جاء في لسان العرب: غزا القومَ غزواً وغزواناً وغزاوة، سار إليهم قاتلاً وناهباً فهو غاز وغزي، جمعها غزاة.
رأيت غازي القصيبي مرة وحيدة في باريس، يوم جاءها بكامل عدته الثقافية والدبلوماسية لكي يتنافس على منصب المدير العام لمنظمة الأُمم المتحدة للتربية والثقاقة والعلوم (يونسكو). كان هناك مرشحون عدة، لكن المعركة النهائية انحصرت بينه وبين المرشح الياباني كويشيرو ماتسورا. ولم أر أمامي إلاّ قامة ضخمة ووجهاً بشوشاً يغزو المعاقل بملاحظة لماحة أو تعليق ذكي أو طرفة تأتي عفو الخاطر.
سألته، في لقاء جمعه مع الصحافيين العرب العاملين في باريس: (كيف أستطيع أن أخدمك في حملتك للفوز بالمنصب؟).
رد: (لن ينفع شيء سوى أن تهجمي على المرشح الياباني وتقضي عليه).
قلت: (صحيح أنه ضئيل القامة لكنني، بالمقابل، لا أملك قامتك).
قال: (ألا تعرفين أن أي امرأة تستطيع أن تهزم أي رجل؟).
لم أهجم على الياباني ماتسورا. وفاز، تبعاً لذلك، بمنصب المدير العام. لكنني ما زلت، كلما دخلت إلى ذلك الصرح المعماري الأزرق الذي تتساقط على شرفته أنوار برج (إيفل)، أتخيل شكل الإنجاز الاستثنائي الذي كان في مقدور المرشح العربي غازي القصيبي أن يحققه لو تولى دفة هذه السفينة الناطقة بلغات برج بابل.
باريس