Culture Magazine Thursday  07/05/2009 G Issue 282
شعر
الخميس 12 ,جمادى الاولى 1430   العدد  282
قَبائلُ النِّسْرِين !!
هامشٌ على قرطاسِ المُتَنَبّي ..
شعر - فهد أبو حميد

 

قال أبو الطَّيِّب المتنبي:

يقولونَ لي ما أنتَ في كُلِّ بلدةٍ

وما تبتغي ما أبتغي جَلَّ أنْ يُسْمى

وبالرَّغم من أنَّ المتنبي بدا في هذا البيت مفتخراً بمبتغاه السَّديميِّ الذي يَجِلُّ عن التسمية إلا أنَّ هذا البيت في رأيي الشخصي ينطوي على شعورٍ عارمٍ تكتنفه الغربة والغرق في طوفان تجاهل الناس واحتقارهم للشاعر.

ولأن مآسي الشعراء تتناسلُ فلقد تَوَحَّدَت (قصائدهم - قصيدتهم) فيقول شاعرٌ فيُؤمِّنُ ألف شاعرٍ بَعدَه على قوله مُتَبَتِّلينَ في هيكل رثاء الذَّات رثاءً يفضي إلى إقامة متاحف شعريَّةٍ أبَدِيَّةٍ يدخلها الناس مستشرفين نَفَحاتٍ من أطياب الشعراء تلك الأطياب المنتصرة على رائحة الجثامين التي أسرف الشامتون في التمثيل بها.

من مشكاة ذلك البيت الخالد كَتَبْتُ قصيدتي هذه وأسميتها (قبائل النِّسرِين) أَتَوَكَّأُ فيها على قول إمام الشعراء مُؤمِّناً على إنشاده غيرَ محيطٍ بالمأساة وَصفاً ومبتغاي هو إجابة السؤالين الأليمين (ما أنت!!! ما تبتغي!!!)

(الفتحة على حرف الرويّ في القافية تُنطَقُ ألِفَاً عند الإنشاد ولكنني سألتزم الكتابة الإملائية الصحيحة)

قَبائِلُ النِّسرِين!! هامشٌ على قرطاسِ المُتَنَبّي..

ماذا تَرينَ إذا نَسيتُ كتابا

للَّيلِ يَبذُلُ دِفَّتَيه إهابا

بالرَّمزِ يَفتَتِحُ النَّثيثَ وينتهي

بنبوءةٍ يجلو بِها الأَحقَابَ

أترينَ إرثَ الغَيمِ قُربَ جِنازةٍ

مَسَحَ الجَلالُ بِعِطْرِها أثوابا

(فَتَنَاسلَ النِّسْرِين)!! كُلُّ قبيلةٍ

أنثى تَشُقُّ لوِتْرِها مِحرَابا

أترينَ وجهي بَعدَ ألف حكايةٍ

عِهْناً وغَمضةَ مُقلتيكِ ثِقابا

فَلِشهرزادَ الآنَ (ثورةُ لَحْدِهَا)

و لَهَا الشواطِئُ نَورَساً وعُبَابا

و لِشَهريارَ زوارقُ القَلَقِ التي

مَخَرَتْ وَراءَ الأمنياتِ سَرَابا

يا هاجسَ الخَلَوات دُونَكَ عَثْرَتي

هاتِ الظِّلالَ ولاَمِسِ الأوصابَ

هَبني ثَرَى الأريافِ.. أنتَ بحَفنَةٍ

قَرَوِيَّةٍ تَستَنفِرُ الأعصابَ

فَتَجيئُكَ القَسَمَاتُ خَلفَ زحامها

رَجُلٌ تَلَثَّمَ بالشؤونِ فَشَابَ

فإذا (بقافيتي حَياءُ صَبِيَّةٍ)

تُرْخي على (شَهْدِ الظُّنونِ) نقابا

يا هاجسَ الخَلَواتِ إنْ سَأَلَ المدى

عن مَعشَرٍ عَبَروا الدُّهورَ إيابا

فأنا (و أرملةُ الحروفِ) عشيرةٌ

زَحَفَتْ إلى فِرْدَوسِها أحزابا

بِتْنا على شَظَفِ المدادِ.. رضيعُنا

سَهَرٌ.. وكانَ رَمادُنَا عَرَّابا

لَكَأَنَّنَا الفَلَوَاتُ فَوقَ شِفَاهِها

نَفَثَ العَرَارُ لِيُلْهِمَ الأعرابَ

وأنا وأغلالُ الرَّحيلِ تَجُرُّني

صَوبَ العيونِ تُوَارِبُ الأبوابَ

ذُعري من النَّظَراتِ (ذُعرُ قصيدةٍ)

لَقِيَتْ على مُهَجِ القلوبِ حجابا

أَحبُو إلى ضِيقِ السُّؤالِ كَأَنَّني

قَبلَ الحِمَامِ أُنَاكِفُ الأهدابَ

ما أنتَ!! وانكَفَأَتْ سِلاَلُ قريحتي

عَبَثَاً وعُدْنَ إلى الشُّعُورِ عِقابا

(ما أنتَ) أضيقُ مِن غموضِ حقائبي

و أَمَرُّ مِن سَعَةِ الخَريفِ جَوابا

(ما أنتَ) تَسرِقُ للزُّجَاجِ ملامحي

عَطَشاً وتَحشُرُ في الكؤوسِ يبابا

ما تبتغي!! وقَبَضتُ أول جَمرةٍ

نُسِجَتْ على بَشَرِيَّتي جلبابا

(ما تبتغي) ينداحُ تحتَ رِدَائِها

أَرَقي وتَلتَحِفُ الدَّواةُ عِتابا

ما تبتغي!! ووَثَبتُ (فَوقَ رياحها)

(قَلَقاً) يسيلُ على الخيولِ شَبابا

فَفَضَحتُ (ألغازَ الحياةِ) بِجُثَّةٍ

طَفَحَتْ على زَبَدِ الرِّثاءِ عَذَابا

أصغي إلى ضحك الحتوفِ ومُهرَتي

تعدو وتوغِلُ في القبورِ غِيابا

و هناكَ من أقصى العزاءِ يَؤُزُّني

كَفَني لأَنهَضَ للسُّرَاةِ خِطَابا

لَمْ تَقْتلوني!!! فالضَّريحُ قصيدةٌ

نَزَحَتْ بأَنفَاسِ الغَريبِ ذهابا

لَمْ تَعرفوني إذ وَضَعْتُ عمامتي

فَفَرَشتُها جِهَةَ الخلودِ رحابا


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة