نص هل سيعود..؟ مريم الضاني
|
عادت السفينة بعد سفر طويل..
احتشد أهل القرية على الشاطئ.. كل يبحث عن حبيبه.. بدأ البحارة ينزلون من السفينة.. يحملون على ظهورهم متاعهم.. وكنوز البحر.
أخذوا يبحثون عن ذويهم.. بعض الأهالي يكبرون ويهللون ويعانقون أحبتهم.. أمهات يزغردن.. وأطفال يقفزون ويضحكون، وبعضهم يبكي ويهذي ويولول على موت حبيب ابتلعه البحر.. أما هي فلم تبرح عتبة بيتها الصغير القابع على طرف القرية القريب من الشاطئ تنتظر زوجها هاشم الذي أبحر على متن هذه السفينة. لم تذهب مع أهل القرية إلى السفينة الراسية على الشاطئ.. خشيت أن لا يعود هاشم.. فآثرت أن تمارس حزنها وقهرها.. وحيدة في بيتها جلست على العتبة تنتظر القدر.. وفي نفسها تضطرم الذكريات.. والسنوات الماضية.
اللحظات الحلوة التي عاشتها معه..
القلب الدافئ الكبير الذي احتوى يتمها ووحدتها
الحنان الذي عوضها به عن الأم والأب والناس أجمعين
حبه لها حولها إلى نجمة بعيدة يحلم الناس بالوصول إليها.. ولكنها لا تحب إلا هاشم حين كان يجلس متربعاً في ساحة البيت.. فوق التراب، فتضع رأسها على فخذه.. تعبث أصابعه في شعرها.. تنام أصابعها في كفه.. وتنام هي كطفلة صغيرة.
تفاصيله الدقيقة تعشقه حتى النخاع.. كفاه الخشنتان المشققتان من طول الكد والشقاء نبرة صوته.. ثيابه المنسوجة من رائحة البحر.. وعيناه الصغيرتان الممتلئتان بقصص البحر وأسراره.
ليس لها أحد في الدنيا بعد الله إلا هاشم.. طال انتظارها أمام بيتها.. لم يبق أحد من الناس على الشاطئ.. عاد أهل القرية إلى بيوتهم بأفراحهم وأحزانهم..
صمت الشاطئ وسكنت الأمواج.. لا أثر لهاشم.
وضعت رأسها بين ركبتيها.. وبكت.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|