Culture Magazine Monday  12/01/2009 G Issue 266
أوراق
الأثنين 15 ,محرم 1430   العدد  266
هل لأني أمرأة..؟
سارة الزنيدي

 

(كلما كثر التحريم كان الناس أقل استقامة)-(تاو تي تشينج )

لم يكن (تاو تي) قاضيا في بلادي ولم يكن من رجال الحسبة أو كما نحب أن نسميهم أو كما يحبون هم أن يتسموا به: (المطاوعة)!!

لذلك أبدى هو الآخر رأيه بحرية وطلاقة لعلّ الجميع يخالجه هذا الشعور لكن الأسقف الطويلة تمنع ظهور الأعناق!

أثقلتنا الأخبار المتناقلة عبر مسامعنا من ثرثرة النسوة وتنهدات الرجال، أحبار الصحف السوداء المنثورة على بياض الورق وكأنها تهتك عرض النقاء ومحطات الإذاعة والتلفزيون..

نربط الأحداث بشكل تلقائي لنكتشف بذهول أن الأحداث هيّ هيّ متصلة ومتلاحمة كالمقصلة تبدو ناعمة وهادئة ولكنها تسحبك نحو السماء كيّ تتدلى تلك الأرجل المتشققة طالبةً العفو من الأرض والعودة لحضن التراب!

ويبقى الحدث مؤلما جداً حد الاستماتة وخاصة حينما يكون ملامسا لمجتمع كمجتمعي الصغير.. فحينما سمعت قصة (الطفلة) وقصة القاضي الذي أمر بتأجيل القضية إلى وقت غير معلوم والى الأب الذي مُنح الأبوية......!والأم المغلوبة على أمرها.. والطفلة المذبوحة والزوج (الجاني)!!

وكأن الحدث دراما تركية كالتيّ تضج بها المحطات لبخس ثمنها ولكثرة أحداثها. طفلة ينهشها زوج خمسيني يسحب عرائسها ودماها إلى غرفة مزدوجة وليالٍ حمراء يذبح بكل وحشية ويدوس على طفولةٍ هادئة ينغرس في عمرها خنجر الشهوانية وينهشها الكبر وهي لم تبلغ بعد!

مساحة صدرها الصغير لم يُرسم به سوى قلبٍ كالتفاحة ينبض بطرقات سريعة ولسانٍ لا يحمل سوى حروفٍ أبجدية فقط! أنا هنا أصبحت أتعجب من الأحداث.

وكيف يكون هناك تجاوز وهكذا قرار!!

كيف أصبحت الحكمة منوطة فقط بالأشكال وبالتشدد فقط!

كنت أقرا قبل فترة كتاب للدكتور (إبراهيم التركي) وأعجبني هذا السطر الذي كتب فيه: (لم يعد استعداء فئة ضد فئة أو استعلاؤها عليها هو الحل، فالحقيقة رهن بإعادة أجواء الانفتاح الملتزم (والالتزام المنفتح) والدعوة إلى حوار هادئ يراعي ثوابت (العقل والنقل) ولا تنقلب فيه (المدركات) بين عشية وضحاها..!!)

صدقت إنها سيرة جيل لم يأتلف!! جيل فتيات صغيرات وشابات معلقات الخطأ المرتكب هو وجودهن في عالم لا يعترف بحقوقهن!

تروي لي شابة أخرى قصتها في نفس المحكمة التي جردت (الطفلة) من حقها تقول انها قد رفعت دعوى ضد زوجها وأن القاضي كان يزجرها وينهرها ويصرخ بوجهها بكل دقيقة وكلمة..

وكأنه مصاب من فوبيا الصوت النسائي حتى أن ذاك القاضي تمادى بسبها وأطلق عليها كلمة نابية أقرب ما تكون من (الجنس) وعلى مسمع من كاتبه وشقيقها وزوجها المخلوع،من يأخذ بحقها (هيّ) من القاضي خاصة وأن شقيقها أمرها أن تصمت وقال بألم (للقضاة حصانة ووضع خاص)!!

وهل يخولهم ذلك جرحى أحاسيس الناس والنيل من كرامتهم؟!! حينما أرفع دعوى قضائية ضد قاضي خدش وجودي الإنساني وكينونتي فهل أنصف فيها؟

أم لأني امرأة يصعب على المجتمع الذكوري تصديقي والوقوف معي؟

لعليّ أكتفي ب(إذا كان خصمك القاضي من تقاضي؟).

عنيزة

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة