Culture Magazine Monday  14/07/2008 G Issue 255
تشكيل
الأثنين 11 ,رجب 1429   العدد  255
 

الجزيرة التشكيلية ساهمت وتساهم في دعمه
اتحاد الجمعيات التشكيلية إنجاز ثقافي يؤكد تواصل الفنانين في المنطقة

 

 

إعداد: محمد المنيف:

يسرنا اليوم أن نتحدث عن الحدث الأجمل والأهم في مسيرة الفنون التشكيلية المتمثل في تأسيس اتحاد لجمعيات الفنون التشكيلية الخليجية الذي جاء إشهاره في وقته المناسب، خصوصاً بعد اكتمال عقد الجمعيات بإشهار الجمعية السعودية للفنون التشكيلية التي كانت تمثل الحلقة المفقودة في هذا العقد، وكان لجهود عدد من التشكيليين في خليجنا الغالي دور كبير في زرع فكرة هذا الاتحاد ومتابعة نموها وخروجها إلى الضوء ابتداء من العلاقات الكبيرة بينهم ولوجود قواسم مشتركة في مجال إبداعهم ومصادر إلهامهم التي تتشكل من القيم والمبادئ والعادات والتقاليد القوية التي يتشارك فيها كل أفراد المجتمع الخليجي؛ لهذا وبما يحمله التشكيليون من طموح وبُعد نظر لمستقبل هذا الفن وأهمية التلاحم بين الفنانين كان لهم وبجهودهم ومتابعتهم أن تحقق لهم هذا الاتحاد الذي يحمل في أهدافه ما يخدم التشكيل الخليجي ويضعه في إطاره السليم تجاه المتغيرات الثقافية ومنها التشكيلية التي تواجه العالم بأسره؛ حفاظاً على مقوماته وخصوصيته وهويته.

إشهار الاتحاد.. الحدث الأجمل

هذا الحدث الأجمل جاء قبل فترة قليلة لا تتجاوز الشهر؛ حيث سعدنا بالمشاركة بنشر خبر إعلان رؤساء الجمعيات التشكيلية عن تأسيس اتحاد جمعيات الفنون التشكيلية ومراكز الفنون بدول مجلس التعاون؛ حيث أسفر الاجتماع الذي عقد مساء الخميس 19 يونيو من هذا العام في مقر جمعية البحرين للفنون التشكيلية، بحضور ست جمعيات تشكيلية خليجية، عن انتخاب رئيس الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية عبد الرسول سلمان رئيساً أول للاتحاد، كما جرى اختيار دولة الكويت الشقيقة مقراً له.

وجاء هذا الاجتماع تتويجاً لاجتماعين سابقين، كان الأول بدعوة من الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية لرؤساء وممثلي جمعيات الفنون التشكيلية بدول مجلس التعاون، وعقد في 27 - 28 أغسطس 2006، في مقر الأمانة العامة بالرياض؛ حيث تمت الموافقة على فكرة تأسيس اتحاد لجمعيات الفنون التشكيلية بدول المجلس، وأُقر فيه النظام الأساسي للاتحاد، وعليه تم الاجتماع الثاني لرؤساء الجمعيات التشكيلية في 27 - 28 مايو الماضي في الكويت؛ حيث استكمل النقاش وتداول الأفكار والمقترحات.

أما الاجتماع الثالث فكان في مملكة البحرين بحضور: مريم الزدجالي ممثلة الجمعية العمانية للفنون التشكيلية، وكل من عبد الرسول سلمان وعبد الكريم العنزي وفواز الدويش ممثلين عن الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية، وعبد الرحمن سليمان ممثلا للجمعية السعودية للفنون التشكيلية، ومحمد العتيق ممثلا للجمعية القطرية للفنون التشكيلية. ومن البحرين شارك كل من علي المحميد، وعبد الشهيد خمدن، وحنان الخليفة عن جمعية البحرين للفنون التشكيلية، وراشد العريفي عن جمعية البحرين للفن للمعاصر، وعبد الكريم البوسطة عن جمعية خزافي البحرين.

فيما تغيبت دولة الإمارات العربية المتحدة عن الحضور لأسباب غير معلومة؛ حيث نوقشت جميع الأفكار السابقة، وأقر الموافقة على تأسيس الاتحاد.

كما تمت التوصية برفع قرارات الاجتماع التأسيسي الثالث الذي عُقد بمملكة البحرين إلى الأمانة العامة لمجلس التعاون بدول الخليج العربية، وإلى التجمعات التشكيلية الخليجية كافة.

الهدف والطموحات

استخلص المؤسسون للاتحاد أهدافاً جديدة تساهم في تأكيد الأهداف التي تقوم عليها الجمعيات ولكن بمستوى أكثر اتجاهاً نحو أكبر مساحة لخدمة الفنانين في دول المجلس، كما جاء على لسان رئيس اتحاد جمعيات الخليج للفنون التشكيلية الفنان عبد الرسول سلمان رئيس الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية، مشيراً في حديثه إلى أن الاتحاد يهدف إلى توثيق الحركة الفنية في الدول الأعضاء من خلال تقوية الروابط والصلات بين جمعيات دول الخليج وفنانيها وغيرهم من الهيئات الفنية والفنانين العرب والعالميين.

والمساهمة في رعاية الحركة التشكيلية بدول المجلس وتقديم الدعم لهم من خلال متابعة حقوقهم وفق الأنظمة المتبعة في كل دولة من الدول الأعضاء، بالإضافة إلى الاهتمام بالفنان التشكيلي المبدع من خلال إتاحة الفرصة له للمشاركة في الملتقيات الثقافية والفنية على المستوى الإقليمي والدولي.

كما يهدف الاتحاد إلى تأسيس جيل ثان من النقاد الفنيين؛ وذلك لتشجيع حركة البحث والنقد الفني والتأليف والترجمة؛ ما يخدم الحركة الفنية بالمنطقة.

مؤكداً أن هذه الأهداف ستتحقق من خلال إقامة المحاضرات والندوات والمعارض وورش العمل الفنية وإقامة معرض سنوي لفناني دول مجلس التعاون في جميع المجالات الفنية يصاحبه عدة فعاليات فنية وثقافية.

مختتماً تصريحه بأن الاتحاد يسعى إلى إصدار مجلة إلكترونية لنشر البحوث والتعريف بالفنانين وأعمالهم.

فرع بديل لأصل مفقود

اتحاد التشكيليين الخليجيين يعيدنا إلى الوراء قليلاً لنتحدث عن اتحاد التشكيليين العرب الذي نعتبره الأصل، والذي ولد عام 1972م وأقيم أول مؤتمر له عام 1973م ببغداد مع ما تبع ذلك من مؤتمرات متقطعة إلى أن وئد في العراق قبل حرب الخليج الأولى وأصبح أثراً بعد عين، هذا الاتحاد الذي كان الفنان إسماعيل شموط أول رئيس له كاد أن يلم شمل التشكيليين العرب في وقت لم يكن لهذا الفن ما له اليوم من كثافة ونشاط عربي وعالمي وتفعيل من قِبل المؤسسات الرسمية والخاصة، خصوصا على مستوى الخليج، ومع ذلك كان لوجوده ما يشعر التشكيليين بقربهم من بعضهم البعض، إلا أن الظروف لم تكن كما يتمناه التشكيليون فبدأت شمس هذا الاتحاد تغيب تدريجياً إلى أن جاءت الحرب بويلاتها فاخفت معالمه؛ حيث قدر أن يكون مقره الرئيسي في بغداد التي شهدت ولا زالت تشهد ظروفاً صعبة في تحولاتها ابتداء من الحرب مع إيران مروراً بحرب الخليج إلى يومنا هذا..

هذا التراجع أو التوقف لدور اتحاد التشكيليين العرب مع ما كان ينتظر منه ومع ما يؤمل في عودته دفع بالتشكيليين الخليجيين إلى إنشاء الفرع الذي يعنى بجزء جغرافي له خصائصه وخصوصيته للالتفاف حول إبداعهم نتيجة الكثير من الأسباب التي كانت مهيأة منذ أن تأسس مجلس التعاون الخليجي، ومنها العديد من القواسم المشتركة كالبيئة الجغرافية والاجتماعية وما يرتبط بها ويشكل نمط حياة من يعيش على أرضها من قيم ومبادئ وعادات وتقاليد كانت ولا زالت مصادر إلهام لمختلف الأعمال الفنية لأبناء الخليج، فأصبح المنتج التشكيلي الخليجي معروفاً ومميزاً من بين مختلف الأعمال الأخرى.

