تمهيد: ليس لهذا الحوار مناسبة.. ولا غرض! إنما هو محاولة للتغريد خارج سرب الكتابة التقليدية مستخدما الخيال الأدبي، أو قل إنه (نزهة) وجدانية عبر مفازات القلب وشطآنه زادها الأول والأخير: الخيال!
هكذا.. يبدأ الحوار.. وكذلك سينتهي:
هي: أراك شارد الذهن زائغ العين.. فيم تفكر؟!
هو: أفكر فيك.. وحدك أنت لا سواك!
هي: ولماذا أنا دون غيري من الأنام؟!
هو: لأنني منذ القدم صنعت لك من أضلعي أوتادا.. ومن شراييني حبالا، كيلا تغادري ساحة قلبي.. أبدا!
هي: أغزل هذا.. أم فلسفة.. أم أضغاث أحلام؟ اعذرني إنني لا أفهم ما تقول!
هو: ولماذا لا تفهمين؟
هي: لأنك لا تقول ما يفهم؟
هو: أيّنا الآن.. يطلق الأحاجي أمام الآخر؟!
هي: كلانا!
هو: اعترافك هذا.. يقربك مني خطوة!.. سأهون عليك الأمر.. رغم أن ما قلته لك بدءا كان واضحا، لا حيرة فيه ولا غموض يستعصيان على الفهم! وفهمك أنت بالذات!
هي: حاول!
هو: أنا أفكر فيك لأنك وحدك.. لا سواك.. ملء سمعي وبصري وفؤادي!
هي: ها قد عدنا إلى الأحاجي!
هو: يقولون إن للمشاعر لغة لا يدركها سوى من يعنيهم أمرها!
هي: أفصح!
هو: لولا أنني أزعم معرفة حقيقة شعورك نحوي.. لقلت أنك لن تفهميني أبدا!
هي: وما الذي يمنحك ثقة المعرفة بشعوري حيالك!
هو: أو تشكين في ذلك؟
هي: لا أعرف إن كان ما تقوله أنت هو الحقيقة؟
هو: أكرر سؤالي: هل تشكين في ذلك؟
هي: أكاد من فرط شكي فيك.. أشك في نفسي.. والحيرة تحاصرني في كلا الحالين!
هو: ولم الحيرة.. إذا كنت صادقة فيما تشعرين به!
هي: لو كان الأمر قاصرا على صدق الشعور أو ضده، لهان الأمر.. لكن لاشك يبدد كل لحظة صدق!
هو: أنت واهمة.. حين تتحالفين مع الشك ضد نفسك.. وضدي!
هي: أراك قد انتقلت بالحوار إلى صعيد آخر، بعيدا عما بدأت به؟
هو: كلا.. سألتيني عما أفكر فيه، فقلت: عنك.. ثم تساءلت، مشككة في ذلك.. فانصرف الحديث نحوك.. وعنك وبقيت أنا حائرا.. أنتظر منك ردا على سؤالي الذي تتصدين له شكا وتساؤلاً!
هي: صدق القول إن الشعراء يقولون ما لا يفعلون! وأحسب أنك واحداً منهم!
هو: لست بشاعر كي تقحميني في متاهة الشعر.. ثم تتمنين الخلاص مني في تلك اللجة غرقاً!
هي: لكن ما تقوله أقرب إلى الهاجس الشعري من سواه!
هو: فليكن ما قلته لك هذا أو ذاك، ما الفرق؟ لكن دعيني أسألك بعد هذه الجولة اللاهثة من الجدل.. ماذا تظنين بي؟
هي: في حديثك نبرة صدق لا أنكره!
هو: الحمد لله.. ثم ماذا؟
هي: ألا يكفي أن تكون أنت صادقا.. كي أصدق ما تقول؟
هو: أراك قد عدت إلى أسلوب الكر والفر!
هي: كلا.. وكفاني يقينا بأنك صادق فيما تقول، ليزول بذلك شكي!
هو: كم هو جميل.. ما أسمع! ولكن؟
هي: ولكن ماذا؟
هو: ماذا عن شعورك أنت حيالي.. أهو بالقدر نفسه من الصدق والوضوح؟!
هي: لست أدري! ما قولك أنت؟
هو: ها قد عادت إليك الحيرة من جديد مجندة بالشك.. وعاد إلي قنوطي!
هي: كلا.. كلا.. لكنني لم أفكر فيك قبل اليوم قط.. حتى استمعت إلى حديثك؟
هو: وقبل اليوم.. بم كنت تفكرين؟
هي: لا أدري!
هو: حسبي اليوم.. أما الأمس فقد أضحى في ذمة نفسه.. نسيا منسيا!
هي: حسنا.. لقد أنقذتني من فتنة حوار جديد!
هو: إذن.. فلنقل إننا في هذه اللحظة نشهد ميلاد شعور جديد!
هي: مباركة هذه اللحظة!
هو: ومباركة أنت! لأنك أدركت أخيرا معنى الرد على سؤالك الذي بدأ به هذا الحوار!