Culture Magazine Monday  12/01/2009 G Issue 266
شعر
الأثنين 15 ,محرم 1430   العدد  266
إما نكون أو لا نكون
شعر علي أحمد باكثير

 

كتب أديب العربية الكبير الشاعر علي أحمد باكثير بعد هزيمة سنة 1967م مطولة شعرية كبيرة بعنوان (إما نكون أو لا نكون) لم يقدر لها النشر في حياته، عثر عليها كاملة بين محتويات مكتبه الدكتور محمد أبوبكر حميد المهتم بجمع تراثه، وقد اقتطعنا منها أجزاء تبدو وكأنها صدى لما يحدث في غزة الآن، وهانحن ننشرها لأول مرة.. فما أشبه الليلة بالبارحة!!

غداً بني قومي وما أدنى غدا

إما نكون أبدا

أو لا نكون أبدا

إما نكون أمة من أعظم الأمم

ترهبنا الدنيا وترجونا القيم

ولا يقال للذي نريد: لا

ولا يقال للذي نأبى: نعم

تدفعنا الهمم

لقمم بعد قمم

أو يا بني قومي نصير قصة عن العدم

تًحكى كما تُحكى أساطير إرم

غداً وما أدنى غدا لو تعلمون

إما نكون أبدا أو لا نكون

قد وضح الصبح لذي عينين

لم يبق من شك ولا من مين

أين الخلاص أين أين؟

لم يبق بين بين

إما نحوز الغايتين

أو نخسر الكرامتين

إما نكون أبدا

أو لا نكون أبدا

غدا وما أدنى غدا لو تعلمون

إما نكون أبدا أو لا نكون

أفي سبيل العيش نمضي للجهاد؟

كلا بني قومي فماذا بالسداد

العيش كله إلى نفاد

والعيش لا يثبت للموت لدى الجلاد

بل في سبيل الله نمضي للجهاد

لله في المبدأ والمعاد

بالله في القلب وفي الكف وفي الزناد

ننتزع الحياة من جوف الردى

حتى ننال النصر أو نستشهدا

إما نكون أبدا

أو لا نكون أبدا

غدا وما أدنى غدا لو تعلمون

إما نكون أبدا أو لا نكون

لا بد من معنى أجل

من كل معنى ومثل

نسعى إليه في ارتياح وجذل

ونقبل الموت إذا الموت نزل

بغير خوف أو وجل

أجل أجل أجل

ذلكم الرحمن لم يزل

عز وجل

في الأبد الأبيد والأزل

رب الحياة مالك الأجل

كفيلنا في المنتهى والمبتدى

إما نكون أبدا

أو لا نكون أبدا

غدا وما أدنى غدا لو تعلمون

إما نكون أبدا أو لا نكون

لا بد من يوم أغر

ننقض فيه كالقدر

على عدونا الأشر

على اليهودي الذي فجر

حتى يلوذ بالجُدُر

فليس تأويه الجُدُر

وما له منا مفر

نصليه من نار سقر

والنار لا تبقي ولا تذر

إلا جسوما في الحفر

كأنها أعجاز نخل منقعر

متروكة على التراب بَدَدا

إما نكون أبدا

أو لا نكون أبدا

غداً وما أدنى غدا لو تعلمون

إما نكون أبدا أو لا نكون

ليفعل اليهود ما شاء الحَرَد

ليضربونا بالعمد

وليشربوا من دمنا وليأكلوا منا الكبد

فلن نقول غير ما قال (بلال) وهو في الرمضاء مضروب الجسد

أحدْ أحدْ أحدْ أحدْ

هيهات أن نخضع أن نرتعد

إما نكون أبدا

أو لا نكون أبدا

غدا وما أدنى غدا لو تعلمون

إما نكون أبدا أو لا نكون

المسلمون انهزموا يومي حنين وأُحد

من غفلة بالمسلمين واغترار بالعدد

والمصطفى يذود عنهم ويصول كالأسد

هل ضعف الإسلام من بعد حُنين وأُحد؟

لا بل علا سلطانه بعد حُنين وأُحد

وأنجز الرحمن ما وعد

وانتشر الهدى

لا لن تهيضنا الخطوب أو يخيفنا الردى

إما نكون أبدا

أو لا نكون أبدا

غدا وما أدنى غدا لو تعلمون

إما نكون أبدا أو لا نكون

يا ويل إسرائيل من يوم عصيب

يعلو نحيبها به لو كان في إمكانها النحيب

دامي الضحى مخضَّب المغيب

يثني به البحر على الكثيب

أن أشبع الحيتان من لحم الغريب

وفي رمال النقب في الجنوب

مستعمرات جوها كئيب

أصابها من السماء حاصب فهي حصيب

جوارح الطير به تلوب

على موائد غنية بلا نضوب

أعجبها انتنُ لحمٍ لم تذقه منذ عهد (بُخْتنصر) الرهيب

يومئذ تظهر أرض الحق والهدى

من رجس صهيون اللعين أبدا

إما نكون أبدا

أو لا نكون أبدا

غدا وما أدنى غدا لو تعلمون

إما نكون أبدا أو لا نكون

حق علينا أمة الحق المبين

أن ندفع الظلم عن المستضعفين

كما أرحنا الناس في القديم

من صولة الفرس وبغي الروم

ومن هولاكو والتتار

رسل الخراب والدمار

فلنرح العالم من صهيون

وحقده الملتهب المجنون

ومن عبيده الملاعين الطغاه

فتستريح منهم الحياة

صبرا بني قومي فما أحسب إلا أنه شاء القدر

أن تنهضوا اليوم بما قام به يوما عمر

إذ جاهد الطغاة في العالم فانتصر

وحرر البشر

من مجرمي البشر

ووطد الإسلام في الأرض وعدله انتشر

في كنف الهدى

مُدوا إلى الله يدا

وأخلصوا له الندا

يرسل لكم من السماء مددا

إما نكون أبدا

أو لا نكون أبدا

غدا وما أدنى غدا لو تعلمون

إما نكون أبدا أو لا يكون

هذا التحدي الأكبر

قد جاءنا على قدر

يكمن فيه الخطر

وما لنا منه مفر

سيروا بني العرب إليه

وقاتلوا بين يديه

حتى يتم الظفر

ويشرق اليوم الأغر

يومئذ نخر ساجدين

لله شاكرين حامدين

أنْ جعلَ الخطب دليلا مرشدا

ألهمنا عقيدة كانت لنا في ظلمة الخطب هدى

أن نجعل العدو فينا رصدا

يذود عنا النوم والتبلّدا

ولا يُبيح بيننا خصومة أو لُددا

جمعنا ووحدا

ضاعف فينا الصبر والتجلدا

وشب فينا العزم والتوقدا

عقيدة لن نجدا

من دونها ملتحدا

أن تتلاشى بددا

أمتنا.. أومن جديد تُولدا

إما نكون أبدا

أو لا نكون أبدا

غدا وما أدنى غدا لو تعلمون

إما نكون أبدا أو لا نكون

لا والذي يقول كن لما يشاء فيكون

وقسما ببيته المحرَّم المصون

لَمثلما كنا قديما سنكون

ومثلما أرادنا كتابنا سوف نكون

ومثلما أرادنا محمد سوف نكون

أعزة مناضلون

وأقوياء عادلون

لا لن نذل أبدا ولن نهون

وإن تواطأ الطغاة أجمعون

فليسمعوا.. هل يسمعون؟

وليشهدنَّ العالمون

أنَّا علينا أن نكون

أعزةً أو لا نكون


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة