Culture Magazine Thursday  07/05/2009 G Issue 282
سرد
الخميس 12 ,جمادى الاولى 1430   العدد  282
مدائن
سعاد الصباح.. شعر حالم يعشق الخليج
إعداد - عبدالحفيظ الشمري

 

تنطلق الشاعرة الكويتية سعاد الصباح من قناعة ذاتية وشعرية بأن الأرض التي يمكن أن تحفل بنا ونحفل بها، بل نحن الموعودون فيها بفرح يسري بأوصالنا، لتتغلغل خطابتها الوجدانية في مسيرة حياتنا، بل هي التخوم الموعودة بنا رملاً وبحراً.

في شعرها سكنت الدانات الوجدانية كل تضاعيف القلب، وشغفت كالشعراء في بيان مجد الوطن الكويت، والأنحاء الأثيرة المتمثلة بالخليج الذي لم يكن يوماً من الأيام سوى رمل وبحر وبعض أناس يعيشون على شواطئه متعبين من سهر البحر، ومن شقاء البحث عن اللقمة، لكن ليل البحر والراحلين في تضاعيف الخليج لم يقفوا عند حدود البحث عن قوت، إنما فتشوا عن الحب والحياة، وعمدوا بكل ما أوتوا من حب أن يصوغوا معادلة الحياة التي تشتشرف حقيقية التاريخ.

فمثلما يتغنى شعراء البحر الكاريبي الحالمين بمجد بلادهم المترامية.. تلك التي تخاصر البحر، وترقد على أطرافه، ومثلما يعزف الرجال والنساء المثخنين بوهج الشعر مجد جبالهم (الإنديز) الذين ينظرون إلى سموقها ببشر طاغ، وغبطة سادرة في بأن لهم وطن قيم في أعالي الجبال وقمم البهاء.. أوَليس من حقنا أن نتغنى بالوطن الخليج؟!.. على نحو ما تدوزن فيه الشاعرة سعاد الصباح مقاطع من حب فاتن لوطنها الكويت:

(يا أمنا الكويت،

ضمينا إلى صدرك بعد غربة

فنحن من دونك يا حبيبتي

جيش من الأيتام

ونحن من دونك يا حبيبتي

لا نعرف الحب، ولا الدفء،

ولا السلام.

ونحن من دونك مسافرون

ضيعوا خارطة الشهور،

والأيام.

ونحن من دونك يا حبيبتي

حمائم قد نسيت مبادئ الكلام)

فالشاعرة سعاد شغلت بالمدن التي تحاذي البحر كتبت عن معاناة أهله لا سيما النساء في الخليج، حتى إن كل النساء بتن مدائن تسكنها قصص الحب، والنجاح والطموح وشموخ الذات.

لم تشأ يوماً أن تغادر الخليج، ولو حتى في قارب الشعر، إذ ظلت تستكين في حب مدن البحر، فحينما تكون في أمس الحاجة إلى بلاد بعيدة لا تجد سوى الشعر تقرب فيه المسافات، لتتوه وجداً في بلادها، لتحقق للذات حب الوطن، وهو أغلى ما تريد، لأن وجد الشعر اللاعج وحده من يصوغ مفردة الخطاب بالحزن حيناً، وبالفرح أحياناً أخرى، لترتسم حالة من العاطفة المتوردة حباً لهذه المدن الناهضة للتاريخ والحياة.

في قصائد سعاد الصباح ذود ليس عن حمى القبيلة التي تحاذي البحر فحسب إنما عن مجد الإنسان وكرامته، فلم نعد نحن أبناء الريف أو البحر الذين قد لا نرى على خارطة البشر حتى وإن رأينا ذواتنا أحياناً.

لقد هجست الشاعرة سعاد الصباح كثيراً بأمر وجودنا، وصاغت لنا من المفردة الشعرية خطاباً يقول لمن حولنا نحن هنا.. فلم نعد نحن نفط يا سادة البيد وعبيد المدن، إنما من بيننا وإن كانوا قلة من يحرثون الأيام بحثاً عن كنز مجدهم.

تلك ليالي الخليج العابقة بالحب والسهر حول نار خباء يعد بأن يكون يوماً شيئاً ما يسكن معادلة البهاء، فها هم البدو والبحارة ينتفضون من أجل الحياة ليعيدوا مجد الإنسان على ضفافه.


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة