Culture Magazine Monday  27/10/2008 G Issue 258
سرد
الأثنين 28 ,شوال 1429   العدد  258
 
قصة قصيرة
رواية
إبراهيم بن علي الدغيري

 

 

-1-

لم يدر في خلد (حسن) أن روايته التي رأت النور قبل أشهر ستكون حديث الإعلام!

مئتان وستون صفحة فقط! جعلت اسمه يتردد على ألسنة المثقفين ونقاد الرواية على وجه الخصوص..!

الإعلاميون جعلوا منها (حدثاً) مهماً من أحداث العام الجاري، بل وراهن بعضهم على أنها ستكون الحدث الأوحد.

-2-

ثلاث سنوات.. نعم ثلاث سنوات كانت بين البدء والنهاية.. حتى كان عمله جاهزاً للطبع.. وطُبع.. ونُشِر.. وقُرئ على نطاق واسع، وبدأت القراءات النقدية الموجبة تشحن همم القراء ومتابعي الأدب على البحث عن الرواية وقراءتها، حتى تصدرت عنواناً مهماً يبحث جميع المؤلفين عنه (أكثر الكتب مبيعاً)!.

-3-

بدأ الإعلام يطارده، والفلاشات بوميضها السريع تعكس ابتسامة - على صفحات الجرائد - طال فقدها، وتعددت الحوارات، وقال ما آمن به حول الرواية؛ حديثاً لم يجرؤ على البوح به من قبل، وأخذت الحوارات الإعلامي تأخذ منحى آخر؛ فبعدما كانت تدور حول الأدب وهمومه، انتقل الحديث إلى ما هو شخصي، وتجرأ بعض الإعلاميين على سؤاله عن خصوصيات لم يجد بداً من الإجابة عنها. ورغم ذلك!.. نسي أغلب حواراته مع وسائل الإعلام على تنوعها.. إلا حواراً واحداً كان في مقابلة فضائية على إحدى القنوات المشهورة.. ذلك الحديث الذي لا يعلم كيف تفوَّه به، والذي خسر بسببه الكثير وما زال يخسر!

-4-

- أستاذ (حسن) هل لنا أن نقول: إن وراء روايتك الناجحة أحداً ساندك؛ زوجتك مثلاً؟

- ربما أجاملك وأقول (نعم) كحال كثير من الجبناء الذين ينسبون نجاحهم لزوجاتهم!

- ثلاث سنوات وأنت تكتب الرواية، ولم تكن زوجتك عامل نجاح فيها؟!

- المرأة أنانية بطبعها! تريد الاستحواذ على الرجل وعلى وقته، وترى أن انعزال الرجل (قارئاً وكاتباً) نوع من الاختطاف، فهي تبغض المختَطِف.

- تبدو هذه الكلمة (قاسية) ألا تحسب تبعاتها؟

- أنا وصلت إلى مرحلة أن أكون مسؤولاً عما يصدر عني مسؤولية كاملة.. فما مررت به يعتبر حالة (تجربة) ولست شخصاً (نظرياً) يتحدث من واقع ثقافة مكتوبة تلبَّسها من غير تجربة.

- ولكن تجربتك تجربة فردية وحالة خاصة؟

- لا أريد تكراراً لحديثٍ قُلتُه.. فكثيراً من التجارب التي اعتمدت كمناهج حياة.. كانت تعبِّر عن حالات خاصة وأنا لست بدعاً منهم!

- ألا تخشى أن يؤثر هذا الحديث الصريح على علاقتك (بزوجتك)؟

- أنا أتحدث عن واقع معاش يقاسيه كثير ممن يمسك القلم.. كاتباً، أو الكتاب.. قارئاً، وأعتقد أن من يمسك بهما لا بد أن تتأثر حالته الاجتماعية، وأيضاً النفسية، وأستطيع أن أقول بملء فيَّ: (إن وراء كل حالة نفسية سيئة للرجل.. امرأة)!!

-5-

شهر واحد مرّ على هذا الحوار: به ازداد شهرة، وانقسم الإعلام حوله بين مؤيد ومعارض.. القريبون لاموه على صراحته الزائدة.. التي بسببها أصبح وحيداً.. وحيداً بعد نقاش حادٍ مع زوجته..

وصمت مطبق بينهما بعده دام أياماً، ليؤسس لعزلة موحشةٍ لم يكسرها ضجيج الإعلام في الخارج.. وليجترّ وحدةً.. وآلاماً رأى من خلالهما.. اندفاعاً أنسياه لذّة النجاح وبريق الشهرة.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة