Culture Magazine Thursday  20/05/2010 G Issue 311
قضايا
الخميس 6 ,جمادى الآخر 1431   العدد  311
 
أهي كبوة أم غفوة؟

معتذراً ومستأذناً من الأستاذ يوسف المحيميد (1) لاستعارتي عنوان نزهته، أقول:

« شكراً (سعادة) المطر»، فقد حفزتني على البحث عن أوراق منسية أنفض غبارها وأهديها إلى الذين كبت خطواتهم أو غفت ضمائرهم في لحظة ضعف إنساني فعلكتهم الأضراس والأسنان ولسعتهم الألسن وتداولت مجالس المدينة الحديث عنهم بما فيهم وبما ليس فيهم وشطح خيالها في تقدير «ما هبروه» من أموال.

فهل يا ترى كان حب المال غريزة فيهم كالأعشى الذي قال:

وما زلت أبغي المال مذ أنا يافع

وليداً وكهلاً حين شبت، وأمردا

فأكلوا الأموال بينهم بالباطل، أم خدعهم إبليس؟ فهم كما قال الحسن بن هانئ، أبو نواس:

لم يرضً إبليس الظريف فعالنا

حتى أعان فسادنا بفساد

فظلوا في غيهم يعمهون؟

أم يا ترى هم مثل صعاليك العرب حثتهم «تماضراتهم» كما فعلت تماضر زوجة عروة بن الورد حين حثته للنهوض والمخاطرة من أجل المال فقال على لسانها:

خاطر بنفسك كي تصيب غنيمة

إن القعود مع العيال قبيح

المال فيه مهابة وتجلة

والفقر فيه مذلة وفضوح

ولم يقتدوا بفلسفة أبي العلاء المعري، القائل:

ولا ترث الزوجات عني حصة

من المال ثمناً في الفريضة أو ربعاً

إلا أنهم بالطبع لم يتعففوا كما تعفف عنترة بن شداد عن الغنائم، وهو القائل:

يخبرك من شهد الوقائع أنني

أغشى الوغى وأعف عند المغنم

ففاحت روائحهم فزكمت أنوفاً وأصابت نفوساً مخلصة بما أصابت وتعلقت سحابة سوداء في سماوات المملكة غشتها تذكرة من قلم مبدع ذكر الناس فيها بالمنارات المضيئة الهادية -والنفوس الشفافة المخلصة والمتفانية في حب الأوطان .. لابد أن الدكتور إبراهيم التركي (2) أراد أن يقول لنا .. أو هكذا فهمته- إن غفوة الضمير تلك سحابة صيف تقشعت وأن الأمة بخير حين قدم لنا الشيخ عبد الله الفالح (1347هـ عنيزة) مثالاً صادقاً لسمو النفس والتعفف، خصال تمثلت في قول الشيخ عبد الله:

أبداً أنا الباكي إذا وطني اشتكى

وأنا الغني، ولو عدمت، إذا اغتنى

وفي ظني أن الذين غفت ضمائرهم استبدلوا البيت بالتالي:

أبداً أنا الضاحك (الشامت) إذا وطني اشتكى

وأنا الفقير، ولو اغتنيت، إذا اغتنى

وليتهم تمثلوا بقبول أبي العلاء المعري:

والمرء يرغب في الدنيا ويعجبه

غناه وهو إلى ما ساء مدفوع

أتمنى أن يكون ما كان كبوة أو غفوة بعدها صحوة وأختم بالمثل السوداني: «العترة (أي العثرة) تصلح المشي».

***

(1) يوسف المحيميد: نزهات-جريدة الجزيرة 22 جمادى الأولى 1431هـ، 6 آيار (مايو) 2010م، ص42، العدد 13734 .

(2) إبراهيم التركي، إمضاء، المجلة الثقافية، 22 جمادى الأولى 1431هـ، 6 آيار (مايو)

أ.د.معتصم إبراهيم خليل قسم الكيمياء-جامعة الملك سعود.
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة