قبل العيد (أعاده الله علينا والوطن بخير) كنا نتحدث في آخر مقال عن مجموعة أطلقنا عليها مصطلح (خارج السرب) وهم الفنانون والفنانات الذين يقيمون خارج ما يسمى بدائرة الضوء، أو المدن الكبيرة ذات النشاط التشكيلي الكثيف وخصوصاً النشاط المنظم من قبل الجهات الحكومية.
إن سماع معاناة هؤلاء بالطبع تثير الحزن والرغبة في البحث عن طرق لتوفير الفرص لكافة الفنانين في كافة المناطق، وهو موضوع سعت إليه وزارة الثقافة والإعلام سابقاً عبر الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بفروعها المتعددة، وإن كانت هناك إشكاليات لدى البعض في أدائها.
أيضاً أقدر أن ساكن المدن الصغيرة لن يحظى بما يحظى به ساكن العاصمة من أنشطة تشكيلية تصل إلى حد التخمة كماً وكيفاً، أو سهولة المشاركة والحضور والتعريف بنفسه على أقل تقدير، وإذا كان الحال كذلك للرجل فماذا تتوقع أن يكون الوضع عليه بالنسبة للمرأة التي يحيط بها عوائق أكبر تمنع انتشارها حتى وإن كانت من سكان الرياض؟
ولكن ومع ذلك لن (نكبر أربعا) على هذه الفئة، لعدد من الأسباب أهمها أننا اليوم نعيش ثورة معلوماتية واتصالية، ونستطيع أن نتواصل افتراضياً مع من هم في كندا أو أستراليا أو اليابان بلمسة زر، كما أصبح لدى الفنان وسائل إيصال أبلغ من العرض في المعارض، فالمعرض المحسوس أو الفعلي لا يزوره سوى عدد محدود، يقل قليلاً فقط عن عدد الذين تصلهم مطبوعة ذلك المعرض، إضافة إلى أن تكاليف المعارض تحد من أن تمتد لأكثر من أسبوع أو عشرة أيام، بينما المعارض الافتراضية على الشبكة العنكبوتية تصل على غرفة الجلوس في قرية في أقصى البلاد، لذا فباستطاعة من يصعب إيصال أعماله إلى الرياض وجدة أن يوصلها إلى باريس ونيويورك ولندن عبر الشبكة، إذا ألم بمهارات اللغة واستخدام الحاسب!.
أيضاً أعتقد أن الفنان الجيد وبجهد إضافي لابد وأن يصل إلى نقطة الضوء، حتى وإن احتاج الأمر لأن يتكلف مادياً أكثر من غيره في سبيل السفر والحضور والمشاركة، ولدينا أمثلة عظيمة في شباب لم ضاقت بهم نقط الضوء المحلية ليصلوا إلى العالمية مثل زمان جاسم المقيم في القطيف، وأحمد ماطر وعبدالناصر العمري المقيمان في المنطقة الجنوبية، وهم شباب في الثلاثينيات عرضوا وعُرفوا وأُشيد بهم محلياً وعالمياً بل يقودون حملة المجددين الشباب في التشكيل السعودي المحلي!.
لذا لا يجب أن نفقد الأمل أو أن نتكاسل فالطريق وعر وصعب ومكلف ولكن نهايته مثمرة، فإذا كنت تملك موهبة ورسالة ننتظر رؤيتها قريباً بإذن الله.