لو لم أكن معلمًا لقواعد اللغة التي يزنها الشيخ صالح اللحيدان وينشر ما يعنُّ على خاطره من تلك الموازين ما أجهدت نفسي في قراءتها لعلي أفهم علة نشرها. يتصدى الشيخ -هداه الله- لأمر دقيق كقواعد اللغة ثم يكتب ما لا يجدي إن كان صحيحًا، وقد يقع في جملة من الأخطاء قد يتابعه فيها من يثقون به وبعلمه فتضطرب عندهم الموازين. ولنضرب مثلاً بآخر ما كتب في العدد السابق من المجلة الثقافية ذي الرقم (310) ولنبدأ بالعنوان المضلل وهو (ياء النسب في المقصور وآثار باطلة) فالشيخ جمع بواو العطف أمرين لا يشتركان، وإن تجاوز القارئ هذا وتجاوز مقدمته التي يسوغ بها تصديه لمعالجة هذا الأمر ومبالغته في وصف أحكام المقصور بقوله: «والاسم المقصور بعيد سلّمه يقصد طويل إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه إذا اقترنت فيه ياء النسب» فإنه لا يجد ما يناسب هذا التقديم بل يعثر في جملة من الأمور التي يتوقف فيها، وسيحبط بعد قوله: «وسوف -إن شاء الله تعالى- أجلب شيئاً في اختصار غير مخل ليدرك العالم والمحقق والباحث والطالب كيف يكون ذلك؟»، فكيف يكون ذلك والقارئ لا يجد سوى الإخلال، وما الذي سيدركه العالم والمحقق والباحث من سرد الشيخ لما لا جديد فيه؟ وليته نسخ من الكتب نسخًا مباشرًا ليسلم من العثار. قال الشيخ: «والاسم المقصور هو: ما كان آخره ألف ممدودة، «فكيف نفرق إذن بين الاسم المقصور والاسم الممدود؟ وما قوله في الألف في (ضيفا زيدٍ)؟ ثم يقول الشيخ «إذا لحقت (ياء النسب) الاسم المقصور. فإن كانت (الياء رابعة) في اسم متحرك شريطة أن يكون الثاني فيلزم حذفها ضرورة مثل:أ - أدرى - أدري. ب - قطنى - قطني)»، فما الياء الرابعة؟ أياء النسب؟ وما هي التي يلزم حذفها؟ وما (أدرى وقطنى)؟ لا أحسب أحدًا يفهم من قوله شيئًا. وكذا يقول الشيخ: «إن كانت (الياء) رابعة في اسم ساكن فقد أجاز العلماء حذف الياء، أو قلبها واواً وذلك كما في هذا المثال:أ - (عجلى - عُجلي). ولا بد من ضم الحرف الأول (ع). ب- (قمري - قُمري). وهنا فقط يضم الحرف الأول في(الثاني)»، فأيّ ياء تلك؟ ومن قال بوجوب ضمّ العين؟ وما معنى يضم الحرف الأول في الثاني قمري إن كان يفعل به ذلك حقًّا؟ ويقول الشيخ: «إذا كانت (الياء) هي الحرف الخامس فهنا تنتفي الحال التركيبية الحذف. وذلك مثل: (وفادى - وفادي - أو وفادية)». وهذا كلام غامض غموض اللغز. فما الذي لا ينتفي إن تنتفِ (الحال التركيبية)؟. ويقول الشيخ: «وفي الأكثر من كونها الخامسة فعلى هذا: (مستسقى - مستسقي) وقرأت: (مُسعى) قلت: لا بأس لكن لعلها قياسية لا سماعية، وقرأت: (مشفى) ولم أجده، وقرأت: (مدرى) وهو: سماعي والمدرى (قرن الوعل)». وقد يسأل القارئ عن علاقة (مُسعى) وما بعدها بالكلام عن الخماسي؟ ولا يذكر الشيخ أين قرأ (مُسعى)، وأما (مشفى) فهو لم يجده لأنه اسم مكان قياسي من (شفى)؛ ولذلك لم تورده المعجمات القديمة ولا كتب اللغة. وقال عن (مدرى): إنه سماعي ولا أدري ما قصده من ذلك، ولا ندري من قال بسماعيتها؟ أليس باسم آلة مشتق؟. وقال الشيخ: «ففي ورودها (ثالثة) لك قارئي العزيز أن تقول مثل: أ- (قطى - قطوي). ب- (لُمى - لموي).ج- مرقى - مرقوى). د - مُعطى - معطوي)»، فما التي ترد ثالثة؟ أياء كالسابقات أم ألف؟ ثم أثالثة هي في (مرقى- معطى) أم رابعة؟ وهذا المثال (قطى) من الغريب الذي لا يناسب شرح القواعد، و(لُمى) بضم الميم لا أعرف قصده به؟ ربما أراد (لَمى) بفتح اللام. ثم يعقب في نهاية الآثار التي أوردها لينكرها بقوله: «وتلاحظون تكرار الياء هنا في محل لا تصلح له»، ولسنا نلاحظ ذلك ولا نلحظه، ولا ندري لماذا يزعم أنه لا تصلح الياء هنا. وفي النهاية لعل الشيخ يترك وزن اللغة لأصحابها.
الرياض