (فهد) على المسن وتحادثه عبر الشات سيمنحك الكثير من جماله من خلال (شكل عبارته - ولون خطوطها ومسحة جمالها الظاهرة - ورقة محتواها) حتى في طريقة ظهوره في (الماسنجر) يأتيك بنفحة من مسرح فهو ممن يتقن الإطلال عبره .
لا فرق بين فهد على أرض الواقع وبين (فهد الافتراضي) فهو مسرحي تجريبي مبدع في كل حالاته تستشف من منجزه وخياراته واختياراته عمق إنسان وأناقة فكر ليس (سألتك حبيبي لوين رايحين) سوى أحدثها وإحداها حيث قبلها قائمة طويلة ممتدة بين (عناوين مسرحية) و(نصوص غارقة في عمقها ومدلولها) تشي بنضج العقل الذي فكر فيها عندما تشاهد على المسرح (نقطة آخر السطر) تقف متأملاً يالهذا العقل الملهم الذي التفت للأشياء المهملة وصنع منها حدثاً يغلفه جمال أخاذ لذلك ف(فرح) - كما أسماه الأثير (محمد السحيمي) نحتاً من أحرف اسمه الأولى - متورط حتى أذنيه في الجمال ولم يكن المسرح إلا أداة ومنبر أطل علينا منه ليكتب سيرة شخص يتحول رويداً رويداً إلى منبع إلهام وما أنا متأكد منه أن (فرح) في طريقه لكتابة اسمه كأحد أساطير المسرح لأن المعطيات حولنا تشي بذلك فهو شخص له من الماء جريانه ومن البراكين ثورانها ومن الشمس تجددها ولأنه عدو أبدي يرفض التطبيع مع المكانيكية والآلية والنمط لذا لاتستغربوا تهشيمه المستمر لنمط الفكرة وخلود الشكل المسرحي وتقسيماته ولا أظنها مفاجأة لو أسفر يوم عن (نظرية مسرحية) أو مشروع يتفتق عنه ذهن متقد كما هو حال (شمس المسرح السعودي المشرقة) ثمة شيء آخر سأخبركم به عنه (بصدق أنا أشك أنه فهد ردة الحارثي) هو شيء واحد أظنه أشياء جميلة متعددة كلها تجتمع في (فهد ردة) من كثرة ما أجد فهد ردة أمامي من المسرح إلى فضاءات العالم الافتراضي يطير ويتنقل بخفة كفراشة زاهية ما يجمع بين تلك العوالم أنه يمطر الفضاءات التي يحلق بها بكل مايملكه من فتنة ويخنقنا معه بأريج فكره، من يصنف (فهد ردة) على أنه (مسرحي) فهو يظلمه لأن (فهد أشياء عدة كلها تنضح جمالاً وتفيض عذوبة) ومن يقتحم حائطه على الفيس بوك سيؤمن بصحة هذا القول وسيعتقد أن فهد (الفيس بوك) غير (فهد المسرح) غير (فهد الإنسان البسيط الذي يغرقك لطفاً وبساطة وستظن أن هذا المتعدد البسيط لا وقت لديه للمسرح وهمومه والتفكير فيه) هناك تصافح تدويناته التي (توشك أن تنفجر) على رؤوسنا بكل ماهو مختلف ومميز وعميق بلذة تتوقف أمام حائطه الجميل الذي يبث عبره مكتنزاته والذي نجح في أن يحوله (حديقة فكر) فترحل بنية العودة إلى هناك حيث يحط فكر هذا الطائر الجميل لم يكن المسرح لدى (فهد) طنطنة بقدر ماهو ميدان يفرز لنا شلالاً من روح تقطر عذوبة ونفس تستعذب الجمال يسكنها فكر متأنق واندفاع مهول نحو عوالم الجمال وفي ذات اللحظة ببساطة مستغربة بعد أن بلغت ستة وثلاثين عاماً من العمر دخلت جمعية الثقافة والفنون بالباحة ومسارحها وأيامها الثقافية لأن الصدفة قادتني إلى قراءة لوحة قماشية بائسة عليها دعوة لعرض (عندما يأتي المساء) وتحتلها أسماء فهد ومساعد والأحمري وبقية جوقة الفن وجامعته المتنقلة فقررت الحضور وكم كان مدهشاً وجميلاً ولذيذاً ومستغرباً أن يكون فهد ردة هو أول من تقابله وهو غارق في الإعداد للعرض ووسط كومة أسلاك وخلف (الأسبوت لايت) يجربه ومع هذا الهم لا يبخل أن يمنحك بعض روحه بابتسامة رضا ذات كتابة على حائطه، قال سلطان الغامدي: (يبدو أن فهد مصمم على تغيير شكل ونمط الكتابة المسرحية) تأملت ما ذهب إليه (سلطان) وتأكّدت من في مناسبة يوم المسرح العالمي (فوجدته أمات بطل المسرحية عنوة ليحيي به حديثاً وأطروحات عن هموم وشجون المسرح التي لا تنتهي).
وهذا ما فعلته الطائف لأنها تدرك أنهم أمام نقطة فاصلة يمثلها (فهد) يؤرخون للمسرح بما قبلها وما بعدها فيقال مسرح ما قبل فهد الحارثي ومسرح ما بعده.
وهي بتكريمه تكرم الجمال وتدشن مرحلة جديدة من عمر فهد الذي يتحول نحو الأسطورة رويداً رويداً بإطلاق اسمه على صالة الجمعية. وسيبقى فهد شمساً هناك تتجدد عبر التاريخ وكتبت له بهذا الفعل السيرورة والبقاء، فهنيئاً لفهد التكريم وهنيئاً للطائف هذا الرحم الولود الذي لا يكل عن إنجاب الجمال والفتنة.
المخواة