Culture Magazine Monday  14/07/2008 G Issue 255
أوراق
الأثنين 11 ,رجب 1429   العدد  255
 
ُكنّا معاً
أميرة القحطاني

 

 

في الطائرة:

كنت أحمل (صبا الحرز) في حقيبتي يحيط بها (الآخرون)، كنا معا في الطائرة أنا وأنت وهي لوهلة ظننت بأننا وحدنا ولأنني لا ألتقي بك أردت الآخرين فعالمهم رغم نتانته أهدأ من عالمك! بعيدة كانت الحقيبة (فوق) وضعت يدي على حزام الأمان أطلقت صراح خصري وقبل أن أهم بالوقوف التفتُ عن يميني رأيت رجلا ينظر إلى بعينٍ وسخة.. وقحا كان ذلك الرجل وكانت زوجته تنظر إليه بانكسار شعرت بحرج لازمت كرسييّ واعتذرت ل(الآخرون) بلطف!

في تلك اللحظة التي لم أكن أملك فيها خيارا وجدتك أنت الأقرب، أخرجتك من ذاكرتي نثرتك أمامي بعناية فائقة وأخذت أقرأك، من صفحاتك الأولى بدأ جرحي معك، لغتك كانت عظيمة وكتابك كان آسراً، صغيرة كنت ذلك الشتاء رغم كبري وضعيفة (لك) حد العطش رغم ارتوائي.. كل الماء كان بيدك (ما أبخلك) حين أخذت تساومني على قطرة ماء وما أبشع لغتك حين سقطت عنها ورقة التوت!

في المطار:

أحاط بي (الآخرون)، متعة هي أن تقرأ لامرأة تعرف كيف تقطف الحروف الملونة وكيف ترصف الكلمات المبعثرة، مبدعة هي صبا.. فرغم كل تلك (القذارة) نظيفا كان عالمها.. طاهرا! مثلك تماما هذه الرواية (تحمل بين أروقتها العفة وتحمل المجون)!.

في الطريق إلى الفندق:

كوجه بيروت الدامي كانت تلك السيارة كل ما فيها ينزف.. البيوت خربة المباني مهشمة.. ليس على الشوارع شوارع! تذكرت داخلي وكيف أنك خلفته ركاما بكلمة واحدة.. برصاصة خرجت من فمك ولم تعد حولتني إلى (ساذجة) و(غبية) إلى عربية متخلفة تؤمن بحرية لا تشبه الحرية!.. مختلف هو عالمي عن عالمك بل عالمي عن عالمكم.. يا الله ما أكثركم يا الله ما أقلني!.

في الفندق:

كل ما في هذا الفندق يلمع.. النساء.. الرجال.. الزجاج.. الممرات.. الأعمدة.. المصاعد والغرف.. كل شيء في هذا الفندق (يشبهك) مبهر أنت للذي يرى كأول مرة وآخر مرة.!

في الغرفة (مساء):

حقيبتي على السرير شبه مفتوحة عباءتي على الكرسي بعضها سقط هنا وبعضها هناك كانت طويلة تعثرت بها عند باب الفندق (لا يهم) يعلوها وشاحي.. باهتا كان وألوانه داكنة.. حقيبة يدي على الطاولة بقربها هاتفي النقال يحملك في داخله نظارتي الشمسية سقطت (لا يهم) بها شرخ.. أيضا لا يهم سأشتري أخرى كل شيء يُشترى هنا.. كل شيء إلا (أنا).

قبل النوم:

أخبروني أنك كنت هنا ذلك الصيف.. الآن أخبروني.. يالها من مفاجأة.. هنا في هذا المكان؟ في هذه الغُرف؟ في تلك الممرات اللامعة وذلك المصعد؟ و........ بسرعة أخذت عباءتي الطويلة وضعت وشاحي الباهت حملت نظارتي المشروخة (لم تكن هناك شمس) تلمست تلك الجدران في كل ذلك الفندق علني أجد بعضك.. عطرك.. (خطاياك). توقفت عند سيدة جميلة تعمل في الأسفل تستقبل الضيوف ضحكت لها وضحكت من ضحكتي أو ربما ضحكت لي اقتربت منها سألتها هل مر من هنا ذلك الصيف؟ قالت: من؟! - والدهشة تملئ وجهها. قلت وكنت أرسم في الهواء: رجلا طويلا.. وسيما.. وقورا لكنه (يعشق النساء)!

في البلكون (صباحا):

اليوم الجمعة بحثت عنك بين الصفحات ولم تأت ولم أقلق كعادتي.. شدني لون السحاب الأبيض نظرت إلى الجبل ملء عيني.. تخيلتك هناك بين الشجر (الأخضر) تقطف العنب، كنت بقربي لكنك لم تكن لي لم يكن ذلك العنب يخصني ولم أهتم لأنني لم أعد أهتم أمسكت ب (الآخرون) أخذت أقرأ صبا من جديد وبين كل صفحةٍ وصفحة كنت أكتب سؤالا وأشطب سؤالا:

هل حقا أنا لم أعد (أهتم)؟!.

هل حقاً؟!

هل؟!

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتبة "7904" ثم إرسالها إلى الكود 82244

- دبي amerahj@yahoo.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة