Culture Magazine Thursday  07/05/2009 G Issue 282
تشكيل
الخميس 12 ,جمادى الاولى 1430   العدد  282
من الحقيبة التشكيلية
المرأة في الفن التشكيلي (5)
ولادة متقاربة للفن التشكيلي (النسائي) في مختلف الدول العربية

 

إعداد: محمد المنيف

نواصل طرحنا الموجز عن المرأة في الفن التشكيلي الذي بدأنا الحديث فيه بحضور المرأة في الفن التشكيلي عبر اللوحة أو المنحوتة في العصور الماضية إلى يومنا هذا كموديل أو مادة أو عنصر مهم في اللوحة تعددت فيه استلهام الفنانين بالرسم أو النحت من جمال الجسد إلى دور المرأة في الحياة وصولاً إلى دخولها معترك المنافسة كفنانة مبدعة لا تقل بأي حال عن الفنانين، وأشرنا إلى بدايتها في العصور الوسطى مروراً بعصر النهضة وانطلاقتها في القرن العشرين وألمحنا إلى بعض الرموز العربية والأقطار التي كان للمرأة التشكيلية رائدة بدايات تأسيس شاركت الفنانين الأوائل هذا الشرف وكان اختيارنا لمصر وسوريا والعراق وبلاد المغرب العربي والسودان مع أن في بقية دولنا العربية الكثير من الرائدات. لهذا سنختصر الحلقات لئلا نأخذ المساحة عن قضايا وموضوعات أخرى لا تقل أهمية وتحتاج للوقوف عليها خصوصاً في هذه المرحلة التي أصبح فيها الفن التشكيلي مليء بالتجارب والمعارض العالمية والعربية في مجال التقنيات أو التأليف والبحث وإقامة الندوات العالية المستوى والأعمق في تطوير مفهوم هذا الفن، لهذا سنتحدث اليوم عن التجارب النسائية في بقية الدول العربية التي ساهمت بشكل فاعل في إثراء هذا الإبداع.

التشكيليات في الأردن:

كما قلنا سلفاً أن حضور المرأة في الفنون التشكيلية العربية بدأ في القرن العشرين وتسارعت وتيرة تطوره وكثافة أعداد الفنانات في مختلف الأقطار العربية، كما أشرنا في الحديث عن بدايات هذا الحضور في مصر والعراق وسوريا والسودان لنأتي إلى محطة جديدة حيث نجد أن لهذا الفن أيضاً حضور في الأردن الشقيق الذي انطلقت فيه التشكيلية الأردنية منذ الخمسينات.

حينما يأتي الحديث عن الفن التشكيلي الأردني من جانبه النسائي يبرز اسم الأميرة (فخر النساء زيد) التي تم اكتشاف موهبتها عام 1915م خلال دراستها في كلية البنات اسطنبول والتي كانت تمارس في تلك الفترة رسم البروتريهات للشخصيات ومنها لوحة باسم (جدتي). أقامت الأميرة فخر النساء أول معارضها في تركيا عام 1944م ثم انشغلت بعدها بواجباتها الدبلوماسية مع زوجها الأمير زيد إلى أن واصلت مسيرتها ما بين عام 1951م إلى 1961م ولم يتوقف اهتمامها بالفن فأنشأت عام 1966م المعهد الملكي فخر النساء للفنون الجميلة لتعليم الفنون التشكيلية الذي يحتضن معرضاً وثائقياً لأعمال الفنانات اللائي تعلمن على يديها من عام 1977م إلى 1981م.

كما نرى أيضاً حضوراً مبكراً للفنانة (وجدان علي) التي برز اسمها عندما علقت أولى لوحاتها في عمان عام 1960م مع مدرستها الفرنسية (أليس لادو)، حيث كانت هذه الخطوة بمثابة عود الثقاب الذي أشعل شمعة إبداعها ولإكمالها للدراسة في مجال الفنون حيث حصلت على درجة بكالوريوس في التاريخ عام 1961م من كلية بيروت للبنات- حالياً الجامعة اللبنانية الأمريكية، ثم الماجستير في الفن الإسلامي.. من كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن إلى درجة الدكتوراه في تاريخ الفن الإسلامي.. كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن....

أقامت 22 معرضاً شخصياً في العديد من الدول الغربية والعربية. وتعتبر الفنانة وجدان مثالاً حياً لما تحقق للفنانات التشكيليات الأردنيات من تطور ورقي في مستوى التقنية أو التأهيل الأكاديمي. تبع ذلك العديد من الأسماء منهن الفنانات (سامية الزرو) (هند ناصر) (غادة دحلة) (منى السعودي).

التشكيليات في تونس:

وإذا كنا قد أخذنا الأميرة فخر النساء نموذجاً للمبدعات الداعمات للفن التشكيلي الأردني فإننا أيضاً نضع الفنانة التونسية الراحلة (صفية فرحات) رمزاً باقياً يؤكد قدرة المرأة التونسية على خوض مختلف المجالات فهي أول امرأة تونسية تقيم المعارض التشكيلية وتدير مدرسة الفنون الجميلة بتونس سنة 1966م كما أسست مركزاً للفنون برادس وجعلته ملتقى للفنانين من الهواة والمحترفين مؤسسة بذلك نقلة هامة في مسار الفنون التشكيلية التونسية عبر تطوير مفهوم هذا الفن من خلال ما قامت به من سعي إلى إيجاد سبل التجديد في التقنيات.

والمضمون بما يتماشى مع متطلبات هذا الفن نحو الحداثة والمعاصرة بعد أن تجاوز هذا الفن مرحلة مع ظهور الرسم المسندى المرتكز على فردية الفنان الذي تخلص شيئاً فشيئاً من الحس الجمالي الجماعي ليؤسس جماليته الخاصة. بعد مرحلة التأسيس التي قادها الفنان أحمد عصمان أول تونسي وقف أمام لوحة مسندية ليرسم باستعمال تقنية الرسم بالألوان الزيتية على القماش حسب القواعد الجمالية الغربية.

ومع هذا يمكن أن نشير إلى الأسماء التي لها حضورها في الفن التونسي لاحقاً منذ الخمسينات الميلادية ومنهن الفنانة (حياة المؤدب القاسمي) التي عرضت ما يزيد عن ثلاثمائة معرض في تونس وعلى مستوى العالم وكرمت عام 98م من قبل حرم الرئيس التونسي ضمن مجموعة من المبدعات اللائي ساهمن في تطوير ودعم الحركة التشكيلية التونسية إضافة إلى الفنانة (بشيرة التريكي بو عزيز) أحد الرموز المجددة في الفن التونسي الحاصلة على الميدالية الذهبية للرسم من بروكسل عام 97م والفنانة.

التشكيليات في الجزائر:

لا تختلف الفنون التشكيلية في الجزائر عن مختلف الأقطار العربية من حيث التناوب على تحريك وتطوير هذه الفنون عبر الأجيال المتعددة ابتداء من التأسيس مروراً بالتجديد والتحديث وصولاً إلى الانفتاح في كثرة الأعداد ومنها الفنون التشكيلية التي تناوب عليها أربعة أجيال من الفنانين قاد مسيرتهم، فنان المنمنمات الفنان (محمد راسم) - وجاء من بعده أجيال قامت على تحديث الفن وكان للمرأة دور فاعل فيها مثال ذلك (الفنانة فاطمة باية محي الدين) التي عرضت أعمالها سنة 1947 تبعها الكثير من الأسماء إلى حين أخذ الأجيال الجديدة دورها في تسلم الراية وصولاً إلى أجيال الشباب التي أصبحت أكثر إثراء للساحة في جانب قمة المعارض جامعة فيها جماليات هذا الفن ما بين الإرث العربي الإسلامي والفن التجريدي الأوروبي منهن على سبيل المثال الفنانات (سامطه بن يحي) (حورية نياتي) (باهية بوا) (حفيظة الرويكي) (زليخة رديزة) (زهرة سلال).

التشكيليات في المغرب العربي:

يمكن أن نعتبر فترة السبعينات الميلادية هي الفترة الأكثر انتعاشاً وحضوراً في المجال التشكيلي المغربي على المستوى العربي والغربي إلا أنها من الدول السباقة في دعم هذا الفن منذ منتصف القرن العشرين حيث تم تأسيس الجمعية التشكيلية المغربية في (1964)، وإذا كنا نعرف الكثير من رواد هذا الفن من الرجال فإن الأمر لا يخلو أيضاً من الرائدات التشكيليات ومنهن على سبيل المثال الفنانة (مريام امزون) التي تعتمد في إبداعها على دراسة الأكاديمية مكنتها من معرفة أصول قواعد الرسم وآليات التشكيل التي تلقتها في معاهد إسبانيا. كما نرى أيضاً حضوراً لعدد من التشكيليات المغربيات في المحافل التشكيلية العربية وغيرها منهم الفنانة (مليكة اكزناي) (فاطمة كبوري).

التشكيليات في لبنان:

يمتد تاريخ الفن التشكيلي في لبنان من عام 1915 مر خلال سنواته اللاحقة بفترات ذهبية حيث أخذ هذا الفن مكانته وحضوره العالمي إلى أن حلت الحرب الأهلية في السبعينات التي كادت أن تأكل الأخضر واليابس وتحرق الأعمال الفنية لرواد الفن التشكيلي اللبناني إلا أن المعرض الذي حمل عنوان 50 عاماً من الفن التشكيلي في لبنان الذي احتواه قصر الأنسكو في بيروت عام الألفين واشتمل على مجموعة الأعمال التي تملكها الدولة كان محاولة ناجحة لإحياء الذاكرة الفنية اللبنانية التي كادت تلتهمها تلك الحرب ولهذا يمكن القول أن لهذا الفن حضوره المبكر في لبنان إلا أن انتشاره العالمي أكثر من وصوله إلى العين العربية سوى القليل من بعض الفنانين الذين ساهموا بنشره وأقاموا له معارضهم في العواصم العربية، ومع ذلك عادت الحياة مرة أخرى لهذا الفن كما هي حال كل المناشط الثقافية اللبنانية التي لا توقفها ظروف أو حروب فأصبحنا نشاهد الكثير من هذه الأعمال والمشاركات منها ما حظينا به في معرض الفن التشكيلي اللبناني بمناسبة الاحتفاء بالرياض عاصمة للثقافة عام الألفين ميلادي وشاهدنا أعمالاً للتشكيليات اللبنانيات الرائدات أمثال (سلوى شقير) المولودة عام 1916م وأقامت أول معارضها عام 1948م والفنانة (هيلين الخال) من مواليد 1923م خريجة الأكاديمية اللبنانية عام 1948م إضافة إلى الفنانات (سيسي سرسق) (نادية صقيلي) (لور غريب).

monif@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة