أعود إلى القاعات التشكيلية لأهمية الموضوع فالدور الذي قامت به مبكرا هو دور ريادي بدأ في جدة والمنطقة الشرقية والرياض وعندما نعود إلى الوراء قليلا فسنجد المدارس أو الفنادق أو بعض الدوائر الحكومية أو الاندية هي اماكن العروض التشكيلية لكنها أماكن مؤقتة وينحصر الحضور فيها على يوم الافتتاح لأن الجهة المنظمة يهمها اليوم الاول وهو يوم مجاملة المفتتح غالبا.
الاعوام الاخيرة شهدت المملكة ظهور قاعات عرض جديدة تفاءلنا ببعضها فالامكانات المتاحة والموقع قد يؤهلان لنجاح المهمة والحركة التشكيلية السعودية شهدت خلال الاعوام الاخيرة نشاطا كبيرا ومتواصلا وكانت جدة مركزا له منذ هيأ له في جدة أمينها محمد سعيد فارسي الذي وضعها محط انظار الزوار خاصة من خلال المنحوتات والمجسمات والاعمال الفنية الميدانية التي ملأت ميادينها وشوارعها لفنانين بعضهم شهير عالميا، وواكب هذا الاهتمام اهتمام آخر بازدياد القاعات فظهر بيت التشكيليين وقبله كانت روشان وتاج وردك بلازا اما في المنطقة الشرقية فلم تتعد القاعات التراث العربي وقاعة انماء التي أقفلت سريعا ولها مثيلات في جدة، والرياض التي ظهرت فيها حوار وخزامى وقبلهما الشرقية وشذا وغيرهما.
تقوم القاعات الفنية بدور كبير في رسم علاقة بالفنان والمجتمع، والقاعة يهمها تسويق الاعمال الفنية لكسبٍ مُشترك بين ثلاثة اطراف(القاعة والفنان والمقتني) ومن هنا وضعت كل قاعة سياسة تتحرك على ضوئها فكانت بعضها تهتم بالمشاريع التي تجني منها ارباحا كبيرة بعيدا عن الاعتبارات الفنية ذات العلاقة بالفنان المحلي، وان اوجدت لهذا الفنان مكانا فهو محدود وبسيط، اما البعض الاخر فهي أكثر موازنة بين اقامة المعارض ومشاريع التجميل وقد يكون لبعض القاعات تعاملها الخاص مع بعض الفنانين الذين يبتاعون اعمالهم بقليل من المال.
أتذكر ظاهرة خطيرة برزت في جدة قبل أعوام عندما كان كثير من الفنانين يرسمون ويبيعون اعمالهم بالمتر(الف ريال)، ووضعت بعض القاعات نظاما يكفل عملا متواصلا فالاولوية لمن يدفع من الراغبين في العرض بعيدا عن المستويات الفنية التي تقدمها.
تعدى دور القاعات الفنية ذلك عندما انفتحت آفاق جديدة على العمل التشكيلي المحلي أو الخليجي او العربي عموما وسنجد ان بعض هذه القاعات تتخذ طرائق تكفل لها الكسب ولو على المدى البعيد ونجد أن مقتني الاعمال الفنية ازدادوا في الأعوام الأخيرة، بل إن بعضهم يقيم خارج المملكة ولأنه يمتلك نظرة بعيدة فإنه يتجه بين فترة وأخرى إلى فناني المملكة للشراء منهم وهنا لا بد من الاشارة إلى أن المستوى الفني التشكيلي في المملكة يأخذ في التصاعد والأسماء المتميزة تزداد، أما بعض القاعات فإنها مقابل ذلك تتجه إلى الخارج أكثر من استثمارها ونفعها داخل البلاد.
لا أريد التسمية لأننا بالمقابل سنجد معارض تجلب من دول خليجية أو تتخذ صبغة خارجية أكثر من الداخل وأرى أن إحدى هذه القاعات على أهميتها و(أؤكد على ذلك) لم تقم منذ قيامها وعمرها أكثر من ثلاثة أعوام لم تقم معرضا لفنان سعودي واحد بينما اتجاهها الخارجي واضح، والبعض الآخر من هذه القاعات تبدي توجها خارجيا في عروضها مكتفية ببعض الأسماء السعودية القريبة جدا.
عن إحدى القاعات المحلية حدثني أحد الأصدقاء في المغرب أن مديرها أتاه ليشتري منه أعمال بعض الفنانين المغاربة الشباب، ونحن في المنطقة الشرقية (على الأقل) لم نسمع عن قدومه إلينا ليبحث عن أعمال فنانين شباب أو كبار، وما أكثرهم؟؟.
ارت باريس ابوظبي الذي استضافته العاصمة الاماراتية مؤخرا لم يكن لأي من قاعات العرض في المملكة أي حضور، كما لم يكن للفنان التشكيلي ذلك عدا أعمال فيصل السمرة في إحدى القاعات العربية.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب «7177» ثم أرسلها إلى الكود 82244
الدمام
aalsoliman@hotmail.com