وميض المجلات التشكيلية العربية عبد الرحمن السليمان
|
ظهرت مجلة الحياة التشكيلية مع بداية الثمانينات كمجلة فصلية تصدر منها أربعة أعداد في العام الواحد، وبداية تعرفي عليها كان من العدد الرابع الذي صدر في العام 1981م عن أشهر (تموز وآب وأيلول) ومنذ بدئها كان يرأس تحريرها الناقد طارق الشريف الذي عرفناه نشطا ودؤوبا ومهموما بالفن. حافظت هذه المجلة على سماتها وشكلها لسنوات طويلة، وبالمقابل تصنيفها وحتى كتابها إلى حد كبير. كان انتظامها في الصدور غير مستقر، فوجدناها تواجه هذه المشكلة لفترات وصلت في بعض الأحيان إلى أن تصدر ثمانية أعداد في عدد واحد. والواقع هو إشكالية عربية توقفت معها عدة مجلات، إلا أن الحياة التشكيلية بحرص وعدم استسلام القائمين عليها جعلتها تعود من جديد محاولة التغلب على صعابها وظروفها التي لم يحتملها غيرها.
شهدت هذه المجلة في الآونة الأخيرة تغيراً ابتداء برئيس تحريرها الدكتور عبدالله السيد، انعكس على عدة جوانب فيها، كالتبويب الجديد والهيئة القائمة عليها (الهيئة الاستشارية) وكذلك الاهتمام بالألوان وغير ذلك، مما أسهم في النهوض بالمجلة وبعثها في حلة جديدة وإخراج أيضاً، مع حفاظ واضح على مكتسبات ومنطلقات معها كان التأكيد على هويتها العربية السورية والعالمية. صنفت موادها إلى علوم الفن ومقابلة مع فنان، وفنان عربي وفنان سوري وآخر عالمي ووضعت للتصوير الضوئي حيزا واضحا، ومعه استكتبت من جديد عدداً من الأقلام المهمة في الساحة السورية والعربية. وأجدها في حلتها الجديدة أكثر انفتاحا وجمالا.
توصلت منذ أسابيع إلى أعداد متلاحقة من المجلة، وهي أعداد سبعينية لاحق القائمون الزمن حتى لا تتأخر في الصدور متغلبين - حسب الظاهر - على الظروف الأزلية التي تواجه الإصدارات العربية الجادة والمتخصصة. وقد أسعدني هذا التواصل من القائمين على المجلة التي هي ما تبقى لنا كتشكيليين ومهتمين بالثقافة التشكيلية، بعد العديد من التجارب والمحاولات الجادة المتعثرة لأسباب كثيرة لعل أهمها (المادة) أو الدعم المادي، فمجلة فنون شرقية وهي آخر ما ظهر من مجلات متخصصة في الفنون التشكيلية تأخر ظهورها بعد عددين، وهي التي يتبناها شخص واحد كان متفائلاً بدايتها باستجابة قوية لانطلاق المجلة، وقبل ذلك أهم المجلات التشكيلية العربية (فنون عربية) التي صدرت في لندن في الثمانينات وبمظهر وجوهر ينمان عن مستوى رفيع أرادت المجموعة المثقفة التي أشرفت على إصدارها أن تكون عليه. وقاربتها أو قلدتها في عدة جوانب - مظهرية - مجلة الصورة، وصدرت في الشارقة عن دائرة الثقافة والإعلام وكنا أيضا تفاءلنا بتطور المجلة وانتظامها وغناها، ومع أن هذا الجانب من الأمور المقدور عليها في مثل حالة الشارقة أو غيرها إلا أن عدم انتظامها أو موسميتها أو تحركها حسب ظروف أو رياح الوقت يجعل من هذا الالتزام أو الانتظام صعبا أو شبه ذلك. من المجلات التي تنامت وفق جهد محدود تلك المجلة التي تصدرها جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، فبعد أن كانت تنسخ بالاستنسل نجدها اليوم مجلة ملونة منفتحة على التجارب العالمية، لعلها انعكاس للتجربة التشكيلية أو لبعض نماذجها في الإمارات العربية المتحدة، وظهرت مجلة باللغة الإنجليزية - تمنيتها بالعربية - في دبي هي كانفاس وصدر منها عددان -حسب علمي-.
المجلات التشكيلية في البلدان العربية لم تكن ذات يوم شكلا موازيا لهذه الحركة التي تجاوز عمرها القرن، ففي مصر وسوريا ولبنان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وربما تونس والسودان وغيرها لم يستمر الجهد الفردي لتثبيت عمل جاد منتظم يواكب الساحة العربية على الأقل بشكل دوري، يتمكن الفنان والباحث العربي أن يتواصل من خلاله مع العالم. ومع أن الثقافة بأهيمة الممارسة الفنية إلا أن هناك شبه محاولة لتغييب الدور الثقافي للفنان العربي، وهو أحد الإشكاليات التي تواجه الكثير منا.
وبقي التمني أن يتواصل صدور (الحياة التشكيلية) متغلبة على ظروفها، وأن تصل إلى الفنان والمثقف والمهتم العربي في أي بقعة عربية دون عناء.
aalsoliman@hotmail.com
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|