تاريخ وإنجازات أفرزت الاتحاد

هذا الاتحاد الخليجي الذي كان هاجس التشكيليين الرواد قبل الشباب في هذا الخليج المعطاء لم يأتِ وليد فكرة آنية بقدر ما كان جزءاً من النظرة البعيدة المدى لكل تشكيلي غيور على منطقته وإبداعه وخصوصيته منذ أن تأسست الجمعيات التشكيلية في دول مجلس التعاون التي تشكل عقداً فريداً يشع إبداعاً وعطاء وخدمة لهذا الفن، وكانت الجمعية السعودية للفنون التشكيلية الحدث الأقرب بانضمام الفن السعودي من خلالها إلى ركب جمعيات الخليج، مقوياً فكرة إنشاء الاتحاد وحاضراً به بكل اعتزاز؛ حيث يشكل واقع الفن التشكيلي السعودي المساحة الأكبر في جانب العدد؛ ما سيثري الاتحاد ويسهم في إنجاحه. وإذا كنا قد أشرنا إلى أن هذا الاتحاد لم يكن وليد صدفة أو فكرة عابرة أو أن الفكرة أتت من فراغ بل من أرض خصبة فقد جاء باتفاق من أبناء المنطقة التشكيليين تمثلها جمعيات الفن التشكيلي في مختلف دول المجلس، وعلى مدى سنوات طويلة بدأ من المرسم الحر بالكويت عام 1959م، تبعها تأسيس الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية كأول جمعية على مستوى الخليج وذلك عام 1968م، ثم جماعة الفن المعاصر بالحرين عام 1971م، فالجمعية القطرية للفنون التشكيلية عام 1981م، ثم جمعية الإمارات العربية للفنون التشكيلية عام 1982م، وجمعية البحرين للفنون التشكيلية عام 1983م، إضافة إلى جمعية فناني الخزف بالبحرين.

جهود رسمية وفردية داعمة

أخذ أبناء الخليج منذ تأسيس جمعياتهم وحضور إبداعهم محلياً وعربياً إلى البحث عن سبل تقريب الجهود وإيجاد سبل المنافسة الشريفة بينهم دفعاً بالهمم وإشعال روح العطاء، فكان من التجارب السابقة والمناسبات المهمة في حراك الفن التشكيلي الخليجي إقامة العديد من المسابقات والمعارض المشتركة التي تجمعهم في حيز واحد يضفي على الساحة روح التعاون ويكسبهم المعرفة والاقتراب أكثر من همومهم منها على سبيل المثال المعرض الدوري لفناني مجلس التعاون الذي تقوم على إعداده وتنظيمه الجهات المعنية بالثقافة في كل دولة من دول المجلس بشكل دوري يمنح فيه جائزة السعفة الذهبية للفائزين فيه، إضافة إلى البيناليات في الإمارات والكويت التي تجمع غالبية تشكيليي الخليج مع ما تم القيام به من قِبل فنانين بجهودهم الخاصة، منها معرض مجموعة أصدقاء الفن التشكيلي الخليجي التي تعتبر أبرز تلك التجمعات وأكثرها نشاطاً وتحركاً وتبياناً لواقع الفن التشكيلي الخليجي مع أنه لم يكتب لها الاستمرار، وشملت عدداً متميزاً من فناني دول مجلس التعاون ومن مختلف أطيافه الإبداعية، وشارك في تأسيس المجموعة عدد بارز وأسماء رائدة.

مجلس التعاون والأمل المنتظر

لا يمكن الاختلاف على أن أي منجز مشترك بين أبناء الخليج على مختلف الصعد ينبع من الهدف الأكبر والأسمي الذي أُسّس عليه مجلس التعاون الذي أكد للعالم ما يتمتع به أبناء المنطقة من تلاحم وتماسك يصب في خدمة مجتمعهم الخليجي ويضفي على العالم بخيراته ومواقفه السلمية. ومن هذا المنطلق، ونظرا إلى وجود إدارة مختصة بالثقافة الخليجية بمشاركة القياديين لها ممثلين في وزراء الثقافة الخليجية، فإن عليها أن تنظر إلى مثل هذه الفعاليات والمبادرات من أبناء الخليج بعين الاعتبار والاستمرار فيما لمسه الجميع من إدارة الثقافة بالمجلس في أول اجتماع لهم في الرياض للتشاور في إمكانية تأسيس الاتحاد من دعم معنوي وموقف مشرف؛ فكان للتشكيليين هذه المحصلة. هذا الموقف لن يكون الأخير بل إن الأمل الذي يحمله التشكيليون بالمنطقة من المسؤولين في مجلس خليجهم كبير لدعم هذا الاتحاد الأول في مجالات الثقافة والفنون بأن يجد مختلف السبل لتسهيل المهام لتحقيق أهدافه التي تتعدى حدود المنطقة إلى العالم؛ ولهذا فالمسؤولية على الاتحاد كبيرة لن يكتب لها النجاح دون اكتمال أضلاع دعمها، ومن أهمها الدعم المباشر من مجلس التعاون.

monif@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة