Culture Magazine Monday  12/01/2009 G Issue 266
قراءات
الأثنين 15 ,محرم 1430   العدد  266
الإعلام الثقافي وتنميته في المجتمع السعودي*(3-3)
د. بدر بن أحمد كريّم

 

النهوض بالتنمية الثقافية:

يُقْصَد بالنهوض بالتنمية الثقافية للمجتمع السعودي، أن تواصل وسائل الإعلام الجماهيرية السعودية، وتستمر، وتدأب على نقل تراكمات التراث والفكر الثقافي للمجتمع السعودي، منذ أن بدأ الفرد تواصله مع الموروث الثقافي، إلى أن وصل إلى ما وصل إليه الآن، وما يطرأ عليه من تحوُّلات مستقبلية.

ويمكن أنْ تتم عملية النهوض بالتنمية الثقافية للمجتمع السعودي، عَبْر رَتْلٍ من المحاور هي:

أولاً: تصنيف ثقافة المجتمع السعودي، وصورها، وتطبيقاتها، وأنماطها.

ثانياً: قياس ثقافة أفراد المجتمع السعودي من حيث:

أ - عوامل عامة مِثْل: الدّخْل، المهنة، التعليم، الإنفاق، الكلام (الحديث)، اللهجة.

ب - عوامل معيشية مِثْل: نوع الملبس، المسكن، الطعام، وسائل الحياة، طريقة تربية الأطفال، وطُرُق الزواج.

ج - عوامل ترفيهية مِثْل: قضاء أوقات الفراغ، القراءة، نوع الرياضة، سماع وسائل الإعلام، مشاهدة الأفلام والمسلسلات التلفازية.

ثالثاً: لما كانت الثقافة تنتقل من جيل إلى جيل، فإن مسؤولية نقلها تقع - من بين ما تقع - على وسائل الإعلام الجماهيرية السعودية، بوصْفها أداة من أدوات التنشئة الثقافية.

رابعاً: إن ثقافة المجتمع السعودي - شأنها شأن ثقافة أيِّ مجتمع آخر - سلوك مُكْتَسَب، أيْ يكتسبه أفراده من مؤسسات كثيرة، ومن ثم فإن النهوض بالتنمية الثقافية للمجتمع السعودي، وظيفة من وظائف وسائل الإعلام الجماهيرية السعودية.

خامساً: وضْع سياسة نهضويّة ثقافية سعودية، قابلة للتغير والتحرك إلى الأفضل، تسهم وسائل الإعلام السعودية في تعزيزها، ونشرها بين فئات المجتمع كافة، والرأي العام الخارجي.

سادساً: صهر الثقافات الوافدة مع ثقافة المجتمع السعودي، وانتقاء ما يناسبه منها، ورفض ما لا يتوافق مع قيمه الدَّينية، والاجتماعية، والثقافية، المنصوص عليها في أنظمة المجتمع السعودي، والسياسة الإعلامية للمملكة العربية السعودية.

سابعاً: فهْم التفاعل الثقافي الاجتماعي، نظراً لأنّ في وسع الأفراد تعلمه، من خلال وسائل إعلامهم السعودية.

ثامناً: أنْ تُعَبِّر وسائل الإعلام السعودية تعبيراً واضحاً عن: أبعاد وقيم ثقافة المجتمع السعودي، وتعمل على تنميتها بصورة مستمرة، وفي كل مرحلة من مراحل تطوره الثقافي.

تاسعاً: ربط أفراد المجتمع السعودي (وتوحيدهم في أبنية ثقافية اجتماعية، تتمتع بدرجة عالية من الثبات والاستقرار في أنساق ثابتة، تتألف من جماعات، وزُمر، وتحدد علاقات بعضهم ببعض).

عاشراً: تنمية ثقافة الطفل، والمرأة، والشباب من النوعين (الذكور والإناث) والموظفين والموظفات، ورجال الأعمال، وأرباب الأسر، وأصحاب المنشآت الصناعية الكبيرة والصغيرة، والمعلمين والمعلمات، وباختصار كل فئات المجتمع السعودي.

المبحث السادس: التصور المقترح للنهوض بالتنمية الثقافية للمجتمع السعودي

يقترح مقدم هذه الورقة التصورات التالية للنهوض بثقافة المجتمع السعودي: (80)

1- تأليف (تكوين) مجلس أعلى للثقافة والفنون، يرأسه خادم الحرمين الشريفين، أو سمو ولي العهد، للنهوض بمهمة التعامل مع التحديات، التي تطرحها المعطيات الثقافية في هذا العصر، وضرورة تأليف (تكوين) رؤية شاملة عنها، وإطار عام لمنهج العمل الثقافي.

2- إنشاء هيئة عامة للآداب والفنون والعلوم، يرأسها وزير الثقافة والإعلام، كي تعمل على النهوض بمهمتين أساسيتين هما: رعاية التراث الفني والأدبي للمجتمع السعودي من ناحية، وتوسيع مجالات التثاقف مع النماذج الراقية للثقافة العالمية من ناحية أخرى، بحيث تتوزع نشاطات الهيئة على المحاور التالية:

أ- تسجيل التراث الفني والأدبي والبيئي للمجتمع السعودي، وتوثيقه، ودراسته، ونشره.

ب- إنتاج الكتاب العربي وتيسير تداوله.

ج- تنشيط فعاليات حركة خدمة التراث، وخدمة الترجمة من اللغة العربية وإليها.

د- توثيق العلاقات الثقافية العربية، والإسلامية، والدولية، واتفاقيات التبادل الثقافي والفني، والأسابيع، والمهرجانات الثقافية والفنية.

3- القيام بدراسة شاملة للواقع الثقافي في المجتمع السعودي من جانب المثقفين السعوديين، ومراكز الدراسات والبحوث، ومؤسسات التعليم والتربية، وأجهزة الثقافة، ودور النشر، وتوفير الدعم المادي والمعنوي، وإعداد برنامج زمني محدد لتنفيذ هذه الدراسة.

4- أن تقدم الدولة كل أسباب الدعم، للنهوض بمستوى ثقافة المجتمع السعودي، وتنميتها.

5- إسهام المثقفين السعوديين من خلال ما ينتجون من أعمال ثقافية وفنية، وعبر مسؤولياتهم في مختلف المواقع، في تنمية الوعي العام، وتوجيه السلوك الاجتماعي للفرد السعودي، نحو ما يدعم القيم الدينية، والأخلاقية، والاجتماعية.

6- تكثيف الجهود لتجميع جميع الخدمات الثقافية، في إطار مؤسسي واحد، يعمل في ظل خطة وطنية شاملة، لتنمية الخدمات الثقافية.

7- تحويل إذاعة البرنامج الثاني من جدة، إلى إذاعة ثقافية محضة وإعداد قوى بشرية جديدة لها، وتدريبها، ومنحها الحوافز والتسهيلات التشجيعية، وتأهيلها للعمل الإذاعي العصري، والاستفادة منها في إعداد وتقديم وإخراج البرامج الثقافية في المذياع والرائي (التلفاز) السعوديين، إلى جانب وتوفير الدعم المادي المجزي لهذه الإذاعة، ونشر وبث الإنتاج الثقافي، والأدبي، والفني للشباب السعودي من النوعين ( الذكور والإناث) ومشاركة المثقفين والمثقفات السعوديين والسعوديات، في إعداد خُطَط هذه الإذاعة، وتطويرها بصورة مستمرة، ومجاراة أحدث الإذاعات تقنية وإرسالاً.

8- زيادة نسبة البرامج الثقافية في الإذاعة والتلفاز السعوديين، والملاحق الصحفية الثقافية السعودية، وتطويرها، وضخ أكبر قدْر من المعلومات الثقافية عن ثقافة المجتمع السعودي، بوصفها ثمرة كل نشاط إنساني محلي، المعتمِد على (استخدام العقل، والتفكير في الأمور المطروحة، ومزاولة الحوار، والنقاش، في الأمور التي تخص الوطن والمواطن من قضايا: قانونية، واجتماعية، واقتصادية، وفكرية، وسياسية، وإعلامية، وصحية، وتعليمية، وتربوية، والأمور الحياتية كافة التي يهتم بها المواطن في حياته الخاصة والعامة في وطنه، وما يدور حوله، وله علاقة بأموره).

9- زيادة الاهتمام بثقافة الطفل، والمرأة، والشباب من النوعين، وتكثيف الخطط والبرامج والآليات، التي تعمل على النهوض بمستواهم الثقافي، والاستفادة من التقنية (التكنولوجيا) الحديثة في إيصال الثقافة إليهم، من خلال وسائل الإعلام الجماهيرية السعودية.

10- تعميق الدراسات والأبحاث الخاصة بالتراث الثقافي، في مختلف المجالات وتشجيع تجميعه، وتصنيفه، ونشره.

11- تشجيع وزارة الثقافة والإعلام، للمؤلفات والدراسات العلمية الثقافية، التي تتناول مظاهر الحياة الثقافية في المجتمع السعودي، بشراء نسخ منها، وتوزيعها على المراكز الإعلامية المتخصصة، والمؤسسات الخاصة المعنية بشؤون الثقافة.

12- إثراء البِنى الفكرية والثقافية السعودية، والعمل على تطويرها بصورة دائمة، ودعم البحوث والدراسات الأكاديمية الخاصة بها.

13- إدارة المؤسسات الإعلامية (صحف، إذاعة، تلفاز، مجلات) من قيادات موثوق في: أمانتها، وأخلاقها، وشرفها، ومشهود لها بنظافة يدها، وجيبها، وعفة لسانها، فمن الخطأ أن يتولى قيادة المؤسسات الإعلامية غير الأكفاء، والمؤهلين، والخبراء، ذوي التجارب الطويلة، فوسائل الإعلام ليست مواصفات جاهزة للمصادرة والهيمنة، بل ينبغي أن تقدم نماذج متنوعة من القيادات، تدرك الأدوار التي تؤديها إعلامياً.

14- الوصول إلى رؤى واضحة محددة، في كيفية التعامل مع معطيات الثقافة النسائية السعودية، وعدم نبذها، وإخضاعها للدراسات التقويمية، والاستفادة من معطيات الثقافة النسائية العالمية، بما يضمن الانفتاح الواعي للمرأة السعودية عليها، والاختيار الواعي لما يناسبه منها أخلاقياً، وسلوكياً، وثقافياً.

15- تعزيز قيمة الثقافة في المؤسسات التعليمية الحكومية والخاصة، وذلك بإكساب المناهج التعليمية بُعْداً ثقافياً.

16- إعلاء القيم الثقافية الإسلامية والحضارية، من خلال برامج مدروسة، هدفها تنمية المعارف العقلية، التي يعمل بمقتضاها الفرد السعودي، على معرفة الأشياء المادية، والمعنوية، والعقلية، ومعرفة نفسه بنفسه، ومن ثم معرفة المحيط الاجتماعي من حوله، والمجتمع الإنساني في مداه الأوسع والأرحب.

****

*مجتزأ من ورقة قدمت إلى الملتقى الثقافي الأول للنادي الأدبي بمنطقة تبوك 19- 21 ذي القعدة 1429ه، 17-19 نوفمبر - تشرين الثاني 2008م

** العضو السابق في مجلس الشورى - الرياض

*** تم الغاء الهوامش اختصاراً


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة