(خلال نومك يأتي الألم الذي تعجز عن نسيانه ليهطل قطرة قطرة فوق القلب، حتى تأتيك الحكمة - رغماً عن إرادتك - عبر يأسك).
اسخيلوس
توطئة:
كل شيء جميل نكاد نفتقده: الحب.. الفرح.. الصدق.. اللهفة.. الشوق..
كل شيء رائع يكاد يتوقف فينا وحولنا كقلب طفل ميت توقف عن نبضه..
بصدق مباشر وحزين اعترفت بفشلها في البحث عن حب أبيض وقلب أبيض وعزف أبيض تكتب عنه.
1- عجزت عن ترجمة البياض بحروفها فهو خيال لم تستطع التعايش معه.
مدت يدها وتناولت قلمها وكتبت:
البياض عقدة حياتي التي لا تنفك.
2 - قررت ألا تهرب وأن تدافع عن حقها المهدور بسبب أشخاص أخلصت في حبهم..
شعرت بغيظ هائل يجتاحها.. وحين التقتهم استحال غيظها عتاباً لطيفاً.
3 - بدأت تبني أعماقها من جديد..
لكنها كسائر البشر لم تنسَ أحزانها وخيباتها بل دفنتها في أعماقها وتظاهرت بأنها أنثى جديدة..
4 - من بين جموع الناس وجدت في نفسها أشياء لا تشبههم؛ فابتسامتها ليست كابتسامتهم، واهتماماتها غير اهتماماتهم، كان كل ما يشغلها وقتئذ كيف تنشر الصدق بينهم، وتناست أنها كائن مفرد.
5 - مع كل صدمة تخور قواها ولا تجد ما يسعفها لتوقف الخطأ وتقف في وجهه، كجريح خلفته الحرب يأكل الدود جراحه ويعجز عن حماية جسده..
لكن ذات لحظة وقفت بكل قوة لتحمي ذاتها وتحفظ كرامتها المهدورة..
استيقظت من نومها مرتجفة كشجرة احتلها جراد..
كانت المرايا تكسو جدران غرفتها، وكلما تحركت وجدت وجوهها تنظر إليها، وكل وجه يذكرها بحزن لا حدَّ لمرارته..
استجمعت قواها وحطمت كل المرايا وبكت بكاء طفل لا يكابر حين تبيَّنت أن كل تلك القوة كانت مجرد حلم مفزع..
6 - لم تكن بحاجة إلى ما يثير حماسها لتلتقيهم؛ لأنها ملَّت حضورهم المقيت..
كان همهم التنغيص على الآخرين وقض مضجع طمأنينتهم..
هؤلاء هم عديمو الذوق والثقافة..
7 - دفعها الملل إلى أن تتلصص على حياة الآخرين..
بدأت وكأنها ترى الناس حولها للمرأة الأولى بعد أن كانت من قبل تمرهم مروراً عابراً..
بدأت تتفحص وجوههم وتقرأ ملامحهم وكأنها طفل يتعلم للتو فنون الكتابة..
تعبت من أنفاسهم المتعبة المتسارعة التي سئمت عد الليالي والدهور وانتظار الفرح؛ فلكل منهم عالمه الخاص المكتظ بمآسٍ يخفيها بين طيات ليل موحش ونهار مالح.
الرياض